الأخبار

رئيس “ميريس” يحذر من استمر الوضع بمصر على هذا الحال

2013-634963806575950382-595_main

بات وضع مصر الاقتصادى فى مرحلة صعبة بعد أن قامت وكالة “موديز” للتصنيف الائتمانى بتخفيض السندات المصرية للمرة السادسة على التوالى ليصل إلى B3 من B2.

وقالت “موديز” إنها ربما تخفض التصنيف مجددا، بخاصة أنها أعلنت فى أوقات سابقة عن نيتها خفض تصنيف مصر درجتين.

وأرجعت “موديز” خفض تصنيف مصر إلى عدم الاستقرار السياسي المستمر في البلاد وتصاعد الاضطرابات المدنية في الآونة الأخيرة، كما أبدت شكوكا بشأن قدرة مصر على الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى، مؤكدة أن هذا أحد أسباب خفضها للتصنيف الائتماني، بالإضافة إلى حالة الطوارئ وحظر التجوال في مدن القناة الثلاث في الإسماعيلية وبورسعيد والسويس بسبب الاضطرابات وأعمال العنف التي شهدتها مؤخرا.

وحول المشكلات التى تواجه مصر ائتمانيا وروشتة تفادى تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر مجددا كانت لنا هذه السطور مع الدكتور عمرو حسنين رئيس مؤسسة ميريس الشرق الأوسط للتصنيف الائتمانى.

= ما خطورة الوضع الحالى، وما هى المراحل التالية لها فى جدول التصنيف الائتمانى عالميا؟
– بداية إن تخفيض وكالة موديز لسندات الحكومة المصرية تعنى ارتفاع المخاطر وبالتالى ارتفاع فائدة هذه السندات عالميا، ويترتب عليها زيادة فى خدمة أعباء الدين، كما أن هناك مخاطر من التخفيض القادم لأنه سيضع مصر فى المرتبة C وتعنى أننا من الدول القريبة من التعثر.

واستمرار الأوضاع على المستويين السياسى والاقتصادى على ماهى عليه فى الوقت الرهن سينذر بكارثة، والسيناريو الأسوأ حال عدم تقدم الحوار الوطنى والتوافق المجتمعى سيؤدى إلى عدم قدرتنا بعد عام من الآن على شراء غذائنا من الخارج، لآن الاقتصاد المصرى لن يستطيع بوضعه الحالى الصمود لأكثر من عام.

= ما أسباب تراجع التصنيف الائتمانى لمصر؟
– هناك سببان لتراجع تصنيفنا الائتمانى، الأول كمى والآخر نوعى، أما النوع الأول فيعنى أن هناك خللا فى الأرقام مثل تراجع الاحتياطى لمستويات حرجة، وارتفاع نسبة إجمالى الدين العام مقارنة بالناتج المحلى الإجمالى وهى فى مصر قاربت على نحو 100%، فى حين أن النسب العالمية تتراوح بين 70% إلى 80%، وهذه هى الأسباب الكمية، أدت إلى إختلال واضح فى الاقتصاد المصرى، وقادت إلى النوع الثانى وهو الأسباب النوعية وتتمثل فى عدم قدرتنا على زيادة مواردنا بسبب الوضع السياسى الداخلى، كما أدى عدم استقراره إلى التأثير سلبا على الوضع الاقتصادى، فالسياحة تكاد تكون وصلت لمرحلة التوقف، وبالتالى تراجعت مصادرنا بالعملة الصعبة من هذا القطاع الحيوى، نتيجة تردى الوضع السياسى، فضلا عن تراجع معدلات الإنتاج بسبب تصاعد واستمرار الإضرابات والاحتجاجات.

ويعد تحذير الخارجية الأمريكية لرعاياها من السفر إلى مصر من شأنه التأثير سلبا على قطاع السياحة، لآن هذا يؤثر على السياحة الأمريكية وتحذو حذوها العديد من الدول الأخرى، كما أن التحذير يبين أن الخارجية الأمريكية استشعرت شيئا، بخاصة أن انتخابات مجلس الشعب على الأبواب، كما أن الفترات الماضية شهدت اضطرابات عديدة قبل أى حدث كبير، فأحداث محمد محمود الأولى سبقت انتخابات مجلس الشعب الذى تم حله، وكذلك عقب الاعلان الدستورى وكذلك الاستفتاء على الدستور.

وحظر السفر يترتب عليه نقص شديد فى العملة الصعبة، واليوم لدينا مصدران للعملة الصعبة هما قناة السويس وتحويلات العاملين فقط، بخاصة بعد تردى وضع السياحة وتراجع حجم الصادرات المصرية.

= هل هناك روشتة سريعة للخروج من هذا المأزق؟
– الروشتة الوحيدة لتجنب تراجع تخفيض مصر الائتمانى هو التوافق الوطنى، كما أن قرض صندوق النقد الدولى ارتهن بالتوافق العام بين كافة القوى السياسية، بخاصة التوافق واسع المدى.

وطلب صندوق النقد الدولى من مصر وضع برنامج اقتصادى يحقق قبولا واسع المدى بين كافة أطياف المجتمع، ولم يفرض على مصر أية شروط، وعندما تعثر تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى، طلبت مصر عدم عرض طلب القرض على مجلس إدارة الصندوق، لأننا لم نستطع الوفاء بالتزاماتنا أما الصندوق وفق البرنامج الذى وضعناه بأيدينا، وبالتالى فإن الوضع يزداد صعوبة كلما تأخرنا، كما أن تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر يزيد من صعوبة الموقف، أمام قرض صندوق النقد الدولى، بخاصة أن موافقة الصندوق على القرض تعد خطوة مهمة للاقتصاد المصرى، لأنها شهادة دولية على قدرتنا على الوفاء بالتزاماتنا أمام العالم.

والقرض يفى فقط بثلث احتياجاتنا، لكن أهميته تكمن فى أنه يعد خطوة أو “كوبرى” للحصول على قروض أخرى من مؤسسات مالية عالية.

وكافة وكالات التصنيف الائتمانى حاليا فى حالة قلق شديد جدا حول مستقبل القرض، لأننا إذا لم نستطع تنفيذ البرنامج الإصلاحى والخاص بمعالجة عجز الموازنة العامة للدولة عن طريق إعادة هيكلة الدعم وغيرها من المشكلات المزمنة فى هيكل الموازنة بهدف الحصول على قرض صندوق النقد الدولى، سيبعث برسالة سيئة لوضعنا الاقتصادى أمام وكالات التصنيف الائتمانى، وبالتالى فالحل هو التوصل لبرنامج وطنى سياسي يتفرع من برنامج وطنى اقتصادى ينال قبولا وتوافقا واسع المدى، مما يعيد ثقة المؤسسات الدولية فى الاقتصاد المصرى مرة أخرى، أما النقطة الثالثة والهامة فى هذا الإطار فهى الحالة الأمنية وعودة الانضباط للشارع مرة أخرى، وتعد هذه النقاط الثلاث مثلث الخروج من أزمة التخفيض الائتمانى لمصر، وهذه العناصر لابد من تحقيقها الأمس قبل اليوم، وبالتالى فخلاصة القول إن مستقبل التصنيف الائتمانى لمصر مرهون باستقرار الوضع على المستوى السياسى قولا واحداً، والتوافق السياسى سيعزز من التوافق على المستوى الاقتصادى، بالتالى يحدث هدوء على المستوى الأمنى، وطالما هناك اضطرابات فلن يأتى مستثمر إلى مصر.

= هل الحل صعب لهذه الدرجة؟
– الحل ليس صعبا، فكل المطلوب هو العودة مجددا إلى مائدة الحوار الجادة التى تجمع كافة القوى السياسية، والعمل خلالها من منطلق وطنى فقط وهذا ليس مستحيلا طالما أن الحوار هدفه التوصل إلى قرارات وسطية، بعيدا عن الأيدلوجيات أو القناعات المسبقة قبل البدء فى الحوار الجاد، أما إذا كان الحوار من طرف واحد فإن الأمور ستصل إلى الأسوأ، وبالتالى فعلى الحزب الحاكم القيام بمبادرات واسعة وملموسة يشعر بجديتها كافة الأحزاب المعارضة، على أن يتم تقديم مصلحة مصر فوق أى اعتبار، لكن الوضع الحالى يقوم على أساس الحوار على حافة الهاوية، وإذا وصل الطرفان لحافة الهاوية سيقع الطرفان وستقع مصر معهما.

= ما هى المستويات الحرجة لحجم الاحتياطى النقدى من وجهة نظركم؟
– تراجع الاحتياطى النقدى من العملات الصعبة إلى مستويات حرجة، بخاصة أن حجمه حاليا عند 13.5 مليار دولار، وهو منخفض جداً، أما إذا وصل إلى نحو 9 مليارات دولار، سيكون من الصعوبة بمكان الحصول على قرض صندوق النقد الدولى.

= ما أهم القطاعات القادرة على مساندة الاقتصاد المصرى للخروج من عثرته؟
– السياحة هى طوق النجاه للاقتصاد المصرى فى هذه المرحلة الحرجة، لأنها تنمو بسرعة ومواردها من النقد الأجنبى سريعة، وتعمل على تشغيل باقى القطاعات الاقتصادية بصورة سريعة.

= هل ترى أن سعر صرف الجنيه أمام الدولار سيشهد تطورا جديدا، بعد انفلات أسعاره حالياً؟
– الانفلاتة الأخيرة فى سعر صرف الجنيه أمام الدولار طبيعية، ولم نشهد انفلاتة بعد، وبالتالى إذا لم تستقر الأمور فسنشهد انفلاتة حقيقية، وقد يصعد خلالها الدولار لمستويات 8 جنيهات وأكثر.

فالأمور على المستوى الاقتصادى تشهد حالة من الانفلات على نطاق كبير، وإذا أردنا أن نضبط الأمور فعلينا أن نسعى لتنفيذ برنامج صندوق النقد الدولى، بهدف الحصول على القرض، وهذه النقطة هى بداية الحل الحقيقى لمشكلتنا الاقتصادية، ولا توجد مشكلة أو صعوبة فى تنفيذ البرنامج بخاصة أن إطارة الرئيسى يقوم على هيكلة الدعم وتوجيهه لمستحقيه، وهيكلة دعم الطاقة.

= هل ترى أن الجهاز المصرفى قادر على قيادة عجلة التنمية؟
– الجهاز المصرفى قادر على تمويل المشروعات والتوسع فى الاستثمارات، لكن العجز الكبير الذى تعانى منه الحكومة جعلها تدخل بقوة وتنافس القطاع الخاص فى الحصول على القروض، وبالتالى بات الجهاز المصرفى ممولا لعجز الحكومة عن طريق سندات الخزانة، على حساب تمويل المشروعات، بخاصة أن إقراض الحكومة يتسم بانخفاض المخاطر إلى جانب رفع سعر الإقراض، وبالتالى زاحمت الحكومة القطاع الخاص، فى الاقتراض، وباتت الأرباح الكبيرة للجهاز المصرفى ناتجة عن إقراض الحكومة.

بوابة الاهرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى