مدرسة الخارجية المصرية

 

29

 

 

الحوار مع الأستاذ نبيل فهمى، وزير خارجية مصر، هو أمر ممتع، لأنه يجعلك تعيش فى عالم يعتمد على المنطق والتعقل ولغة المصالح الوطنية التى غابت عن العقل المصرى فى زمن الغيبوبة والهيستيريا.

ومنذ أيام أتيح لى أن أجرى لقاءً مطولاً مع الأستاذ نبيل فهمى حول أسس وركائز السياسة الخارجية فى زمن ما بعد ثورة 30 يونيو 2013.

ولعل أهم ما استوقفنى فى هذا الحوار هو حرص الرجل على إعطاء الأولوية القصوى والصدارة العليا للقرار الوطنى الشعبى المصرى فى التأثير على السياسة الخارجية المصرية.

ما يفهمه نبيل فهمى ويؤمن به إيماناً خالصاً هو أن ثورتى 25 يناير و30 يونيو جاءتا مفاجأة لجميع القوى الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة.

ولفت نبيل فهمى الانتباه إلى أن كل القرارات الكبرى والمصيرية فى نصف القرن الماضى خرجت كلها من داخل المنطقة وليس من خارجها، باستثناء قرار غزو الولايات المتحدة لدولة العراق.

إذن «اللاعب المحلى» إذا كان يعبر عن حركة شعبية وطنية أصيلة فهو اللاعب الأهم والأكثر تأثيراً.

وإذا كان البعض من أساتذة العلوم السياسية الذين يؤمنون بأن السياسة الداخلية لأى شعب هى التى تفرض نفسها على صناعة قرار السياسة الخارجية.

وكما يقولون فى واشنطن لا يوجد شىء اسمه سياسة خارجية، هناك فقط سياسة داخلية للولايات المتحدة.

ولعل أعظم ما ظهر فى ثورة 30 يونيو أن الشعب، وليس النخبة السياسية، كان القائد والمشارك والمؤيد والصانع الحقيقى للثورة.

وأعظم ما فى ثورة 30 يونيو هو أنها كانت تجمع بين تلقائية الشعب والتنظيم الجيد المعد له سلفاً من شباب حركة تمرد وأنصارهم من القوى الثورية.

ولفت نبيل فهمى الانتباه إلى أن الثورة المصرية فى يناير وفى يونيو أنذرت نظامى حكم مبارك ومرسى، وأعلنت بشكل واضح عن موعدها ونواياها ومطالبها بشكل صريح وواضح، مما ينفى عنها شبهة الانقلاب العسكرى الذى اعتدنا أن يكون مفاجئاً من أجل الاستيلاء على السلطة.

ويأتى فكر نبيل فهمى ليعبر عن «الجيل الأوسط» من شباب الخارجية الذين عاصروا أجيالاً من الأساتذة والعمالقة الذين غرسوا فيهم فكرة «الوطنية المصرية» القائمة على مبدأ خدمة مصلحة البلاد العليا، دون التفريط فى أى حق من حقوق الوطن.

تلك هى مدرسة الخارجية المصرية، كما نعرفها على مر التاريخ.

 

الوطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى