الإخوان المسلمون .. ما نعرف عنهم … وما يجهلون عنهم
قبل أن أبدأ حديثي عن ما نعرف وما لا نريد أن نعرف عن الإخوان أحب أن أجيب على سؤال تبادر لأذهان البعض وسئلته في أكثر من مناسبة ، هل أنت مع الإخوان أم ضدهم ؟ وهل أنت موافق على ما يقومون به أم لا ؟
ربما لقلة متابعيي فلم يتسن للبعض الوقوف على رأي واضح فيما أرمي إليه ، وعندما أوضح موقفي فأنا لا أبرر لأحد ولا أبغي الرضاء المطلق الذي هو مستحيل في كل الأحوال ، وإنما أبينه للقارئ حتى يتجرد للحقيقة عند اطلاعه على مقالي .
لم ولن أسلم رأسي لأحد على طول الخط ، ولن أكون ببغاء يردد كلام المعارضة ، وكنت دائماً وأبداً مقتنعاً بالحقيقة الثابتة بأن الإنسان مواقف ، منها الصائب ومنها الأعوج ، فمن كان له موقف أو قول صائب في نظري فلموقفه مني كل التأييد ، إما إن حاد عن جادة الصواب فإن قبل النصح فبها ونعمة ، أما إن استمر سادراً فيما أظنه غياً فلن أقف منه موقف المؤيد أبداً .
أما موضع حديثي هنا فهو استغرابي الشديد من كم الهراء الذي أراه في حديث البعض عن الإخوان جماعة وتاريخاً وأفراداً .
وعندما أقول هراءً فلا أقصد حجم الهجوم عليهم ، فهذا منوط بكل صاحب رأي ، يهاجم وينتقد ويفند من شاء وماشاء ، إلا أن مدعاة الاستغراب هنا هو الجهل أحيانا والتجاهل أحيانا أخرى لوقائع التاريخ ، التي في بعض الأحيان يجب على من في موقف الجماعة أن يداريها ، إلا أن الواقع يقول عكس ذلك .
لقد قرأت في عجالة كتاب “سر المعبد” والذي كتبه الأستاذ ثروت الخرباوي – المحامي والقيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين ، وتذكرت كتاباً كنت قد قرأت فيما مضى من زمن بعيد بعض فصوله ، وهو كتاب الإخوان المسلمون للأستاذ محمود عبدالحليم ، فآثرت أن أعود لقراءة الكتاب مرة أخرى وبحث عنه فوجدت أن الرجل رحمة الله عليه أصدر منه الجزء الثاني والثالث ، وكان حظي أن وقع في يدي الجزء الثالث الإخوان المسلمون – أحداث صنعت التاريخ.
شرعت في قراءة الكتاب ، وأعترف أن غزارة ما فيه من أحداث ووقائع جعلني أخفف وتيرة القراءة ، فلم أتم منه إلا فصلين ، وهذا مالم يحدث مع “سر المعبد” الذي أنهيته في جزء من ليلة .
مقدمة الجزء الثالث مع الفصلين الذي قرأتهما وضعاني أمام حقيقة غريبة وهي أن الأستاذ ثروت الخرباوي – والذي بالتأكيد قرأ هذا الكتاب بأجزاءه – أصر على تجاهل ماورد فيه ، لأنه لو استشهد ببعض مما جاء فيما قرأت لما كان لكتابه سبب يستدعي عناء تأليفه.
فالمرحوم محمود عبدالحليم ، كان أحد مؤسسي النظام الخاص ، الذي يتكلم البعض عنه كأن الجماعة تنكر وجوده ، ويتحدثون عنه كأنه سر الأسرار وقدس الأقداس ، وحقيقة الأمر أن الرجل – وهو الذي شهد كل محن الإخوان إبتداء من اعتقالاات 48 – شرح بالتفصيل الممل ماهية هذا النظام الخاص وسبب إنشائه ، وكيف انحرف عن اهدافه ، وكيف أن أول قائد له المرحوم صالح عشماوي حصل بينه وبين الجماعة خلافات شديدة كانت كفيلة بأن يصبح على شفا أن يخرج منها بسببها ، لولا الاعتقالات ، وكيف أن الرجل بعد أن خرج من المعتقل تم بينه وبين قيادة الجماعة مايمكن أن نسميه العودة سالماً والصلح .
خلاصة القول أن هذا الكتاب – سر المعبد – لم يكشف أي سر من الأسرار ، وإنما كان باختصار رد فعل لإبن من أبناء عائلة كبيرة ، قرر البعد عنها وقرر أفرادها التخلي عنه .
إن الباحث المبتدئ إذا قام فقط بزيارة خاطفة لأي من المواقع الإلكترونية التي تقع تحت مسؤولية الجماعة ، سيجد العجب العجاب ، سيجد كتباً بأكملها تتحدث عن كل صغيرة وكبيرة عن هذا التاريخ ، لأن الكتب وضعها أشخاص مختلفون ، رؤية وتاريخاً وربما منهجاً ، وأحيل المهتمين لكتاب حقيقة التنظيم الخاص لمحمود الصباغ ، وكتاب تجربتي مع الإخوان للدكتور السيد عبدالستار ، وغيرها من الكتب.
ما دفعني لسرد هذه العجالة إلا ما أراه من إغراق في الجهل وسادر الغي عند الحديث عن الجماعة ، يصل في بعض الأحيان من شدة غباء المتحدث أن ينسب لهم ما يمكن أن يعد حرباً نفسية مجانية تستفيد منها الجماعة ، كالحديث المفرط عن التماسك ، وشدة التنظيم ، والسمع والطاعة ، والقوة المالية ، والميليشيات ، والتسلح وغيرها.
إن جماعة الإخوان المسلمين شأنها شأن أي مجموعة من البشر ، فيها من يخطئ ومن يصيب ، والإفراط في تهويل قوتها أو التقليل من شأنها ليس هو السبيل الأمثل للتعامل معها .
بقي أن نفهم حالة هؤلاء الذين أمعنوا في سرد السلبيات بغباء ، وهؤلاء الذين يسوقون للإيجابيات بغباء أكثر أحيانا ، ماذا تعرفون أصلاً عن جماعة “الإخوان المسلمون” ؟
فى العمق