الخروج من دائرة الفتنة الطائفية

s42013913750حسن زايد 

الفتنة الطائفية بمعناها المتداول، خلاف بين أفراد طائفتين أو متدينى مذهبين أو أتباع دينين أو محبى عقيدتين أو مريدى فرقتين. هذا الخلاف يجعلهم يتطاحنون ويتقاتـلـون فيمـا بينهم، بمـا يفضى إلى التهور والاضطراب. والفتنة الطائفية فى مصر تقع بين أتباع دينـين كبـــيرين، هما الدين الإسلامى، والدين المسيحى. والعلل الظاهرة للفتنة تنحصر فى إحساس كل طــرف بأن الطرف الآخر يسعى إلى أسلمة أو تنصير أفراد تابعين له. وهذه الأسلمة أو ذاك التنصــير لا تصح إلا بإظهار محاسن هذا الدين ـ والدين الصحيح كله حسن ـ والنيل من الدين الآخر. وكل يعتقد أن دينه الحق بعينه. وكل يحتفظ بتلك الحقيقة فى داخله ولا يبديها للطرف الآخر، حتى لا ينقطع الحبل السرى من الود الذى يحفظ لنا دواعى العيش المشترك على أساس القواسم ـ التى بالضرورة قائمة ـ المشتركة بين قيم الدينين العظيمين، وهى بلا شك تقرب ولا تفرق باعتباره المصدر الواحد لكلا الدينين. أما ما يقع من أحداث صغيرة أشبه بلعب الأطــفـال أو تصـــورات مراهقين فهو لا يؤدى بذاته إلى تحطيم المشهد الوطنى برمته، وإحــــالة التكتل الـوطنى إلى مجرد فسيفساء مبعثرة على الرقعة الجغرافية الجامعة لمصر، وإنما هنــاك مــن ينـفـث لهيب أنفاسه المسمومة فى أجواء الوطن حتى يحيله حطاماً، يستغل هذه الفسيفساء بإحـــالتها إلى شظايا ملتهبة لتفجير الوضع. ومع هذه الأحداث يتمترس كل طرف بدينه ويزداد تشبسه به على نحو من الأنحاء، بل وقد تزداد تشنجات المزيدة حدة قد تصل إلى حدود القتل وإزهاق الأرواح بما يقطع كل طريق للعودة إلى طاولة الحوار. وأنا أرى أنه ليس مـــن صالح دينى إهــانة دين الآخر أو النيل منه أو التقليل من شأنه أو من شأن التابعين له. وأن العيش بيننا قائم لا محالــة كضرورة حياة وضرورة وجود. وأنه لا سبيل أمام أى من الطـرفــين للقضــاء على الآخـــر، أو إزاحته أو إقصائه، كما أنه لا سبيل أمام أى من الطرفين لإرغام الآخر على التحول عن دينه لاعتناق دين الآخر وإلا تحول المجتمع إلى قطعان من المنافقين لا يصلح لهم دين ولا يقبل منهم عمل. أما وإن ذلك كذلك فلابد من العودة إلى سبيل الرشاد للخروج بمصر من ذلك النفق المظلم، لانقسام المجتمع وانشطاره وتفتته. وللخروج من هذه الدائرة الجهنمية للفتنة الطائفية، لابد من أن نعمل جميعاً على تحقيق دولة القانون. فالجميع أمام القانون سواء.
القـــانون نصــاً وواقعـــاً، تشريعاً وتطبيقاً. تحقيق دولة المواطنة تحت ظلال القواسم المشــــتركة لقــيم الدينين العظيمين، والاختلاف فى العقيدة لا يكون مدعاة للاختلاف فى القيم الإنســــانية التى دعا إليها مـحـمـد والمسيح “وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا”. دعونا نتعـاون معا فيما اتفقـنا فيـه، وليعذر

بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه. وأنا لا أجد غضاضة فى وجود المسجد بجوار الكنيسة، والملتزم من كلا الجانبين تحتاجه مصر.

اليوم السابع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى