الرئيس.. ليس أول من يعلم

محمد بصل

 

 

حالة من الارتباك الشديد سيطرت على مؤسسة الرئاسة، مساء أمس الأول، فى أعقاب تداول وكالات الأنباء المصرية والأجنبية، وعلى رأسها وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، خبر دعوة وزير الدفاع عبدالفتاح السيسى لحوار وطنى ومجتمعى حول الأزمة الراهنة، أمس الأربعاء، فى دار الدفاع الجوى بالتجمع الخامس قبل أن يتم تأجيله إلى أجل غير مسمى.

 

 

 

ولم تقرر مؤسسة الرئاسة، حتى ظهر أمس، تلبية دعوة السيسى للحوار، وقال مصدر رئاسى: «لا يزال أمر الحضور محل بحث ونقاش»، فضلا على أن مصدرا مقربا من الرئيس مرسى، حين حاولت «الشروق» مساء أمس الأول الحصول على تعليق منه بشأن دعوة وزير الدفاع، بدا أنه لا يعلم شيئا عن الدعوة.

 

 

 

حالة الارتباك كان سببها أن دعوة طرف آخر غير رئيس الجمهورية إلى «حوار مجتمعى وطنى» يعنى أن جهات أخرى غير رئاسة الجمهورية تملك حق دعوة التيارات السياسية إلى مائدة الحوار، بل كان الأدعى هو ما أكده المتحدث باسم القوات المسلحة فى البداية عن دعوة الرئيس مرسى نفسه لحضور هذا الحوار.

 

 

 

كان هذا بين السادسة والسابعة والنصف، انتشر الخبر فى وسائل الإعلام، ثم بثته الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية، حيث أدلى وزير الدفاع بهذه التصريحات المثيرة للجدل فى ختام لقائه الوزير أحمد جمال الدين لتنسيق العمل الأمنى فى الاستفتاء المقبل.

 

 

 

وقتها كان الرئيس محمد مرسى فى الاتحادية جالسا فى مكتبه بصحبة نائبه المستشار محمود مكى والمتحدث الرسمى د.ياسر على، وعندما ورد الخبر رسميا، أمر الرئيس أحد مسئولى الرئاسة بالاتصال بوزارة الدفاع لمعرفة حقيقة ما يحدث، لا سيما وأن الرئاسة لم يكن لديها أى معلومة حوله.

 

 

 

اتصل المسئول الرئاسى بمكتب الوزير السيسى، فنفى المكتب وجود أى دعوة لحوار وطنى، لكن مصادر أخرى بالقوات المسلحة أكدت أن الوزير السيسى قال هذا الكلام فعلا، فكيف يتم نفيه بهذه السهولة؟

 

 

 

وبادر مسئولو الرئاسة إلى نفى وجود مثل هذا الحوار أصلا فى وسائل الإعلام، وعمد بعض مساعدى الرئيس من حزب الحرية والعدالة إلى تمرير هذا النفى إلى وسائل الإعلام الإخوانية أولا، بحيث انتشر هذا النفى بشكل واسع حتى الساعة الثامنة والنصف مساء، لا سيما على شبكات التواصل الاجتماعى.

 

 

 

الصورة لم تكن واضحة للرئاسة حتى تم الاطلاع على شريط فيديو بثه التليفزيون المصرى للوزير السيسى وهو يتحدث حول الموضوع، حيث تبين أن وسائل الإعلام هى التى نقلت مصطلح «الحوار الوطنى» بصورة خاطئة، وأن كل ما تحدث عنه السيسى هو دعوة جميع الأطراف للجلوس سويا والتقارب بدون الكلام فى السياسة.

 

 

 

لكن المسألة لا تقف عند هذا الحد فقط، فكيف لوزير الدفاع أن يدعو لمثل هذه الجلسة حتى لو كانت ودية دون أن يعلم الرئيس سلفا.. بحسب مصادر مطلعة داخل القصر الرئاسى.

 

 

 

جرى اتصال على أعلى مستوى بين مسئولين بالرئاسة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة لحل هذه المشكلة، خاصة بعدما بدأت كل برامج توك شو والمواقع الإخبارية تتحدث عن حالة الارتباك الموجودة، فتم الاتفاق على أن يصدر المتحدث العسكرى الرسمى بيانا بدعوة وزير الدفاع يؤكد أن الدعوة ليس لها علاقة بالسياسة من قريب أو بعيد، وأنها «مجرد دردشة على الغداء لتهدئة الأجواء».

 

 

 

وتدليلا على أن الرئاسة لم تكن على علم بهذه الدعوة، فإن مصادرنا أكدت لنا أن حضور الرئيس محمد مرسى لهذا اللقاء، حتى صباح أمس، لم يكن مجدولا ضمن برنامج تحركاته اليومى.

 

 

 

وأوضحت المصادر أيضا أن وزارة الدفاع نفسها لم تكن قد أعدت سلفا لهذا اللقاء، حيث بدأ الإعداد له بين الساعة السادسة والتاسعة من مساء أمس الأول، حتى إن أحد قيادات المجلس العسكرى ظل يتصل بالأشخاص المدعوين للقاء إلى ما بعد منتصف الليل.

 

 

 

وشددت المصادر الرئاسية على أن أى حوار وطنى لحل الأزمة السياسية الراهنة سيتم برعاية الرئيس محمد مرسى شخصيا، وأن الحوار لم يتوقف بإصدار الإعلان الدستورى الأخير، بل هو مستمر وسيبقى حتى التوصل إلى الوثيقة الخاصة بالمواد الدستورية محل الخلاف فى الدستور الجديد.

 

 

 

وأشارت المصادر إلى أن المبادرة بالاتفاق على وثيقة المواد الدستورية، المثيرة للجدل بغية تعديلها بعد انتخاب مجلس الشعب، «ستظل سارية، حتى إذا وافق الشعب على الدستور المقبل فى الاستفتاء بنسبة كبيرة».

بوابة الشروق

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى