الأخبار

للمرة الأولى.. اللواء محسن حفظى مساعد أول وزير الداخلية

19نقلا عن اليومى :

الأجهزة رصدت تسجيلات هاتفية بين أيمن الظواهرى ومحمد مرسى أثناء فترة حكمه تتعلق بتنفيذ عمليات ضد الجيش والشرطة فى حال خروج جماعة الإخوان من الحكم.. وحذرت من وجود الطهطاوى فى مؤسسة الرئاسة لأنه ابن خالة الظواهرى وينقل له «دبة النملة»

مبارك لم يكن يحب أى تقارير عن الأوضاع السيئة وفى 2002 أعدت المخابرات تقريرا عن إمكانية قفز الإخوان على الحكم.. فرد مبارك على عمر سليمان قائلاً: «اخلع النضارة السودا اللى إنت لابسها يا عمر»

وضعت البسبوسة أمام منتصر وبدأنا نأكل سويا.. وقلت له: يا منتصر خد وهات إدينى معلومات وأنا هاساعدك وأى حد بيساعدنى بخدمه.. وبالفعل منتصر خدمنا خدمة العمر وقال لنا إن عصام القمرى وعبود الزمر هينفذوا محاولة للهروب

العيسوى قال لى: أنا مطلوب منى الإفراج عن محمد الظواهرى إيه رأيك؟.. فرفضت وقلت له: الظواهرى لأ ولو هنفرج عنه نبادله بالـ3 ضباط وأمين الشرطة المخطوفين فى سيناء و«تبقى حاجة مقابل حاجة»

الشاطر كان دائم التردد على مكتب منصور العيسوى وحضرت أحد اللقاءات بينهما بصفتى مساعدا لوزير الداخلية وكان ظاهرا لكل القيادات أن العيسوى مضغوط عليه جدا

قبل 20 يوما التقيت اللواء محسن حفظى مساعد أول وزير الداخلية الأسبق فى أحد البرامج التليفزيونية المتخصصة فى مناقشة الشأن الأمنى، وبعد اللقاء دار بيننا حوار جانبى عن طبيعة الوضع الأمنى فى سيناء بعد 25 يناير وحتى وقتنا هذا، ولخص لى اللواء حفظى وضع سيناء الأمنى فى واقعة قصيرة مفادها أنه عندما تولى منصب محافظ الدقهلية فى إبريل 2011 بعد ثورة يناير بشهور قليلة وعقب تركه وزارة الداخلية، تلقى رسالة على هاتفه الشخصى من شخص يدعى ممدوح يوسف الغلبان، وجاء نص الرسالة: «سيادة اللواء حفظى، حاولت الدخول إلى مصر من المعبر أكثر من مرة ومُنعت من الدخول ولكن بعد ما قامت الثورة فبدخل وأخرج بكل سهولة وسنلتقى قريبا إن شاء الله».

قال لى حفظى: «أصابنى القلق من الرسالة، وعلى الفور أرسلت الاسم إلى جهاز الأمن الوطنى للتحقق منه ومعرفة هويته، وجاءنى الرد بأن ممدوح يوسف الغلبان كان أحد المتهمين الفلسطينيين فى تنظيم تكفيرى بمصر سنة 1979 وكنت أنا من تولى التحقيق معه فى جهاز أمن الدولة، حيث كنت ضابطا بالجهاز وقتها واتخذت قرارا بترحيله إلى فلسطين ومنعه من دخول مصر نهائيا».

يضيف حفظى فى إجابته لى عن الوضع الأمنى فى سيناء: «أن ممدوح الفلسطينى يجسد حال الوضع الأمنى وكيف أن سيناء أصبحت مخترقة وكيف أن أبناء الجماعات التكفيرية بينهم وبين ضباط الشرطة ثأر مهما طال الزمن وينفذون أعمالا إرهابية ضد الداخلية بعد ثورة يناير وحتى الآن».

طريقة إجابة اللواء حفظى على سؤالى عن الوضع الأمنى فى سيناء برسالة ممدوح الفلسطينى واستدعاؤه موقفا لواقعة قديمة، دفعنى للتفتيش فى خزائن أسراره، خاصة تلك الفترة التى كان يعمل بها ضابطا بأهم قطاع بجهاز أمن الدولة وهو قطاع مكافحة الإرهاب فى فترة خطيرة من عمر الوطن، وهى الفترة من 1974 إلى 1988 والتى وقعت فيها أخطر واقعة اغتيال فى تاريخ مصر الحديث، وهى اغتيال الرئيس الأسبق محمد أنور السادات على يد الجماعات الإسلامية.

اتفقت مع اللواء حفظى على حوار موسع لـ«اليوم السابع»، وكان اللقاء فى التاسعة من مساء السبت الماضى بنادى هليوبوليس بمصر الجديدة، ووقت أن وصلت فى الميعاد المحدد وجدته جالسا مع عدد كبير من أصدقائه بينهم قيادات أمنية وعسكرية عالية الحساسية سبق أن شغلوا مناصب أمنية وعسكرية هامة ويحللون الوضع الحالى للبلاد سياسيا وأمنيا وعسكريا من منطلق خبراتهم السابقة وما بحوزة كل منهم من معلومات قيمة أتحفظ عن ذكر تفاصيلها حفاظا على سرية المجلس وأمانته.

جلست مع اللواء حفظى فى مكان جانبى، وكان السؤال الأول استكمالا لحوارنا بالقناة التليفزيونية عن الوضع الأمنى فى سيناء ولكن بشكل أكثر تطورا، وهو أى الطرق المناسبة لحل أزمة سيناء؟

– أجاب اللواء حفظى بأن الحل فى سيناء يكمن فى 3 محاور بالتوازى، الأول هو تحقيق العدالة الاجتماعية إيمانا بأن «الجعان مش هيتكلم معايا إلا لم يشبع»، والمحور الثانى هو التحرك الأمنى من ضبط العناصر الخارجة عن القانون، والثالث هو بداية تصحيح الأفكار الخاطئة لدى الجماعات التكفيرية ونشر الإسلام الوسطى.

وفاجأنى اللواء حفظى بأن تلك المحاور الثلاثة عرضها على اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق كمحاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أيام من ثورة يناير وتحديدا يوم 5 يناير 2011 فى ديوان وزارة الداخلية، يقول اللواء حفظى: «يوم 5 يناير اتصلت بحبيب العادلى وقلت له يا فندم الناس مخنوقة وأنا قادم من مديرية أمن الجيزة وفيها مناطق شعبية كتير زى إمبابة وصفط اللبن والوراق.. أنا جى من الشارع وما عنديش أدنى شك إنه ممكن يحصل ثورة فى مصر زى ما حصل فى تونس».

قاطعت اللواء حفظى وطلبت منه معرفة رد حبيب العادلى على كلامه وهل تلقاه العادلى باهتمام أم بتجاهل، فأجاب اللواء حفظى: «حبيب العادلى بدا متجاهلا وسألنى عندك معلومة يا محسن.. فقلت له لا يا فندم بس عندى استشعار وأنا بتكلم بصفتى ضابط أمن دولة سابق وكلمة استشعار عندنا إنت تعلم قيمتها فهى كلمة كبيرة جدا خاصة إذا كان المستشعر هو ضابط بالجهاز وليس مصدرا يتعامل مع الجهاز»؟

يضيف اللواء حفظى: «حبيب العادلى.. قالى طيب وإنت شايف الحل إزاى بقى يا محسن فقلت له إحنا عندنا رجال أعمال مليارديرات، ممكن نجيبهم ونخليهم يعملوا مشاريع بنسبة %10 من أموالهم بمعرفة الرئاسة، وتكون المشاريع موزعة على كل المحافظات بالتنسيق مع كل محافظ وبكده نرفع الناس من تحت الأرض.. من تحت خط الفقر، إضافة إلى أننا عندنا ظهير صحراوى كبير نطلع قانون ونملك كل شاب فدان أرض استصلاح و100 متر لبناء منزل عليه، وعلى الأقل الناس تحس وقتها أن هناك أملا ويبقى بعدنا عن سيناريو تونس واحتمالية تكراره فى مصر».

قاطعت اللواء حفظى للمرة الثانية مستعجلا فى معرفة رد حبيب العادلى، فقال لى اللواء حفظى: «العادلى رد على كلامى وقالى اللى إنت بتقوله ده اسمه شيوعية يا حفظى.. فأنا رديت عليه وقولت له لا يا فندم إحنا بنسميه تكافل»

يؤكد محسن حفظى: «انتهى الحوار مع العادلى ووقتها شعرت بأن العادلى غير مدرك للمتغيرات على أرض الواقع ولكن فوجئت فى صباح اليوم التالى بأن حسن عبدالرحمن رئيس جهاز أمن الدولة وقتها يتصل بى ويريد أن يجلس معى».

قاطعت اللواء حفظى وقلت له: حضرتك بتقول إن حسن عبدالرحمن اتصل بيك وعايز يقعد معاك، معنى كده أن حبيب العادلى لم يتجاهل كلامك وأبلغ حسن، وأن اتصال حسن بيك للاستفسار عما لديك من معلومات؟

– يجيب حفظى: «ما هو دا اللى أنا عرفته بعد ذلك تفصيليا، حبيب العادلى قال لحسن عبدالرحمن، وحسن قالى تعالى اقعد معايا نشرب الشاى وكان بينى وبين حسن عشرة عمر لأننا كنا دفعة واحدة وهى دفعة 71، وكنت أنا وهو وإسماعيل الشاعر وعادلى فايد فى كلية الشرطة مع بعض، وبالفعل توجهت لمقر الجهاز فى مدينة نصر مساء 7 يناير وفوجئت وقتها أن حسن صديق حياتى بيكلمنى بطريقة غريبة جدا وبيقولى إبعد عن حبيب أحسن لك، فرديت عليه وقولت له هو أنا قاعد فى حجر حبيب.. فحسن قالى أنا بقولك نصيحة».

يقول حفظى: «حسن عبدالرحمن طيلة اللقاء لم يكن مثل حسن فى لقاءاته السابقة معى، خاصة أن حسن أنهى الحديث بطريقة غير لائقة، فسألنى هو انت هتطلع على المعاش إمتى، وأخبار مسجد ابنك إيه، خلى بالك من المسجد، وعلى الفور انسحبت من اللقاء وقلت لحسن أنا قلت اللى عندى وانتو هتتحملوا المسؤولية».

فى تلك المحطة من الحوار تحدثت إلى نفسى قائلا: «أنا فكرت فى إجراء الحوار بالأساس لكى أفتح خزائن أسرار اللواء حفظى عن 14 سنة خطيرة قضاها فى أمن الدولة، فإذا بى أمام خزائن أسرار حديثة عن كواليس حوارات كبار رجال الداخلية ما قبل 25 يناير»، الأمر استدعانى للتركيز بشكل أكثر فى الحوار عن تلك النقطة فسألته سؤالا تلقائيا: وهل تقابلت مع اللواء حسن عبدالرحمن بعد الثورة أو زرته فى السجن؟، وكانت الإجابة المفاجئة من اللواء حفظى: نعم زرت حسن عبدالرحمن فى السجن ووقتها كنت أنا مساعد أول وزير الداخلية لقطاع الأمن الاقتصادى وكان حسن عبدالرحمن محبوسا فى مستشفى أكاديمية الشرطة بالتجمع.

سألت اللواء حفظى: ماذا حدث بالتفصيل فى اللقاء؟، فأجاب قائلا: «دخلت على حسن عبدالرحمن وقلت له أنا مش جاى اتشفى فيك، لكن بس جاى أقولك أن الكلام اللى قلتهولك وقولته لحبيب العادلى حصل وحصلت الثورة ولو كنتم أخذتم بكلامى ماكنش فيه حاجة حصلت، وكان رد حسن عليا انه أعطانى نسخة من مذكرة قدمها لحبيب العادلى قبل ثورة يناير تحذر من سيناريو تونس إضافة لمبادرة تحسين أحوال البلد تضم كل النقاط التى تحدثت فيها معه ومع حبيب العادلى يوم 5 و6 يناير 2011، وهى المذكرة اللى قدمها حسن فى المحكمة باعتبارها وثيقة تدل على تحذيره من ثورة وإخطار للسلطة بضرورة تحقيق مطالب الشعب تفاديا لأى صدامات مع الشارع.

توقف اللواء حفظى عن الحديث واضعا يده على خده الأيمن لثوان قليلة، ووقتها قلت له: «يعنى حضرتك صاحب الفكرة الأساسية فى مذكرة حسن عبدالرحمن التى حذر فيها من وقوع الثورة؟».

يجيب حفظى: نعم أنا صاحب الفكرة ولكن للأمانة حسن عبدالرحمن أضاف على مبادرتى نقطة فى غاية الأهمية وهى تعيين نائب لرئيس الجمهورية وإيقاف مشروع التوريث».

الحديث عن تلك المذكرة دفعنى لسؤال اللواء حفظى بصفته أحد المقربين من دائرة صنع القرار الأمنى وقتها عن مصير تلك المذكرة، فأجاب حفظى بأن تلك المذكرة وقع عليها العادلى بـ«نظر للمتابعة» ولدى قناعة أن حبيب لم يقدمها لرئاسة الجمهورية خوفا.

خوفا.. خوفا من مين يا فندم؟.. تحدثت أنا بصوت حاد

– وكانت إجابة اللواء حفظى: «خوفا من مبارك، لأن مبارك ما بيحبش يسمع الكلام ده، وهنا هاحكيلك واقعة قلائل فقط فى الدولة يعرفونها وهى أنه فى 2002 أعد جهاز المخابرات العامة تقريرا عن الوضع الداخلى للبلاد وأن هناك مخاوف من قيام جماعة الإخوان المسلمين بالقفز على الحكم فى السنوات المقبلة بأى صورة مستغلين الوضع المتدهور اقتصاديا وسياسيا، ورفع عدد من أعضاء الجهاز التقرير إلى عمر سليمان رئيس الجهاز وقتها، وكان رد سليمان عليهم بأن الرئيس ما بيحبش يسمع الكلام ده، ولكن بضغط من أعضاء الجهاز بضرورة رفع التقرير لمبارك، وبالفعل عرض عمر سليمان التقرير على مبارك وكانت إجابة مبارك صادمة لسليمان ولكل أعضاء الجهاز المطلعين على الأمر.. مبارك قال لعمر سليمان «إخلع النضارة السودا اللى انت لابسها دى يا عمر».

يكمل اللواء حفظى: «عايز أقولك حاجة تانية بمناسبة عمر سليمان وهى انى جلست معه 20 دقيقة فى احتفال عيد الشرطة يوم 23 يناير 2011 قبل الثورة بيومين وأخبرته بما دار بينى وبين اللواء حبيب العادلى وأنى حذرت العادلى من ثورة مقبلة ولكن عمر سليمان لم يجب بأى تعليق وحتى لم تظهر أى معالم على وجهه نهائيا وهو أمر معتاد، فالمعروف أن كل ضباط المخابرات يشبهون لاعبى البوكر لا يظهر على وجوههم أى تعبير سواء فى حالة الفوز أو الخسارة.

ويكشف حفظى فى حديثه معى عن واقعة فى غاية الخطورة تستحق التوقف عندها، ويقول حفظى: «فى أحد اللقاءات بينى وبين اللواء منصور حيث كنت مساعد أول الوزير للقطاع الاقتصادى وكان العيسوى وزيرا للداخلية.. قال اللواء منصور.. أنا مطلوب منى الإفراج عن محمد الظواهرى.. إيه رأيك يا محسن بيه.. فأجبته لأ يا فندم.. الظواهرى لا يشكل أى شىء فى شخصه، ولكنه يمثل على المستوى العام باعتباره شقيق أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة ولا يجب إخلاء سبيله إلا بمقابل بمعنى أن لدينا 3 ضباط وأمين شرطة مخطوفين، فيبقى حاجة مقابل حاجة».

سألت اللواء حفظى: وهل أخذ اللواء منصور العيسوى بمشورتك؟

– أجاب قائلا: «للأسف لأ، لم يأخذ بمشورتى ويحزننى أن أقول لك أن اللواء منصور كان مضغوطا عليه للإفراج عن الظواهرى.. مش عارف مين اللى ضاغط عليه ولكن كان واضحا جدا وإحنا كلنا فى الوزارة كنا ملاحظين ده جدا».

كررت السؤال على اللواء حفظى ولكن بطريقة أخرى.. لماذا كنت ترفض الإفراج عن محمد الظواهرى؟

– فأجاب اللواء حفظى هذه المرة بشكل مستفيض قائلا: «رفضت الإفراج عن الظواهرى لأنه شقيق أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة وأنا أعرف أيمن جيدا وأدرك خطورته وكنت ضمن أول فريق من ضباط أمن الدولة يستجوب أيمن الظواهرى فى بداية الثمانينيات عقب اغتيال السادات.

استغللت حديث اللواء حفظى عن أيمن الظواهرى للانتقال إلى الوراء 32 عاما، حيث كان ضابطا بالجهاز فى عام 1981، ويحقق مع كوادر الجماعات الإسلامية المتهمين فى اغتيال الرئيس السادات.. استغللت الحديث عن الظواهرى لكى أنهل من خزائن أسراره وسألته عن طبيعة حالة الظواهرى خلال الاستجواب؟

– وكانت إجابة اللواء حفظى مفاجئة: «أيمن كان متعاونا»، فقاطعته قائلا: «يعنى مرشد»، فقال لى: «لا هناك فرق بين مرشد ومتعاون ومصدر»، فأيمن كان متعاونا فقط وليس مرشدا أو مصدرا، فهو أعطانا معلومات فقط، ونحن قدرنا تلك المعلومات جيدا ولذلك لم يقض فى السجن سوى 3 سنوات فقط من 1981 وحتى 1984 مقارنة بعبود الزمر الذى قضى 32 عاما.

سألت اللواء حفظى: وكيف أدلى بمعلومات وكيف استخدمتموها؟

– قال اللواء حفظى: أيمن سلمنا عصام القمرى أحد أخطر المتهمين فى واقعة اغتيال الرئيس السادات، فأيمن أبلغنا بمكان هروب عصام، حيث كان فى ورشة بالدويقة، ووقت أن هاجمنا الورشة لضبط القمرى ضرب علينا قنابل يدوية وكانت موقعة شهيرة وقتها، وفى اليوم التالى كلفنا أحد الضباط بالتواجد فى قصر أيمن الظواهرى بالمعادى باعتباره أحد الخادمين فى القصر «الجرسون» لمتابعة المكالمات التى يتلقاها أيمن الظواهرى، وفى ذلك اليوم اتصل شخص ورد عليه ضابطنا المكلف بالعمل فى القصر، وطلب المتصل أن يتحدث إلى أيمن الظواهرى فأخبره العامل أن أيمن غير متواجد، فأبلغه المتصل أن يخبر أيمن الظواهرى بأن الدكتور جمال هيقابلك فى نفس المكان المعتاد.

يضيف اللواء حفظى: «بعد الاتصال مباشرة، سألنا أيمن الظواهرى من هو الدكتور جمال، وكانت المفاجأة فى إجابة الظواهرى هو عصام القمرى وبسؤاله عن المكان الذى يتقابلان فيه دائما، فقال أيمن إن المكان هو إحدى الزوايا فى إمبابة، وبالفعل نشرنا جنودنا بزى مدنى فى تلك الزاوية انتظارا للحظة وصول القمرى وقبضنا عليه فى الحال.

بدون تردد، سألت اللواء حفظى: هل كنت تتوقع أن يكون الظواهرى الذى حققت معه ساعات طويلة سيكون زعيم أكبر تنظيم إرهابى فى العالم بعد ذلك؟

– يصمت اللواء حفظى قليلا ثم يجيب: لأ لم أتوقع، ولكن للحقيقة أيمن كان مهذبا جدا، وكان فى نفس الوقت مثيرا للجدل والتفكير فهو من عائلة ثرية، فكان يقيم فى قصر بالمعادى القديمة ووالده الدكتور الظواهرى الشهير وخاله سالم عزام من عائلة عريقة وشغل منصب رئيس المجلس الإسلامى الأوروبى، وكل هذه المعلومات تثير علامات استفهام حول اندفاع الظواهرى إلى طريق الجماعات الإسلامية والعمليات الإرهابية.

سألت اللواء حفظى.. وبعد 30 عاما من الإفراج عن أيمن الظواهرى.. هل يمثل تنظيم القاعدة خطرا على مصر حاليا؟

– فأجاب بنعم ودعمها بمعلومات تنشر لأول مرة على لسان مسؤول أمنى سابق رفيع المستوى، وقال حفظى: «الأجهزة رصدت تسجيلات هاتفية بين أيمن الظواهرى وبين محمد مرسى وقت حكم رئاسته لحكم مصر مفادها أنه فى حال خروج الإخوان من الحكم بأى طريقة فعلى الظواهرى أن يقوم بتنفيذ عمليات ضد الجيش والشرطة وزعزة الأمن فى البلاد».

حرصا على تدقيق المعلومة، سألت اللواء حفظى عن كيف ومتى ومن سجل المكالمات؟ فأجاب اللواء حفظى بلاءات ثلاثة.. لا أعرف من ولا كيف ولا متى.. ولكنى متأكد ولدى معلومة موثقة، وسأعطيك معلومة هامة أخرى، فعندما كنت أعد ملف أيمن الظواهرى فى 1981، توليت حصر أقاربه وأصدقائه واكتشفت أن محمد رفاعة الطهطاوى ابن خالة أيمن الظواهرى، حيث إن والدة كل منهما ابنة عبدالوهاب عزام أحد أهم أدباء وكتاب مصر قبل ثورة 1952، وعم والدتيهما هو عبدالرحمن عزام أول أمين عام للجامعة العربية، ولم تكن المعلومة مهمة وقتها، ولكن بعد أن تولى الطهطاوى ديوان رئاسة الجمهورية وقت حكم الإخوان، حذرت من تواجده فى ذلك الموقع الحساس خاصة أنه سيكون عين أيمن الظواهرى فى أهم مكان مصر، وبالفعل فكان الطهطاوى ينقل «دبة النملة» إلى أيمن الظواهرى.

استكمالا لتاريخ اللواء حفظى فى أمن الدولة، سألته: هل هناك مشهورون تعاونوا مع الجهاز بخلاف أيمن الظواهرى؟

– وكانت إجابة اللواء حفظى بصوت عال.. نعم هناك كثيرون أبرزهم المحامى الكبير حاليا منتصر الزيات.

فسألته، كيف يا فندم؟، فأجاب قائلا: «منتصر الزيات أمدنا بمعلومات هامة أحبطت هروب عصام القمرى وعبود الزمر من السجن الحربى، وبدون معلومات منتصر كان هيبقى فيه مشاكل كبيرة قوى فى البلد».

طلبت من اللواء حفظى الاستفاضة فى قص واقعة إدلاء منتصر الزيات بمعلومات ساعدت الشرطة فى إحباط هروب عصام القمرى وعبود الزمر، فأجاب اللواء حفظى قائلا: «بعد ما قبضنا على منتصر الزيات فى 1981، وجالنا أمن الدولة، ما حققتش معاه إلا بعد ما انتهيت من قراءة ملفه كاملا، وفى الملف وجدت معلومات عن حياته ووالده مدير عام التربية والتعليم بأسوان وكنت أبحث فى الملف عن مدخل لاستجواب منتصر وبالفعل وجدته، فاكتشفت أن ملف منتصر يتضمن ملحوظة هامة وهى أنه أكول، وبالفعل أرسلت أحد الجنود لشراء صينية بسبوسة من محل سمير البنى للحلويات بجوار مبنى أمن الدولة القديم بلاظوغلى، وكان سمير البنى شهير بالبسبوسة والكنافة.

يكمل اللواء حفظى: وضعت صينية البسبوسة أمام منتصر وبدأنا ناكل سويا، وقلت له يا منتصر خد وهات وقلت له إدينى معلومات وأنا هأساعدك وأى حد بيساعدنى بخدمه، وبالفعل منتصر خدمنا خدمة العمر وقالنا إن عصام القمرى وعبود الزمر هينفذوا محاولة للهروب بعد منتصف الليل من السجن الحربى وهيستخدموا حبوب الاتيفان التى تصيب الشخص بالنوم لفترة طويلة.. سيضعونها فى المياه للحراس.

يقول اللواء حفظى فى استرساله لهذه الواقعة الخطيرة: «معلومات منتصر كانت فى غاية الخطورة وهو ما دفعنى للاتصال باللواء حسن أبوباشا وزير الداخلية آنذاك، والصراحة الوزير كان مهتما بدرجة عالية وقالى خليك معايا على الخط، وفى نفس الوقت على الخط الثانى كان يتحدث مع المشير أبوغزالة، وأخبره بالواقعة تفصيليا، وعلى الفور أصدر المشير أبوغزالة تعليماته بنقل عبود الزمر وعصام القمرى من السجن الحربى إلى سجن القلعة لكى يتم استجوابهما بمعرفتى استجوابا تفصيليا للتحقق من الواقعة.

يضيف اللواء حفظى: فى بداية استجوابى للقمرى وعبود رفضا الحديث وأنكرا الواقعة تماما، ولكن بمجرد أن ذكرت كلمة أتيفان اعترفا فورا اعترافات تفصيلية والمفاجأة أنهم كانوا خبأوا الاتيفان فى «سيفون» الحمام.

يضيف اللواء حفظى: ما عرفناه بعد ذلك عن واقعة هروب عصام القمرى وعبود الزمر أن محمد الزمر شقيق طارق الزمر كان ينتظرهما بسيارة على بعد أمتار قليلة من السجن الحربى ومعه بدلتين للجيش بالزى العسكرى، وكانا القمرى وعبود خططا التوجه إلى حديقة الزهرية بجوار معرض القاهرة ويأخذا مدرعتين ويتوجهان إلى طريق كورنيش النيل وأحدهما يتولى ضرب السفارة الأمريكية ثم يكمل باتجاه الكورنيش وصولا لسجن طرة لضربه وتهريب ما بداخله من قيادات فى الجماعة.

تفاصيل حكاية اللواء حفظى عن واقعة هروب القمرى وعبود استدعتنى لسؤاله عن تفاصيل مناقشاته مع عبود الزمر وقتها وطبيعة الفكر الذى كان يعتنقه عبود؟

– أجاب اللواء حفظى قائلاً: «فور إلقائنا القبض على عبود، قال لى: بص يا باشا إحنا كده بقينا واحد واحد.. إحنا فى 81 قتلنا السادات وبعد كده انتوا اعتقلتونا وقرفتونا فى عيشتنا وكنا لازلنا واحد صفر لينا ولكن بعد إحباط محاولة الهروب فكده بقينا واحد واحد».

قاطعت اللواء حفظى متسائلا: هل عبود أخبرك بالسبب وراء قتل السادات؟

– فأجابنى اللواء حفظى إجابة فى جملة قصيرة جدا ولكنها كانت صادمة، الزمر قالى إنه قتل السادات لأن جيمى كارتر «قَبّل» جيهان السادات.

هنا.. كان اللواء حفظى يتابع تعبيرات وجهى عن قبلة جيمى كارتر التى دفعت عبود الزمر لقتل رئيس الجمهورية أنور السادات، واستكمل حفظى تلقائيا الحديث عن واقعة إحباط هروب القمرى وعبود باعتبارها أحد نماذج الأمن الراقى، وهو الأمن الذى يمنع الجريمة قبل وقوعها، ومن نفسه ضرب مثالا جديدا بقضية خطيرة شارك فيها بنفسه وقت أن كان ضابطا بأمن الدولة فى نهاية السبعينيات تتعلق أيضا بمحاولة اغتيال أنور السادات.

يقول اللواء حفظى: «حضر لنا مواطن مصرى شريف.. قال لنا أنه مكلف من قبل المخابرات الليبية باغتيال الرئيس أنور السادات بواسطة بندقية تليسكوب متطورة الصنع، وأنه سيؤجر شقة أمام منزل السادات.. أخبرنا اللواء النبوى إسماعيل وزير الداخلية وقتها.. فقال لنا كملوا القضية حتى النهاية.. فاتفقنا مع الرجل على أن يتعاون معنا ويكمل القضية حتى نهايتها، وبالفعل سافر الرجل روما للقاء المخابرات الليبية هناك وأجروا اختبارات جديدة عليه لمعرفة ما إذا كان الرجل قد أخبر أجهزة الأمن المصرية بما يخطط أم لا، ولكن الرجل كان قويا ولم تنكشف الواقعة، ولاستكمال القضية سافرت أنا واللواء أحمد عبدالفتاح عمر وقضينا فى روما شهرا ونصف الشهر، واستطعنا خلالها تسجيل مكالمات هاتفية بين السفير الليبى وقتها -وكان يدعى عمار التجازى- مع الرجل الذى سينفذ العملية، وكان يسهل لنا كل الإجراءات والتحركات فى روما سفيرنا هناك وقتها ويدعى السفير أحمد صدقى».

يضيف اللواء حفظى: «استطاع الرجل أن يخدع المخابرات الليبية واتفقوا معه على أن يدخل مصر عبر سيارة فيات 132 بميناء الإسكندرية وسيتم تهريب البندقية بتليسكوب داخل السيارة، وحضر الرجل إلى ميناء الإسكندرية وحصلنا على البندقية التليسكوب، وأخذنا اللواء النبوى إسماعيل إلى الرئيس السادات وأعطاه البندقية وكان يجلس معه وقتها السيدة جيهان السادات، وقال السادات وقتها: القذافى عايز يغتالنى بالبندقية دى بقى.. ثم نظر إلى النبوى إسماعيل وقال له.. برافوا على الشغل الهايل ده واعمل للشباب دول أى حاجة هما عايزينها».

يكمل اللواء حفظى: «بعد أن انتهينا من اللقاء، قال لنا اللواء النبوى إسماعيل ماذا تريدون، فطلبنا منه ترقية استثنائية، فوافق وقال فى عيد الشرطة هنطلع قرار جمهورى بالترقية، ولكن وقع حادث اغتيال السادات قبل احتفالية عيد الشرطة ولم نحصل على أى ترقيات».

حكايات حفظى عن أسرار قضايا أمن الدولة التى لم تظهر للرأى العام قبل ذلك أو حتى ظهرت، ولكن ليست بتفاصيل وسرد معلوماتى مثل ذلك، دفعنى لسؤاله عن قضايا أخرى كانت خطيرة عمل فيها وقت أن كان ضابطا فى أمن الدولة.

– أجاب اللواء حفظى قائلاً: «فى قضية حلوة قوى.. كان معانا ضابط أمن دولة اسمه سعيد عبدالمقصود عفيفى وهو شقيق عادل عبدالمقصود عفيفى رئيس حزب الأصالة السلفى وشقيق الشيخ محمد عبدالمقصود الداعية السلفى اللى كان بيصعد على المنصة فى رابعة العدوية».. فى أحد الأيام ببداية الثمانينيات اشتبهنا فى ولد قادم من لبنان وتم ترحيله مرة قبل ذلك من القاهرة، وكان يحمل جواز سفر باسم «على سميح نجيب» ولكن بعد شهرين فوجئنا بنفس الشخص يحضر إلى القاهرة بجواز سفر آخر يحمل اسم «سليم جوزيف»، وعلى الفور زاد اشتباهنا فى هذا الشخص وبدأنا نستجوبه فكانت المفاجأة انه اعترف أن حقيبة سفره بها 20 كيلو جرام tnt، وفتحنا حقيبة السفر بعناية شديدة وبالفعل وجدنا الـtnt، وبعد ذلك بدأنا نستجوبه بشكل تفصيلى، فالولد اعترف لنا باعترافات غاية فى الخطورة وهى أنه حضر إلى مصر لتفجير محطة أتوبيس فى ألماظة.

يقول اللواء حفظى: «أخذنا الولد وتحركنا به إلى اللواء أحمد رشدى وزير الداخلية آنذاك ووقتها أدلى الولد باعترافات أكثر خطورة أنه هو الذى وضع قنبلة فى شيراتون القاهرة وانفجرت فى الكازينو المرافق لها قبل شهور وأسفرت عن إصابة الفنانة زيزى مصطفى»، وهذه الواقعة كانت غامضة بالنسبة لنا ولا نعرف من وراءها.. الأخطر أن الولد اعترف أنه فجر مكتب مصر للطيران فى نيقوسيا وأنه عضو فى تنظيم نسور الثورة أو صاعقة الثورة، وكان أمير التنظيم يدعى زهير محسن، وعندما وصلت تفاصيل تلك القضية للرئيس السادات أطلق السادات على رئيس التنظيم اسم زهير العجمى بدلا من زهير محسن، وذلك لأنه كان لديه سجادات عجمى كثيرة فى منزله.

لا أريد أن أقاطع اللواء حفظى وهو يقص حكايات عن تاريخ قضايا أمن الدولة فى الثمانينيات، خاصة القضايا التى تتعلق بالأعمال الإرهابية أو اغتيال الرؤساء وكبار المسؤولين، ولكن بعد أن انتهى من قص قضية زهير العجمى، سألته عن دور الصدفة فى كشف القضايا التى حقق فيها فى أمن الدولة؟

– وكانت إجابته سريعة.. طبعا الصدفة لها دور كبير ويكفى أنى أحكيلك قضية أبونضال.

يقول اللواء حفظى: «كان فيه واحد فلسطينى اسمه صبرى البنا وكنيته أبونضال وكان بيخطط يحضر لمصر لتنفيذ عملية إرهابية غاية فى الحساسية وتحديدا اغتيال السفير الإسرائيلى، وبدأوا فى تنفيذ تلك العملية عن طريق إرسال أحد أعضاء التنظيم بزعم دراسة الماجستير فى مصر، ولكن فى الحقيقة لدراسة الأوضاع وتهيئة الأمور لباقى أعضاء التنظيم وسهلوا دخول كل الأسلحة التى سيستخدمونها فى تنفيذ العملية ويتبقى فقط دخول المنفذين أنفسهم».

يضيف اللواء حفظى: «فى أحد الايام كان عضو التنظيم المتواجد فى القاهرة ويدعى إبراهيم الدايه يقيم فى منطقة الدقى، اكتشف سرقة سيارته المرسيدس، وهنا تخيل إبراهيم الدايه أن المخابرات وراء سرقة السيارة والتفتيش، وعلى الفور توجه إبراهيم من تلقاء تفسه إلى السفارة الأمريكية والتقى بالسفير وقتها وكان يدعى ارمين ايتس، وأخبره بتفاصيل الواقعة تماما، واتصل السفير الأمريكى بالرئيس الأسبق حسنى مبارك وأخبره بالواقعة وطلب أن يكون إبراهيم الدايه شاهد مالك وليس متهما».

يضيف اللواء حفظى: «اتصل مبارك باللواء النبوى إسماعيل وزير الداخلية وقتها وطلب منه أن يتولى التحقيق فى الواقعة بنفسه، وكلف النبوى إسماعيل فريقا من أكفأ ضباط أمن الدولة للتحقيق فى الواقعة، وبالفعل بدأنا استجواب إبراهيم الدايه واكتشفنا أن الموضوع صعب للغاية، خاصة أنه ليس لديه أى معلومات عن التنظيم سوى تليفون عضو واحد فقط وشفرة سرية للحديث فى التليفون.. طلبنا منه أن يتصل برقم التليفون ويخبره بالشفرة السرية التى تعكس أن الأوضاع تمام».

يقول اللواء حفظى: «فى اليوم المحدد لحضور العضو الثانى فى التنظيم انتظرناه فى المطار وبتفتيشه وجدنا الشفرة السرية فى بطانة الكرافتة، وطلبنا منه أن يتعاون معنا، ووافق الرجل واتصل برقم هاتف كان يحمله لعضو ثالث بالتنظيم وأخبره بهدوء الأحوال، وبالفعل حضر المتهم الثالث ووجدنا الشفرة السرية فى البطانة الداخلية للكرافتة مثل باقى الأعضاء الآخرين، وتكرر نفس الأمر، إلى أن وصل العضو الرابع فى التنظيم واكتمل تنظيم أبونضال فى القاهرة».

لم أنه الحوار مع اللواء حفظى قبل أن أسأله عن دور الإخوان فى تدمير المؤسسة الأمنية خلال عام من الحكم قضاها مرسى فى السلطة؟

– وأجاب حفظى قائلا إن: «الإخوان دمروا حاجات كثيرة فى البلد وأنا أشبههم بدابة الأرض فى قصة سيدنا سليمان التى أكلت عصا سليمان فاكتشف الجن وفاته، ويكفى مثالا جهاز أمن الدولة والذى تدمر على يد الإخوان وهرب منه الكفاءات ومنهم من قدم استقالته ومنهم من سافر للخارج، وحتى بعد عودة الجهاز للعمل تحت اسم الأمن الوطنى، فلم يعد بكامل طاقته».

اليوم السابع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى