الأخبار

بالفيديو| رصد ما يجري في «ثورة الدم» السورية: طائرات الأسد تحول طوابير الخبز إلى «أشلاء بشرية»

 

 

 

 

104321

 

 

 

 

 

 

 

 

رغم صغر سنه التى لم تتجاوز العقدين، وضآلة جسده التى لا تدل على الدور الذى يقوم به، فى نقل ما يحدث داخل مدينته حلب، يقف الشاب «سلطان»، كما يناديه أصدقاؤه فى لواء التوحيد، أكبر لواء يضم كتائب للجيش السورى الحر فى حلب، ليعرف آخر العمليات التى سوف يقوم بها اللواء لكى يرافقهم ويسجلها صوتاً وصورة، ويبثها بعد ذلك على كل القنوات الإخبارية العربية والأجنبية.

يترك الشاب هاتفه مع أصدقائه، ويودعهم بعد إبلاغهم بعض الوصايا، ألا يجيبوا على اتصال والده، وأن يدفنوه فى مقبرتين فى مسقط رأسه بسيف الدولة، حال استشهاده، ضاحكاً «بدى مقبرتين فى سيف الدولة أنا مو قليل»، يضحك أصدقاؤه قائلين «الوداع يا سلطان»، ينظر إلىَّ الشاب ليخبرنى أنه حان الوقت للنزول إلى مدينة حلب لأخذ جولة بها وبشوارعها.

الطريق من ريف حلب إلى المدينة يستغرق ساعة كاملة، إلا أن عمليات القصف المستمرة، التى دمرت الطرق، كفيلة لجعلها تستغرق ساعتين، وربما ساعتين ونصف الساعة، السيارة تهبط وترتفع بشدة من كثرة الحفر التى زينتها دبابات وقذائف الجيش الأسدى، نسمع صوتاً شديداً ونرى أعمدة الأدخنة من بعيد، يصرخ فينا أحد المارة بالتوقف لأن هناك طيراناً يحلق فى السماء.

نتوقف بجوار أحد المحال التجارية لمدة ربع الساعة، ثم نواصل سيرنا، ولكن ليس على الطريق الأسفلتى المهدم، وإنما عبر الأراضى الزراعية، التى يغطيها شجر الزيتون، الأرض طينية وغير مستوية، ما يقابلها صعوبة وبطء فى حركة السير، فضلاً عن ضيق الممر الذى يجعلك تتوقف لكى تسمح للسيارات القادمة فى عكس اتجاهك بالمرور.

يسأل السائق «سلطان» عن مقصده فى المدينة، فيجيبه «مستشفى أعزاز» بحى الأنصارى، لأنه يحمل مساعدات من قبل الهيئة العليا للإغاثة السورية، يحرك السائق رأسه، وبعد وقت ليس بالقليل، يتوقف بنا أمام مبنى محاط بحوالى 10 أشخاص مدججين بالسلاح، لينزل لنا المساعدات ثم يودعنا، وأعرف بعد ذلك أنه قائد كتيبة الأقصى الإسلامية.

ندخل المستشفى متوجهين إلى غرفة مديره، يرحب بنا بحفاوة شديدة، ثم يخبرنا أن هناك طبيباً مصرياً متطوعا بالمستشفى منذ شهرين، ويطلب من أحد العاملين بالمستشفى إيصالى به، صعدنا إلى الطابق الرابع حيث غرفة الطبيب المصرى، التى يشاركه فيها أحد الأطباء السوريين حديثى التخرج، ننتظر على الباب فالطبيب ما زال فى غرفة العمليات، يصعد الطبيب مهرولا، لا يصدق ما أخبره به صديقه، بوجود مصريين فى المستشفى، ليظهر أمامى طبيب يبدو عليه أنه فى العقد الثالث من عمره، يصافحنى بحفاوة فيما يعد لنا زميله السورى كوبين من الشاى الساخن لمواجهة برودة الطقس.

يسألنى الطبيب عن الأحوال السياسية فى مصر، ثم يخبرنى بصعوبة الأوضاع فى سوريا مردداً «مهنتكم دى صعبة جداً، فيه صحفية لسه قابضين عليها فى السودان ورجعت فى الطيارة مع رئيس الجمهورية وتيجى هنا؟»، ابتسمت وأخبرته أن مهنة الطب لا تقل أهمية عن الصحافة فكلاهما تتم ممارستها فى ظروف صعبة.

أحمد محمد، إخصائى تخدير وعناية مركزة بوزارة الصحة، هكذا عرفنى الشاب الذى تحاصره مئات الذكريات والقصص لمن عالجهم فى المستشفى منذ وصوله، فما زال يتذكر آلام التى جاءته المستشفى مصابة بشظايا ومعها ولدان عمرهما 10 و12 سنة ورضيعة لم تجاوز 3 أشهر، لم يصب منهما سوى الأم والطفل الأكبر، الذى وصل المستشفى دون رأس.

لم تتوقف الإصابة عند الأم وابنها فقط وإنما وصلت إلى شقيقها الذى أصيب بطلقات قناصة عندما كان فى طريقه إلى شقيقته فى المستشفى للاطمئنان عليها وعلى أولادها، فالقنص فى سوريا أصبح شيئاً معتاداً لدرجة أن متوسط الحالات التى تصل المستشفى يزيد على 50 جريحاً، بحسب كلام الطبيب المصرى.

موقف آخر ملتصق بذاكرة الطبيب الشاب وهو عندما كان يتناول فطوره الرمضانى مع مجموعة من أصدقائه السوريين، ثم ودعهم واستقل سيارة أخرى ليصل الطبيب إلى المستشفى ويجد أصدقاءه فى انتظاره بعدما سقطت على سيارتهم قذيفة من قبل الجيش الأسدى أصابت كل من فيها.

القمامة تنتشر في أنحاب مدينة “حلب”

الإصابات التى تأتى إلى المستشفى لا تفرق بين رجل وطفل وامرأة وشيخ، فالجميع سواء فى نظر الأسد وجيشه، قائلاً «بييجى لنا أطفال صغيرين لابسين حفاضات وكل أجسامهم شظايا وأطفال من غير رؤوس وأغلب إصابات القنص تكون فى الصدر والرأس والرقبة والـ 99% من إصابات الصدر والرقبة تنتهى بالوفاة، أما الرقبة فهناك أمل كبير فى الشفاء».

داخل إحدى غرف المستشفى رقد طفل فى الثانية عشرة من عمره برصاصة فى عنقه، رغم تعبه استقبلنا بابتسامة مردداً «بشار كلب وخاين وعميل» شجاعة الطفل قابلتها والدته بخوف كبير ورفض لأن يكمل ابنها حديثه معنا، بحجة أنه مدنى وظهوره فى الإعلام ربما يكلف أسرته الكثير، خاصة مع وجود أقارب لهم فى دمشق.

احترمنا رغبة الوالدة الخائف قلبها على أسرتها الصغيرة، وودعنا الطفل بابتسامة كلها صمود وشجاعة رغم صعوبة حالته المرضية، صوت آهات وآلام شديدة جاء ناهياً زيارتنا للطفل الصغير، توجهنا سريعاً إلى مصدره لنجدنا أمام غرفة الطوارئ، وإذا باثنين من الجيش الحر مصابين بإصابات قنص فى القدم، كانت مصدر آلامهما، حاول الأطباء إسعافهما، حتى لا يفقدا دماء كثيرة، طلبوا منا التوجه إلى غرفة الأشعة حتى يتمكنوا من مواصلة عملهم، صوت الرجلين يتعالى «لا إله إلا الله» والأطباء يحاولون تخفيف حدة الألم، بطمأنتهما بأن حالتهما بسيطة ويمكن علاجها.

داخل غرفة الأشعة لم يكن الحال أقل سوءا، فهناك فتاة فى العقد الثانى من عمرها، كانت الطبيبة تضمد لها جُرحا أصاب بطنها بشق طولى، تصرخ ولا تجد من يخفف عنها آلامها، فى ظل نقص الإمكانيات الطبية بالمستشفى من الأدوية والمعدات والكوادر الطبية، ما أكده الدكتور أحمد قائلاً «لا يوجد إخصائى تخدير فى مستشفيات المدينة الثمانية غيرى، بالإضافة إلى نقص تخصصات العظام والأوعية الدموية وهناك كثير من الأشخاص يتم بتر أطرافهم لعدم وجود إخصائى أوعية دموية، فضلاً عن أن أغلب الأطباء الموجودين فى المستشفى من حديثى التخرج ولا يمتلكون أى خبرات قوية لتشخيص الحالات والتعامل مع الإصابات الحرجة».

أحمد الذى لديه طفلان، فارس وفادى، 7 و5 سنوات، عايش حكمة لدى أطفال سوريا، جعلته يصر على البقاء فى سوريا، لحين إسقاط نظام بشار الأسد، ولا يزال يتذكر كلمة الطفل الذى جاءه مصاباً برصاص قناصة قطعت شرايين قدميه «إحنا سكان الجنة يا معلم».

الإصابات الكثيرة التى توالت على المستشفى، ودقات الساعة التى أشارت إلى السادسة مساء، جعلت «سلطان» يخبرنى بضرورة التحرك سريعاً، لأن عمليات الاستهداف والقصف، تبدأ بعد السادسة، ولا توجد وسائل مواصلات كافية لنقلنا إلى منزله، ما سيجعلنا نقطع الطريق سيراً على الأقدام.

بتر أطراف المصابين بسبب غياب أطباء التخدير.. والطبيب الوحيد «مصرى»

خرجنا من المستشفى وقبلتنا إلى منزل «سلطان»، الواقع فى حى السكرى بمدينة حلب، صوت «طقطقة» القنص و«الدوشكا» تعلو فى سماء الحى، ما فسره الشاب، بأننا على مقربة من جبهتى صلاح الدين والإذاعة، أجرى الشاب اتصالاً هاتفياً، ليقابلنا أخوه، ويدلنا على المنزل، علامات استغراب بدت على وجهى متسائلة «إنت مش عارف بيتك فين؟».

ضحك الشاب وأخبرنى أن هذا منزل زوجة والده، وأن من سيأتى لأخذه «أخ» وليس شقيقه، سألته «لماذا لا تذهب إلى والدتك لطمأنتها عليك؟»، فأخبرنى أن والدته لا تعلم بانضمامه للجيش الحر بصفته إعلاميا، كل علمها أنه يعمل حالياً فى إسطنبول، لكسب قوت يومه، ويكون بمأمن عن القصف والاشتباكات.

استقبلنا «أخوه» وتوجهنا إلى البناية، وصعدنا إلى الشقة، التى تقع فى الطابق الرابع والأخير، بمجرد أن فتح الباب ارتمى «سلطان» فى حضن زوجة أبيه، التى كان يناديها دوماً بـ«أمى» ثم عرفها بى، وقال لها إننى سأكون فى ضيافتها الأيام المقبلة.

جلس سلطان وسط أخيه و«أمه» الثانية، يقص عليهما العمليات العسكرية، التى شارك بها وتولى تغطيتها، وأخوه ينظر إليه بعينين تلمعان، فهو لم يتحرك من منزله لمدة قاربت على الشهرين، خاصة بعدما أنهى خدمته فى الجيش الأسدى بينما قامت الوالدة لتحضير العشاء لابنيها.

ينظر سلطان إلى أخيه ضاحكاً «كان ضد الثورة السورية» ليقاطعه الأخ «كانوا غاسلين دماغنا ودائماً ما نشاهد إعلامهم الرسمى الذى يردد أن الثوار إرهابيون مسلحون لا يريدون خيراً للبلاد».

صوت قذائف الهاون يتعالى تصاحبه «طقطقة» القناصة، ويتزامن معها صوت الطيران، يسمعها سلطان فيقشعر جسده قائلاً «ما بخاف من القناصة ولا الطيران، أكتر حاجة تخوفنى الهاون»، متذكرا الشاب الذى طارت يمناه بشظايا الهاون، أثناء تغطيته الاشتباكات بين الجيشين الحر والنظامى.

يتطوع سلطان ويسألنى «هل تريدين رؤية برج الإذاعة؟»، أخبره بالإيجاب، فيطلب منى التزام الهدوء، وأن أنبطح، ولا أتعدى الـ 30 ثانية، بمجرد أن يفتح باب الشرفة، حتى لا يرانا القناصة الذين يعتلون البرج. أوافق ونبدأ المحاولة التى تقطعها أمه بالصراخ، خوفا من أن يصاب أحدنا «رصاص القناصة وصل عندها واخترق جدران الغرفة المجاورة أثناء نومها ما جعلها وأولادها ينامون فى الغرف الداخلية غير المطلة على البرج والشارع الرئيسى».

الحياة فى المدينة عادت تدريجياً لطبيعتها، حسب قول الأم، رغم الدمار الذى لحق بشوارعها ومبانيها وبنيتها الأساسية، ما دللت عليه بجولة فى المدينة صباح اليوم التالى، بدأت من المخبز الذى تزاحم عليه الرجال والنساء والأطفال، فى محاولة للحصول على كيلو واحد من الخبز، بينما الجيش الحر يقف على مقربة من الطوابير حاملاً سلاحه.

مشهد الثائر الحامل سلاحه، متوسطاً الطوابير بين الرجال والنساء، كان يبدو غريباً بعض الشىء «كيف يجتمع الخبز والسلاح فى آن واحد؟»، كان سؤالاً موجهاً إلى الوالدة التى ردت «استهداف المخابز فى حلب يبدو أمراً عادياً، وجرى استهداف 13 مخبزاً حتى الآن، من الجيش الأسدى، كان أبشعها فى دير الزور، حيث تحولت طوابير المخبز إلى أشلاء بشرية غمست قطع الخبز».

الأطباء يوزعون أنفسهم على 8 مستشفيات بسبب نقص تخصصات العظام والأوعية الدموية والأشعة

«أبوصطيف» واحد من العشرات الذين تولوا حماية المخبز، وتنظيم طوابير الأهالى، الراغبين فى رغيف خبز، وقف حاملاً سلاحه، موجهاً الأهالى، جعلهم يصطفون، لسهولة الحصول على حصتهم اليومية، التى تصل إلى 3 كيلو من الخبز يومياً، دون وقوع إصابات أو خسائر.

علم من لهجتى أننى مصرية فابتسم ورحب بى، ولكن ترحابه كعادة السوريين الموجوعين من عدم الاهتمام بقضيتهم، قائلاً «ما شفنا أى مساعدة من إخوانا المصريين، بدنا مظاهرات بس لنصرة قضيتنا»، مضيفا «نحاول تأمين الطحين والمازوت بشكل يومى حتى لا يجوع المدنيون، الأسد يسيطر على السلعتين، ما يضطرنا لشرائها من السوق السوداء، بزيادة تصل إلى 70% على الطحين، و400% على المازوت وكل هذا من مصاريات المجاهدين والجيش الحر».

صرخات سيدة خمسينية كانت كفيلة بقطع كلام «أبوصطيف»، وهى تتجه إلينا قبل وقوعها بين أحضان والدة سلطان باكية، تخبرها أن ولدها المقاتل بالجيش الحر، أصيب للمرة الثانية فى اشتباكات جبهة العامرية، تحاول والدة «سلطان» تهدئتها، وقالت إنها ستجعل سلطان يتأكد لها من الخبر، لكن السيدة ما زالت منهمرة فى بكائها، تحاول توجيه كلمات غير مفهومة لوالدة سلطان، عن ابنها الثانى، فتجيبها بأنها تريد معرفة اسم معسكر الجيش الأسدى الذى يوجد فيه ابنها، وأن شباب الجيش الحر سيتولون مهمة تحريره.

تهدأ السيدة وتودعنا وتغيب بين جوانب الشارع، تقلب والدة سلطان كفيها مرددة «هذه زوجة أخى لديها ولدان أحدهما ينتمى للجيش الحر والآخر يقضى خدمته العسكرية فى الجيش الأسدى، وتقف بين الولدين لا تعرف ماذا سيصيبها، تخاف من أن يدخل الأخوان فى مواجهات واشتباكات، وأن يموت أحدهما على يد الآخر».

تركنا المخبز وتجولنا فى شوارع المدينة مستغلين ضوء النهار، صوت الاشتباكات فى الخلفية، وحواجز الجيش الحر على مداخل ومخارج الشوارع الرئيسية فى المدينة، الأهالى يسيرون على الرصيف بجوار حيطان المنازل إما احتماء من القناصة، أو لإفساح الطريق لسيارات الجيش الحر، التى تقطع الشوارع كالبرق لإمداد جبهاتهم القتالية بالعتاد والشباب.

الأسواق تعيد المدينة للحياة تدريجياً.. و«الجيش الحر» يؤمن توزيع حصص الخبز على السكان

القمامة منثورة فى كل مكان، رائحتها تندمج مع رائحة الموتى، الذين تشيع جثامينهم كل يوم، الكهرباء لا تزور المنازل إلا مرتين يومياً، والمياه يتم تخزينها فى الخزانات التى تمتد على أسطح البنايات التى ما زالت تتماسك رغم تساقط واجهاتها، الجميع يسأل الجيش الحر عن أماكن الاشتباكات والقناصة، قبل دخولهم الشوارع، فالجيش الأسدى لا يفرق بين مسجد ومدرسة ومستشفى، وسبق له قصف الجامع الكبير فى حلب، واستهدف مدرسة دار الشفاء 12 مرة دون خجل.

سيارات أهالى حلب النازحين إلى الريف، تعود أدراجها مرة أخرى إلى المدينة، فتجد سيارات كبيرة محملة بالأثاث والأدوات المنزلية والمفروشات، غير آبهة بما يدور من اشتباكات، أصبحت بالنسبة لهم شيئا معتادا، فلم يعد أحدهم قادرا على تحمل برد الريف ونومة أرضيات المدارس، التى تحولت فصولها إلى مراكز للإيواء، أشبه بمصر بعد نكسة 67، وهو ما رصدته «الوطن» داخل «احتيملات» إحدى مناطق الريف الحلبى.

الفصول تحولت لغرف نوم، والمقاعد الدراسية لمناشر تجفيف الملابس، بينما السبورات بقيت على حالها، للدراسة، بعد توقفها قرابة العامين، إضافة لتعليم اللغة التركية، أملاً فى إيجاد فرصة عمل تقتات منها الأسرة النازحة.

عشرات الأسر يسكنون الفصول متراصين، إلى جوار بعضهم البعض، أملاً فى العودة إلى منازلهم التى لا تزال تحت الاشتباكات، ينظرون إلى مستقبل يرونه غامضاً، من وجهة نظرهم، حسب كلام «مجدولين» الفتاة التى ودعت الريف وعادت إلى منزلها بعد غياب شهرين، والتى تتوقع أن تنهض سوريا خلال الـ 10 سنوات القادمة.

تتذكر مجدولين، خريجة قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب، التى تجهز للدراسات العليا فى إدارة الأعمال، كيف اندلعت الثورة فى العاصمة الاقتصادية الهادئة حلب، من طلاب مدينة إدلب المنتسبين إليها قائلة «المظاهرات بدأت فى الجامعة بعد 7 شهور، على قيام الثورة السورية، فى ساحات جامعة العلوم والآداب والهندسة الميكانيكية، وكان الأمن يقمعها أولاً بأول باستخدام قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع واعتقال عدد كبير من الطلاب».

النازحون يقيمون في إحدى المدارس بريف حلب

الاستمرار فى تفريق واعتقال الشباب لم يدم طويلاً حتى سقط أنس سميو، أول شهيد من كلية الهندسة الميكانيكية أثناء هروبه من إحدى المظاهرات، وتبعه بعد ذلك حملات قتل للطلاب المغتربين فى المدن الجامعية، خاصة الإدلبيين، كان من بينها هجوم الأمن عليهم ليلاً وإلقاؤهم من الشرفات، حتى قاموا بطردهم جميعاً قبل امتحاناتهم النهائية بيوم واحد، كنوع من أنواع العقاب الجماعى، والتأديب لهم على مشاركتهم فى المظاهرات.

«مجدولين» كانت واحدة من بين 25 طالباً وطالبة فى تخصصها، يناصرون الثورة السورية، ما كان يعرضها لمضايقات من قبل زملائها الموالين للنظام، قال لها أحدهم وسط المحاضرة ذات مرة «الثورة بتاعتكم انتهت» ليتصادف مع كلمته صوت الهتافات الخارجة من مظاهرة لكلية الطب.

انتهت مجدولين من روايتها وانتهى معها يوم كامل داخل المدينة التى زين سماءها قوس قزح بألوانه السبعة وكأن سماء حلب تعلن عن تحريرها من سطوة الجيش الأسدى، لنعود أدراجنا إلى المنزل، ونحاول معرفة أخبار المدينة عبر إعلامها الرسمى الذى جاء فى شريط أخباره «السلطات البحرينية تفض مظاهرة لناشطين فى المنامة» و«وزارة السياحة تعلن رغبتها فى التعاقد مع شباب من حاملى المؤهلات العليا والثانوية العامة».

 

[media width=”400″ height=”305″ link=”http://www.youtube.com/watch?v=9MAOswM5jho&feature=g-all-xit”]

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى