رسالة للمرشح المنتظر

 

55

 

أولا لابد أن نعترف ببعض الامور وبعض القواعد السياسية والاجتماعية و التي تعد جزء من التاريخ الانساني والاجتماعي الموروث، و منها قاعدة اساسية و هي الكثير يستطيعون القيام بالخطوة الأولى بنجاح ولكن القليلين من يستطيعون القيام بالخطوة الثانية بنجاح أكبر.

ومنها لنتذكر التاريخ القريب ، فربما الشعب او المؤامرة أو القدر حسب ما تشاء تسميته  قد جعل يناير و ازاحة نظام مبارك خطوة أولى ناجحة ، ربما نجاحها قد الهم العالم «كما سمعنا» و لكن كانت الخطوة الثانية في منتهي البؤس و انعدام الحرفية وتم تسليم مصر لفصيل واحد بدعوى انه الأكثر تنظيما فاستلم الحكم الاخوان منذ اعلان التنحي سواء خلف الستار ايام المجلس العسكري أو أمام الستار بعصر العياط ، مما نتج عنه فشل في خارطة الطريق الاولى و فشلا في نجاح الخطوة الثانية ليناير مما مهد لثورة جديدة و هي ثورة يونيو.

و الان و بعد ازاحة نظام الاخوان تشاركيا شعبا و جيشا  و قيامنا بخطوة أولى ربما ناجحة بشكل أكبر من الخطوة الاولى في يناير نجد أنفسا أمام أختبار حقيقي جديد بل نفس التحدي ليناير و هو اتخاذ الخطوة الثانية بنفس النجاح ، هذه الخطوة التي ان اخفقنا فيها هذه المرة أيضا ربما تكون العواقب وخيمة بشكل اكبر حتى من عواقب يناير.

فلنخرج ما في الصدور و نتحدث للمرشح المنتظر و الذي يسمية البعض المخلص أو “منقذ مصر” أو الاختيار الاخير و الاوحد ولنؤكد أولا تقديرنا الكامل أن قدر البعض أن تكون خياراته و قراراته  و ان كانت في مضمونها شخصية و فردية هي خيارات عامة مؤثرة ، ربما لا ينحصر تاثيرها على النطاق المحلى أو الوطني بل الاقليمي،  و لنعترف ان قدر البعض القليل من المختارين أن يقفوا هذا الموقف “أعانكم الله” ،

و ثانيا حول عواقب الاختيار ، أن مصر لن تتحمل أختيارا ثانيا خاطئا أو يجانبه التوفيق ، فلو تماسكت اجتماعيا مقابل هذا الخطأ في القرار فبالتأكيد لن تتماسك أمنيا و سياسيا و الأخطر اقتصاديا …

فعزيزي المرشح المنتظر ، نعلم جميعا قدر التحديات التي تمر بها مصر ،بداية من تحدي اثبات لمن لا يريدون الفهم و الاعتقاد ان ما قام به الشعب مدعوما بجيشه في 30 يونيو ثورة مكتملة الاركان، هذه الثورة التي ابهرت العالم بشعبا واعيا وجيشا حكيما ادار الرغبة الشعبية و مواجهة الارهاب بحرفية بالغة حتى خرجت ثورة يونيو بلا خسائر تذكر.

هذا ما اثار حفيظة أعداء الوطن وجعلهم في خندقا واحدا مع الارهاب مصرين على دعمه وتمكينه من القيام بدورا معرقلا المسار وهادما للاستقرار بل متخذا جيش مصر عدوا له، محاولا بذلك منع التنمية والتي هي لب ارادة المصريين و مضمون ثورتين متعاقبتين.

فجمينا يرى الهجمة الدولية الشرسة و التي لازالت مستمرة بجميع وسائل الاعلام الغربية و لو بين السطور لتصوير ما حدث انقلابا وهو مبغى كل أعداء الوطن ، محاولين برهنة ذلك بكل الطرق و باعلام غربي مضلل ليجعل مصر دوليا في وضعا مارقا يعيق اي نية للتطور او الرقي و عرضة للعقوبات و الحصار مما يسهل على أعداء الوطن بالداخل مهمتهم في هدم المجتمع و تفتيته و العمل علىالتجهيز لفوضى كبيرة قادمة يكون اساسها اقتصاديا مبنيا على الدعم الدولي لفكرة عقاب مصر دوليا ، وبالطبعفيحالةتوليرئيساسيادياولوبانتخاباتستعطىلهمالذريعةلشرعنة تلك الهجمات و التي يتمنوها بل يأملون خلق وضع مناسب للتوسعفيها …

 

عزيزي المرشح المنتظر فالحسابات الداخلية أيضا هامة عند اتخاذ قراركم التاريخي، فلو نظرنا للوضع السياسي المصري و انتهاء خارطة الطريق على انتخاب او تكليف رئيسا لا ينتمي لاي فصيل سياسي ربما ينتمي لفصيلا سياديا و منه عدم امتلاكه لظهيرا سياسيا يدعمه كحزبا أو مجموعة سياسية، فللأسف و لو صفقت له جميع الفصائل لقراره وتوليه المنصب  ولكنها ستجد أنفسها في مقاعد المعارضة مضطرة بعد ذلك، فمنهم من سيعارض للصالح العام و منهم للصالح الخاص أو الحزبي لتحقيق المكاسب وبالطبع سيكون هناك معارضين من أجل هدم مصر و لكن مما لا شك فيه فبدون ظهير سياسي سيكون الوضع شائكا وسيكون الجميع في خندقا واحدا يصعب عليكم و على الراي العام التمييز بينهم …

وأيضا في هذا الصدد لا يجب ان ننسي مواد الدستور الحالي و الذي يجعل البرلمان مقوضا لسلطات الرئيس بل مشاركا فيها بشكل كبير و لو من خلال التوجيه السياسي للنصوص و ليس النص الصريح، مما سيعيق عليكم العزف السياسي المنفرد الذي ستضطرون اليه و لو كان بأعذب الالحان، فالمصالح سواء شخصية أوحزبية للبرلمان أو الدولية للغربستشتبك مع المصلحة العامة، لتشتبك بدورها مع نصوص الدستور و القانون ، مما ربما سيؤدي لعواقب وخيمة و نشوء دولة متكلسة سياسيا فيتم اعاقة أي قدرات على ممارسة السلطة مع هذه النصوص و في ظل هذا الارتباك.

أما بخصوص وضع الشارع المصري و حال الشباب الفاقد للتوجيه بسبب بؤس نخبة و ضعف الاداء الاعلامي والاقتصادي ووسط جهلا ثقافيا عاما أفقده قدرته على تحديد الاولويات نجد تحديا آخر، فهذا الشباب بدأ تدريجيا ومع تصرفات جماعة الاخوان وحركتها بالجامعة أن يدخل في غمار من يدعون نفسهم أنصار الشرعية كما أن هؤلاء الشباب بدأت تدخل اليهم فكرة مقاومة الشرطة والجيش كعرفا اجتماعيا وأمرا طبيعيا مستندين في ذلك الى غياب كامل للنصح والارشاد من الجميع، مما سيجعل نزول مرشحا سياديا مادة خصبة لزيادة الاعداد وخلق قضية جديدة ربما يكون لها زخما حول أن أحلامهم بثورة قد سرقت بواسطة مرشحا سياديا ومع تواجد الخارج في هذه الصورة سيئة النية والنخبة المدنية في هذا البؤس ربما يكون لهذا القرار رده فعل عليهم وجب أخذها بالاعتبار.

و أخيرا فاننا نعلم علم اليقين أن الصورة الكاملة غير متوفرة لأي من المحللين السياسين أو المتابعين أو حتى من حزب الكنبة ، كما نعلم علم اليقين أن المرشح السيادي المنتظر هو حلما لمصريين كثر من حزب الكنبة البطل الحقيقي لثورة يونيو ليكون مخلصا لهم و لنا من عصر الاخوان و ضمانة لعدم عودتهم للساحة السياسية قريبا لاستنساخ عصرا جديدا لعياط جديد.

فلهذا نؤكد أن القرار قراركم و قرار مؤسساتكم و التي تلعب صوت العقل و و الضمير وتحمي الوطن بكل بسالة الى هذه اللحظات ، كما نعلم أيضا ان قرار الترشح من عدمه و عواقبه لن يستطيع قياسها أو ادارة ردود أفعالها الا أنتم، و حسب رؤيتكم الشاملة و التي نؤكد أننا لا نملكها،  فان كان تقدمكم للترشح في الصالح العام و تمت دراستة دراسة وافية وكانت النتيجة أنه الأصلح عمليا  و موضوعيا، فتوكلوا على اللهو سيلتف الشعب وراء القرار، وأن كان القرار سيحمل معه مغامرات جديدة فالشعب المصري العظيم قد تحمل الكثير وأعتقد أنهم لن يستطيع تحمل مغامرات جديدة بالغة الخطورة أو ثلاث سنوات انتقالية قادمة أو فخا أمريكيا غربيا جديدا نقع فيه وطنا و شعبا و قيادة. أنتم من تملكون القرار و أعانكم الله عليه.

و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون.. وفقكم الله لما هو في صالح الوطن.

 

الشروق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى