الجوع يتغلغل في أمريكا

إلهام محمد علي
وعود بالإصلاحات يعيش على آمالها الأمريكيون الذين يعانون من الفقر والجوع ، وهم بحاجة ماسة لأفعال على أرض الواقع بعيدا عن الكلمات التي “لا تغني ولا تسمن من جوع” ، حيث وصل عدد من يعتمدون على برنامج التغذية المساعدة المكملة، أو بطاقات تموين الطعام مجاناً في الولايات المتحدة، إلى رقم قياسي جديد خلال العقود الأخيرة، إذ بلغ حالياً 46 مليون نسمة، أي واحداً من كل ثمانية مواطنين.
وقالت صحيفة “نيويورك تايمز”: إن الجوعى في كل مكان في أمريكا، في الطرق الفرعية وفي الأسواق الكبيرة وفي سيارات الأجرة والحافلات، وفي كثير من الأحيان لا يشعر بهم أحد، أو أنهم يبدون عاديين”.
وأضافت الصحيفة: إن الرقم المذكور رقم رسمي، وإن العدد الحقيقي أعلى من ذلك، نظراً لأن كثيراً من الناس لا يعون أنهم يستحقون الحصول على بطاقات المساعدة.
ميزانية ضيقة
وأشارت الصحيفة إلى أن بطاقات الطعام تسمح لحاملها بالتسوّق العادي، لكن في حدود ميزانية ضيقة للغاية تبلغ 130 دولاراً في الشهر، وقالت: إنه من الصعوبة بمكان إطعام أسرة بواسطة هذه البطاقات، “وأصعب من ذلك عدم الحصول عليها”.
وذكرت أن شبكة بنوك الطعام غير الربحية وغير الحكومية تحاول سد الفجوة الكبيرة، لكنها لا تكفي، وأن عدد مَن تساعدهم تضاعف خلال الأعوام الستة الأخيرة.
ونقل عن رئيسة أحد فروع هذه البنوك كارين بيرل قولها: “لم تكن لدينا قائمة انتظار، ولم نكن نرفض مساعدة أي أحد”.
وقالت: إن برامج الرعاية الاجتماعية في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق ليندون جونسون في الستينيات خفضت نسبة الفقر إلى 11 في المائة من 20 في المائة خلال أقل من عشر سنوات.
فقر الأطفال
إلى ذلك ، بلغت معدلات فقر الأطفال في الولايات المتحدة مستويات قياسية، حيث تؤثر على نحو 17 مليون طفل في البلاد، كما يتزايد عدد الأطفال الذين يعانون من الجوع بشكل يومي.
ويعتمد 47 مليون أمريكي على بنوك الطعام الخيرية للحصول على الغذاء، كما أن هناك طفل من بين كل خمسة أطفال يتلقون مساعدات غذائية في أمريكا.
وتقول كارين لوفلين لـ” بي بي سي” ، التي تعمل مع بنوك الطعام منذ 30 عاما: “لقد تغير الوضع بشكل كبير منذ بداية الركود، ونحن نشهد زيادة بنحو 30 إلى 40 في المئة فيما يتعلق بأعداد الأشخاص الذين يأتون إلينا.”
وتضيف: “ليس هذا فقط لأن العديد من الناس فقدوا وظائفهم، لكن أيضا لأن الوظائف البديلة تقدم مرتبات أقل، حتى أنك لا تستطيع أن تطعم أسرة”.
وتظهر انعكاسات هذه المشكلة في جميع أنحاء أمريكا، كما تقول مؤسسة “فيدينغ أمريكا” أو إطعام أمريكا الخيرية، والتي تدير 200 بنكا للطعام، وتطعم 37 مليون شخص كل عام، من بينهم 14 مليون طفل.
وتقول المؤسسة إن نحو 17 مليون طفل أمريكي يعيشون في بيوت لا يستطيعون فيها أن يعتمدوا على الحصول على طعام صحي كاف، فالنسبة لبعض العائلات، قد يعني الطعام الرخيص وسهل التحضير، مثل شطائر البيتزا، زيادة احتمالات الإصابة بالبدانة والتعرض لمشكلات صحية في وقت لاحق في المستقبل.
وكان وعد الرئيس الأمريكي باراك أوباما في فبراير الماضي في خطاب له بزيادة الحد الأدنى للأجور ليصبح 9 دولارات للساعة.
وقال أوباما في خطابه: “هذه الخطوة بمفردها سترفع الدخول لملايين من العائلات العاملة، وقد يعني هذا الفرق بين التسوق من محلات البقالة أو الاعتماد على بنوك الطعام، وهو يعني أيضا الفرق بين العيش في منازل مؤجرة أو الخروج منها إلى المجهول، والعيش على الهامش أو العيش بكرامة”.
فقر مدقع
بلا وظيفة … وبلا بيت … جائعة … وحامل … رفعت سيدة أمريكية لافته بهذه الكلمات في 2009 لتعكس حالة الفقر المدقع الذي تعيشه هي وطفلها الذي ببطنها والأخر الذي تحمله.
ونحو هذا الصدد قال تقرير سنوي نشرته جمعية “التحالف ضد الجوع” إن واحدا من كل ستة بنيويورك يعاني من الجوع أي نحو 1.3 مليون بينهم أكثر من400 ألف طفل وتضم المدينة 8.25 ملايين نسمة بحسب الأرقام الرسمية.
وحسب التقرير يتضح أن عددا متزايدا من الفقراء يتوجه إلى أماكن لتوزيع وجبات الطعام الشعبية وارتفاع الطلب عليها بنسبة 35 % منذ 2006 وهو مؤشر ارتفاع المعدلات حاليا بشكل مضاعف .
وأوضحت الجـمعـية أن الحكومة الأميركية قلصت بشكل كبير المنح الغذائية للجمعيات ولا يقتصر ذلك على هذه الولاية وحدها بعد أن تفاقمت الحالة لتعم الولايات جميعا.
واضطرت الأمم المتحدة إلى مراجعة تقديراتها لعام 2009 بان هناك مليار شخص في العالم يعانون الجوع، وقال أن الرقم يقترب من 870 مليون شخص.
وفي مؤتمر في روما، قال رئيس الفاو غراتسيانو دا سيلفا ان تقرير الأمن الغذائي لعام 2012 يوضح أن النتائج على مدى العقدين الاخيرين “افضل مما كان يعتقد من قبل”.
وتشير إحصائيات الأمم المتحدة وفقا لـ”بي بي سي” ، أن عدد من يعانون الجوع انخفض بمقدار 128 مليون منذ عام 1990، متراجعا من 980 مليون إلى 868 مليون اغلبهم يعيش في الدول النامية.
وتعني تلك الأرقام الأخيرة أن نسبة 12.5 % من سكان العالم، أو واحد من كل ثمانية، يعانون من الجوع، إلا أن سيلفا قال أن “اغلب ما تم إحرازه من تقدم كان قبل 2007/2008”.
وأضاف أن الأمر يتطلب العمل بجد لتنشيط النمو الاقتصادي والوفاء بأهداف التنمية للألفية بخفض عدد الجوعى إلى النصف عام 2015.
ويعود التباطؤ في تحقيق تلك الأهداف إلى الركود العالمي وارتفاع أسعار الغذاء وزيادة النمو على الوقود الحيوي والتغيرات المناخية.
محيط