حوار..عودة الاخوان للحكم “مستحيلة” خلال 50 عاماً

بخبرة سنوات طويلة قضاها فى العمل الصحفى وكتابة التحليل السياسى عبر آلاف المقالات الصحفية والكتب والأبحاث المهمة، يقدم الكاتب الكبير مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين الأسبق، تشريحا دقيقا للوضع الراهن فى مصر بعد 30 يونيو، ويحدد ملامح المرحلة المقبلة ومستقبل الأطراف السياسية وخارطة الطريق الجارى تطبيقها.
ويؤكد «مكرم»، بلهجة حاسمة وواثقة، أن محمد مرسى لن يعود للحكم «حتى لو انطبقت السماء على الأرض»، ولا يتوقع فى الوقت نفسه ترشح الفريق أول عبدالفتاح السيسى للرئاسة، ويرى أن الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، شخصية محبوبة، تلقى إعجاب المصريين، وقد ينجح إذا خاض انتخابات الرئاسة المقبلة.
* فى البداية، كيف ترى المشهد السياسى إجمالاً بعد «30 يونيو»؟
– الأمر حُسم تماما يوم 30 يونيو بخروج 35 مليون مصرى فى طوفان بشرى وتعبير كامل عن إرادة المصريين. وكالات الأنباء الغربية تقول إنه خروج لم يكن له مثيل، والادعاء بأن ما حدث «انقلاب عسكرى» لم يعد أحد فى العالم يصدقه، والأمريكان غيّروا موقفهم والآن يقولون لا نستطيع أن نقول إن «مرسى» كان يحكم بالديمقراطية؛ لأن «مرسى» ارتكب أخطاء بشعة ونجح فى خلق حالة من عدم الرضا نتيجة إخفاق سياساته، وهم يقولون إنهم لن يمنعوا المعونات الاقتصادية عن مصر؛ لأن ذلك يمثل إضراراً بالمصالح الأمريكية قبل المصالح المصرية والتزموا بتوريد 4 طائرات «إف 16» بالفعل مع التعهد بإرسال بقية الصفقة من 20 طائرة قبل نهاية العام، ما يعنى أن الموقف الأمريكى الآن ليس عقبة، وهو ما كان يعول عليه الإخوان كثيراً، وعندما انحاز الموقف الأمريكى لثورة 30 يونيو جن جنون عصام العريان وبدأ يشتم الأمريكان، كما تطور الموقف الأوروبى أيضا والموقف العربى كذلك، ورأينا ابتهاجا شديدا بسقوط حكم الإخوان المسلمين وحُسم الأمر.
* إذا كان الأمر قد حُسم كما تقول، فما تفسيرك لما يحدث الآن من مصادمات فى الشارع تؤدى كل يوم إلى وقوع قتلى وجرحى؟
– الإخوان يعيشون عالما افتراضيا من الوهم وأضغاث الأحلام، ووصل بهم الأمر إلى حد الجنون والسُعار؛ لأن مصر كانت فريسة بين أسنانهم، وفجأة وجدوا هذه الفريسة «نطت» من بين أسنانهم وجرت منهم، ما أصابهم بالهلع، والآن يتحدثون عن أنهم سيحرقون مصر وأنه لن يكون هناك استقرار فى سيناء وأن عمليات الإرهاب سوف تستمر إلى أن يعود «مرسى»، ويتحالفون مع تنظيم القاعدة ويضربون الأمن القومى المصرى، ويُعلن عن هذا بشكل صريح، ويقولون أيضا إنهم يطلبون من الأمريكان عدم إعطاء المعونة للجيش المصرى، وهى جرائم تصل إلى حد الخيانة العظمى يرتكبونها بالفعل فى غمرة جنونهم ولا أحد فى العالم يتكلم عن عودة «مرسى»، ومن هم فى «رابعة العدوية» لا يهدفون إلى عودة «مرسى» بل يهدفون لتحسين شروط التفاوض؛ لأنهم يعلمون أن قادة الجماعة ارتكبوا جرائم خطيرة يصل بعضها إلى «الخيانة العظمى» ويعرفون أنهم مدانون فى قضيتى وادى النطرون واقتحام السجون المصرية وغيرهما.
* هل نتوقع ظهور جرائم أخرى للإخوان لم يُكشف عنها حتى الآن؟
– نعم، هناك جرائم أخرى سوف تظهر؛ فمن الذى قتل الضباط فى سيناء واختطف ضباط الشرطة الثلاثة هم وأمين الشرطة؟ خاصة أن موسى أبومرزوق قال لنقيب الصحفيين المصريين إنه قال لـ«مرسى» إن لديه معلومات مؤكدة بأن الـ3 ضباط قُتلوا ودُفنوا فى سيناء، ويقوم «مرسى» الذى يعرف الحقيقة من «أبومرزوق» بإخفاء الأمر ولا يُفصح عنه للشعب ويقول لزوجة أحد الضباط الثلاثة: اذهبى وتزوجى.
* ومن الذى ارتكب هذه الجرائم من وجهة نظرك؟
– من ارتكب الجرائم هو التنظيمات السلفية الجهادية، وهو الاسم الجديد لتنظيم القاعدة الذى تتحالف معه «الإخوان»، وترفع علم تنظيم القاعدة فى مصر، ونحن لم نكن محكومين من الإخوان بل من تحالف الإخوان والسلفيين والسلفية الجهادية، أو كما قلت الاسم الجديد لتنظيم القاعدة، أى كنا محكومين بتحالف يبدأ من أيمن الظواهرى إلى محمد بديع، وهو ما أدى فى النهاية إلى ظهور عبود الزمر وطارق الزمر كونهما ضيفين على الرئيس، كما أن محمد الظواهرى هو المتحدث الرسمى باسم القاعدة فى مصر، وجميعهم يخشون من أن هناك أسرارا وجرائم ستكون فى حيز العلن وهم متورطون فيها وأيضا من حجم الدماء الكثيرة التى أريقت من بعد الثورة حتى الآن، وهم يعلمون أنه من المستحيل أن يعود «مرسى» لحكم مصر والشعب لن يقبل «مرسى» مرة أخرى والجماعة لن تستطيع استعادة ثقة الشعب قبل 50 عاما.
* ولماذا يحتاج الأمر إلى نصف قرن إذا تغيرت قيادات الجماعة وغيرت منهجها فى التعامل مع المصريين وعملت فى إطار القانون؟
– لأنها ارتكبت جرائم لن يغفرها الناس، وتلوثت أيديهم بالدماء، وفى وقت سابق كانت تظهر الجماعة على أنها مستضعفة، وكان المصريون جميعا يتعاطفون معها، لكن الآن أصبحت موضع كراهية الجميع؛ فهم من قسموا مصر قسمة طولية إلى معسكرين: مسلمين وغير مسلمين وأصبحت البلاد على حافة صراع أهلى، وأثاروا مشاكل مع السلطة القضائية لأسباب واهية وحاصروا المحكمة الدستورية وكل محكمة تصدر حكما لا يأتى على هواهم، اختلقوا مشاكل لا لزوم لها مع الإعلام، فى حين أن الإعلام لم يبادر بالعداء؛ لأن الحاكم الفاشل دائما ما يبرر فشله بتعليقه على شماعة الإعلام تماما كما كان يفعل «مبارك»؛ لأنهم لا يريدون النظر بموضوعية؛ فكان لا بد من ضحية ولم يجد أمامه إلا الإعلام كى يعلق عليه أخطاءه.
* لكن هناك مبررات يطرحها الإخوان بأن ثورة 30 يونيو هى ثورة فلول وبلطجية وأقباط.
– لا يوجد عاقل يصدق هذا الكلام، وهل يعقل أن الملايين الذين خرجوا فى شوارع مصر جميعهم فلول؟ وفيما يتعلق بالأقباط فلم يكن من الممكن أن يعيش الأقباط فى مذلة بحيث يخرج عاصم عبدالماجد ليهددهم فى وطنهم، وهو لا يساوى شيئا إلا أنه كان عضوا فى الجماعة الإسلامية وأعلن توبته ووقع على 13 كتاباً بمراجعة الجهاد.
* لكن عاصم قال مؤخرا فى أكثر من لقاء إنه لم يوقع على المراجعات؟
– أنا جلست معه فى سجن العقرب وهو وقّع على المراجعات وقبّل يد كرم زهدى، وأنا ناشر محضر اجتماعى معهم، وهل معقول أن شخصا مثل صفوت حجازى يخرج ويقول لبطريرك الأقباط «اسمع بقى واعرف إن احنا بنعاقب» وهو ما دفع الأقباط للنزول بالملايين بعد أن شعروا بالمذلة وأن المسألة بالنسبة لهم باتت مهينة.
* ولماذا عاد بعض الأشخاص الذين قبلوا بالمراجعات ووقعوا عليها إلى العنف مرة أخرى؟
– عندما بدأت فى عرض هذه المراجعات وتشجيعها كان عدد الموجودين فى سجون مصر من الجماعة الإسلامية 8 آلاف، يمثلون 5 أجيال، على رأسهم جيل القادة التاريخيين كرم زهدى وناجح إبراهيم وجيل الوسط وجيل الكوادر الأساسية النشيطة وجيل القواعد وجيل المحبين، وكانوا يمارسون العنف بصورة مخيفة، ولكثرة جرائم هذه الجماعات الشعب كله خرج وقفة واحدة يطالب باجتثاث الإرهاب، وبالفعل اُجتثت جذورهم ونضبت الأموال التى كانت تأتى لهم من الخارج، نتيجة عملية اختراق حدثت فى داخلهم، وزرع عملاء بينهم ساهموا فى رصد كل مصادر التمويل والإمدادات التى كانت تأتى من أفغانستان إلى إيران وتتوقف عند الشيخ عبدالمجيد الزنزانى رئيس جماعة الإخوان فى اليمن، إلى أن يتسللوا إلى إدفو وكوم أمبو، وهناك كانت تدفن البنادق والأسلحة إلى أن يتم توزيعها. وبعد أن شعروا بخيبة أمل وتضييق الخناق عليهم هم من بادروا من جانبهم بمبادرة وقف العنف التى أعلنوها من جانب واحد.
* معنى ذلك أن جماعة الإخوان التى تدعى دوما أنها دعوية، وتحمل الخير لمصر هى التى بادرت بالعنف وحرضت عليه طوال السنوات الماضية؟
– جماعة الإخوان هى مصدر العنف فى مصر، وارتكبت جرائم قتل منذ أربعينات القرن الماضى، ولها تنظيم سرى معروف وهم أصل العنف، خرج منهم تنظيم التكفير والهجرة والتفكير القطبى الذى يكفر المجتمع، ومع الأسف كم ألححنا على جماعة الإخوان لإصدار بيان تعتذر فيه عن الفكر القطبى وجرائم القتل التى ارتكبتها لكنها رفضت ولم تصدر أى بيان يدين عنفها قبل ذلك أو حتى ينتقد القطبية، وقادة الجماعة الآن هم من تلاميذ سيد قطب أنصار التشدد والدم بداية من بديع ومحمود عزت وصولا إلى رشاد البيومى وخيرت الشاطر حتى أبوالعلا ماضى بتاع حزب الوسط كان بيضحك علينا، ويقول إنه ينبذ العنف وقام بثورة داخل الإخوان، وتصورت أنه صادق وإذا به من صنيعتهم منافق، وجميعهم أشرار يمارسون الشر، أما محمدالبلتاجى فشغلته فى الجماعة «شبيح قبضاى»، يحاول أن يخيف الناس ويقول إنهم سيدمرون سيناء وإنه سوف يحرق مصر إذا لم يعد مرسى للحكم، ومرسى لن يعود للحكم ولو انطبقت السماء على الأرض. ومن غير المفهوم حتى الآن أن يصمت أوباما عن تحالف تنظيم القاعدة المعادى لأمريكا مع الإخوان، ومن المؤكد أن هناك صفقة على أساس أن إسرائيل تكون فى مأمن من أى عمليات يقوم بها تنظيم القاعدة.
* وما توصيفك للأفكار التى تسيطر على عقول المعتصمين فى «رابعة العدوية» الآن؟
– هم يعيشون فى عالم افتراضى ومغيبون وهناك من يغذيهم وحابسينهم، فلا يرون إلا ما يعرضونه عليهم، وجزء كبير بيدفعوا لهم فلوس وجزء من السلفية الجهادية، شباب حمقى مغسول مخه، لكن الكل محروم من المعرفة الحقيقية.
* وما توقعك لمدى استمرار هذا الاعتصام؟
– الاعتصام قل نسبيا عن ذى قبل ومعظم السلفيين غادروه وأهالى رابعة يشكون مر الشكوى منهم، حولوا المكان إلى مزبلة، والجيش يبدو أنه يصبر عليهم لتزيد سوءاتهم مع الناس، وتكرههم أكثر، لكن من الواضح جدا أنهم حذرون للغاية بعد أن أخذوا الضربة بتاعة الحرس الجمهورى وراح فيها 50 شاب أونطة فى أونطة، ولا أحد يتذكرهم الآن أو يعتبرهم من الشهداء، والإخوان أنفسهم لا يتحدثون عنهم، ودماؤهم فى رقبة بديع.
* بعد أن ورد اسمك فى الخطاب قبل الأخير لـ«مرسى».. هل توقعت انهيار هذا النظام؟
– «مرسى» رجل أصابه نوع من الخلل وفقدان البصيرة، وأنا لم أقابله أبدا ولا أعرفه ولا عمرى شفته، لكن أكدت أنه قسّم البلاد قسمة تكاد تأخذها إلى حرب أهلية فى 50 سطر، وإذا كان أزعجه كلامى إلى هذا الحد فأنا سعيد بقلمى، وأنا أكبر منه وأعلى منه ومعروف عنه، وقلت له فى نفس اليوم أنك جعلت منى ثوريا وأنا مش بطل لكن عمرى ما كنت جبان. والقضية التى أشعر بالمسئولية تجاهها هى حرية الصحافة.
* وما تقييمك لعام قضاه مرسى فى السلطة ومن قبله ثلاثين عاما قضاها مبارك فى الحكم؟
– مبارك لم يكن شرا مطلقا ولكنه أطال مدة حكمه بأكثر مما ينبغى، وهو أنجز أشياء مهمة، منها تحول اقتصادى بأقل الأضرار الممكنة والأكثر من ذلك أنه أعاد طابا، والسنوات العشر الأخيرة من حكمه فيها 3 أخطاء قاتلة، هى أنه شاخ وكبر ولم يعد يتابع بدقة مسئوليات الداخل وكان مترددا فى قضية توريث ابنه، وفى الأغلب كان يرفض هذا التوريث من باب الخطورة على ابنه لكن استسلم لضغوط الأسرة فى الشهرين الأخيرين وقبل بالتوريث، ونعلم أن التوريث بات أمرا واقعا، أيضاً العلاقة التى لعبها أحمد عز فى داخل أسرة مبارك، بأنه شاب سيدخل فكرا جديدا إلى أن عمل انتخابات 2010 وكانت القشة التى قصمت ظهر البعير.
أما «مرسى» فقد فشل فشلا ذريعا واستعدى كل مؤسسات الدولة ودخل فى معارك لا لزوم لها وكان لديه ميل غريب للتخريب، كان راجل غريب، أقسم بالله كان فيه حاجة فى عقله، مثلا استمرت مشكلته مع القضاء سنة والمشكلة هدأت إلى حد ما ثم بعد ذلك فى خطابه الأخير يتهم قاضيا علنا بالتزوير دون أن يكون ضد هذا القاضى قضية واحدة أو تم تحويله للتحقيق. وكنت أتوقع أنه كدكتور فى العلوم عنده عقلية علمية مرتبة وهذا مكسب، لكنه أثبت عكس ذلك لأنهم فى النهاية الإخوان جماعة إن لم تكن معهم مائة فى المائة فأنت ضدهم مائة فى المائة، وإذا أعطيتهم صباعك يأكلوا يدك وإذا أعطيتهم يدك يأكلوا ذراعك، ولا يمكن أن تقنعهم حتى وإن كان معك كل حجج المنطق، هم مغسول مخهم ولا يعقلون.
* وما متطلبات المرحلة المقبلة من وجهة نظرك حتى نصل إلى مرحلة الاستقرار؟
– أتصور أننا سنعيش فى حالة عدم الاستقرار لفترة لن تطول، المهم أن الناس تكون رابطة الجأش كما هى عليه الآن ولا تخاف ولا تقلق، وأن تعرف أنها ستكسب المعركة، المهم أن الجيش يحافظ على وحدته، وتستمر وحدة الداخل التى تتحقق لأول مرة فى مصر منذ 1952، والمصريون لديهم تجربة «لا هم عايزين حكم الإخوان ولا حكم العسكر، بيحبوا الجيش صحيح لكن أن يحكم لا»، لأن الستين عاماً من حكم العسكر لم تنتج كثيراً.
* وهل نحن بحاجة إلى دستور جديد أو تعديلات على دستور الإخوان؟
– ما أعرفه أننا فى ظرف نريد فيه أن نجمع أكثر مما نفرق، ولا شك أن دستوراً جديداً هو الأفضل، لكن من الناحية العملية تعديل الدستور الحالى يساعد على لم الناس أكثر، «هتعمل دستور جديد هيطلعلك السلفيين بره اللعبة ويبدأوا فى الهجوم»، وما يهمنا أن الضمير المصرى يكون مستقراً على جدوى تعديل الدستور.
* وما تقييمك لموقف حزب النور والتيار السلفى بعد ثورة 30 يونيو؟
– موقف حزب النور أنه تصرف فى البداية برشد وعقلانية عندما دعا منذ شهور إلى مصالحة وطنية وتقدم بمبادرة، لكن بعد أن رحل الإخوان تصور الحزب «إنه مفيش على الحجر إلا هو»، ويستطيع تحقيق مكاسب سياسية فى هذه الفترة، واعترضوا على رؤساء الحكومات ووجود دستور جديد، وهم يتصورون أنهم يريدون فرض إرادتهم على الناس دون أن تكون هناك قواعد. وهذا الحزب يحاول ملء فراغ الإخوان مستخدماً نفس أساليب جماعة الإخوان فى فرض إرادتها قسراً على كل الأطراف، لكن الشعب «قرف منهم وعاقبهم تانى يوم»، خاصة أنهم هم من يعرقلون وجود دستور جديد للبلاد.
* هل هناك دور تلعبه حركة حماس داخل مصر الآن فى إثارة الفوضى وتأجيج الصراع؟
– «حماس» تدعى أنها على الحياد وأنها استوعبت الدرس وأنها لا يمكن أن تغامر مرة أخرى، لكن هناك تقارير تقول إن «حماس» لا تزال تساند بعض الأفراد، ولا تزال هناك مخالفات ترتكبها، وهى تعمل على عودة الإخوان، وتخطئ خطأ تاريخياً عندما وضعت نفسها كطرف فى لعبة الصراعات الإقليمية، ووصل بها الغباء إلى أنها تصورت أن بمقدورها تغيير الوضع فى مصر، وهو ما اتضح فى طريقة تورطهم فى الإفراج عن المسجونين واقتحام السجون، وهو ما يشير إلى أن «حماس» تجاوزت دورها.
* وهل «حماس» متورطة فى قتل الجنود المصريين؟
– عندما يصرون على فتح الأنفاق ويقفون على كل نفق يحصلون الرسوم بالدولار على سيارات المصريين الغلابة المسروقة والبنزين المهرب، ويمر من هذه الأنفاق «بتوع السلفية الجهادية» وتنظيم القاعدة ليقوموا بتهريب الأسلحة والعمليات الإرهابية فى سيناء.
* وهل يمكن التنبؤ بمصير الإخوان حالياً؟
– من الصعب أن نتنبأ بمصير الإخوان فى مصر، وهناك مؤشرات كثيرة تقول إنه لا يمكن لـ«الإخوان» أن تسكت على ما لحق بها من أضرار وأنها سوف تحاسب قياداتها حساباً عسيراً، وهو ما حدث فى كل أحزاب الدنيا؛ الحزب يلقى هزيمة.. القواعد تسأل عن المسئول والأسباب وراء ذلك ولماذا فشلنا وكنا موضع تعاطف المصريين، ولا بد للجرائم التى ارتكبت فى سيناء وفى داخل البلد ولا تزال ألغاز، منها خطف الجنود وغيره، لا بد أنها سوف تفتش وسوف تحقق.
* من يستطيع أن يقوم بالمصالحة مع الإخوان فى مصر؟ وهل هناك وساطات تجرى فى هذا الصدد؟
– أعتقد أن راشد الغنوشى سيقوم بلعب دور الوساطة فى المصالحة مع الإخوان، وهو من سيرأس التنظيم الدولى، وهو أيضاً من سيخلف الشيخ يوسف القرضاوى فى رئاسة الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، وقد جلسنا مع راشد الغنوشى عندما زار مصر أكثر من مرة فى حضور الدكتور يحيى الجمل وعدد من المثقفين، وأخبرناه أكثر من مرة عن أخطاء «مرسى»، وأخبرنا «الغنوشى» بأنه يرى أن هذه أخطاء كبرى وسيتحدث مع مكتب الإرشاد و«مرسى»، واعترف أنها أخطاء قاتلة وعلى الإخوان الحرص على التوافق، وأنه يسعى إلى ذلك فى تونس وأنه تحالف مع حزبين علمانيين، هذا ما قاله «الغنوشى».
* وماذا تتوقع فى انتخابات الرئاسة؟ وهل تتوقع أن يترشح الفريق السيسى للرئاسة؟
– لا أتوقع أن يترشح «السيسى» للرئاسة، ولا أعرف معلومة ولكن لا ينبغى أن يترشح، أنا أعتقد أن «السيسى» سيكون جاداً فى تطبيق ديمقراطية حقيقية، لأنه يعلم حجم المتاعب التى لقيها الجيش خلال المرحلة الانتقالية الأولى، ولأنه يعرف الخروج المهين الذى خرج به «طنطاوى» و«عنان»، ويعلم أيضاً أن الشعوب متقلبة، أما باقى المرشحين فهى وجوه سئم منها الشعب وإن كان «البرادعى» له لغة خاصة مع الشباب، لكن ليس عليه توافق وهو نفسه قال إنه لن يترشح، وخلال هذا العام يمكن أن تبرز وجوه جديدة، لكنى أرى أن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب شخصية محبوبة وموضع إعجاب كل المصريين، ويمكن أن يكون أبرز مرشح، لو ترشح فى انتخابات الرئاسة المقبلة أعتقد أنه سينجح، المهم أن طريق الديمقراطية مفتوح والعودة إلى حكم الإخوان أصبح مستحيلاً خلال 50 عاماً، وأن عودة الجيش إلى حكم مصر لا يزال محفوفاً بالمخاطر.
* بحكم خبرتك السياسية إلى أين سيصل تفاقم الوضع فى سيناء؟
– قبل أيام كنت مع شيوخ سيناء، وأيضاً مع بعض الدوائر المقربة من القوات المسلحة، ومشايخ سيناء قدروا عدد الإرهابيين فى سيناء ما بين 2500 إلى 3000 عنصر، وحجم التعاون بين المشايخ والجيش كبيرة، وهناك تعاون كامل بينهما وإصرار على اجتثاث الإرهاب وتدمير كافة الأنفاق التى تدمر اقتصادهم، وأعتقد أن الأمر ليس بالصعب، ومصر لديها تجربة فريدة فى محاربة الإرهاب ونجحت مصر فى القضاء عليه من قبل.
الوطن