الأخبار

المخرج الفلسطيني فايق جرادة في حواره

قال المخرج الفلسطيني فايق جرادة، إن الدراما الفلسطينية أصبحت بلا سوق “مشفرة” ونخبوية من الدرجة الأولى، أما السينما الفلسطينية فهي ليست “سينما شباك”، مشيرا إلى أن القضية الفلسطينية توحِّد ولا تفرِّق وأن الشعب الفلسطيني يعشق الحياة.

وأضاف جرادة، في حواره لـ”الوطن”، أن القدس هي عاصمة الدولة الفلسطينية، ولا بد أن يكون بها حراك سينمائي وحاليا يوجد ولكن الاحتلال دائما يغلق دور السينما مثل الحكواتي والقصرة.

وإلى نص الحوار..

– ما هي المعوقات التي تواجه المخرجين الفلسطينيين؟

بكل الأحوال نعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي، حيث نواجه يوميا مشكلات بسبب الاحتلال وتفاصيل متعددة، وإذا تطرقنا لأحوال المخرجين والمصورين والصحفيين فهم أكثر أشخاص يواجهون صعوبات أمام الاحتلال، وعلى الرغم من هذا فهم صامدون أمام الاحتلال بسبب الحصار على المصنفات الفنية وكل من يعمل بمجال السينما والصور، ولكن هذا يعطينا قوة لتوصيل الحقيقة بالصوت والصورة، وحتى العاملين بالإعلام المرئي والمسموع يعانون الأمرين وهناك 23 صحفيا فلسطينيا يقبعون داخل سجون الاحتلال، إضافة إلى انتهاكات مريرة بحق الإعلاميين والصحفيين والمخرجين والمصورين، لأنهم الأكثر قدرة على توصيل رسالة الشعب الفلسطيني والكلمة الفلسطينية.

أنتمي بصورة شخصية لقضية الأسرى الفلسطينيين

– لماذا أثار فيلمك الأخير “مؤبد مفتوح” ضجة كبيرة عقب عرضه؟

بصراحة، أنا أنتمي بصورة شخصية لقضية الأسرى الفلسطينيين، وفي عام 2004 أضربت عن الطعام مع أصدقائي المخرجين في قطاع غزة تضامنا مع الأسرى داخل سجون الاحتلال، فقضية الأسرى هي قضية إنسانية بحتة ومن أهم القضايا المتعددة للقضية الفلسطينية، ويجب على كل فلسطيني أن ينتمي إليها لأنها قضية إنسان ولا توجد أسرة فلسطينية تخلو من أسير لها بداخل سجون الاحتلال وأكثر من 2 مليون فلسطيني على مدار الاحتلال تم أسره داخل المعتقلات الإسرائيلية، وهي قضية توحد ولا تفرق وبالتالي كان علينا جميعا نحن العاملين بالصورة المرئية أن نسلط الضوء على قضية الأسرى وأذكر أنه في عام 2005 قمت بإخراج فيلم “بعيدا عن الشمس” وكان يحكي عن 45 نوعا من التعذيب داخل سجون الاحتلال، وفيما بعد أنتجنا برامج عن الأسرى في تليفزيون فلسطين، لكن “مؤبد مفتوح” وهو إنتاج مشترك بين الملتقى السينمائي الفلسطيني “بال سينما” ومفوضية الأسرى والمعتقلين في المحافظات الجنوبية، تناولناه بطريقة غير نمطية، حيث يتناول قصة كريم يونس الذي يقبع منذ 35 عاما في سجون الاحتلال ويعد عميد الأسرى الفلسطينيين، وهو من فلسطينيي 48، والإسرائيليون لا يعترفون بفلسطينيته وتحدثنا عن كريم يونس الإنسان والمناضل والذي يرفض دائما الحلول الوسط، وخلال المعالجة أجرينا مقابلات مع كل فصائل العمل الوطني مثل “فتح” والجبهة الشعبية، وأجرينا حوارا مع والدته هذه الأيقونة الفلسطينية، وأثناء المقابلة كانت صامدة واستطعنا رغم كل الحواجز الإسرائيلية مقابلة جميع أفراد أسرته، والمفارقة هنا أنه عقب هذه السنوات منذ عام 1982 كان مع كريم زميل أثناء الاعتقال تعرف عليه من خلال الإنترنت وعلم أنه ما زال مسجونا وقام بتسليم كتب ومتعلقات لكريم منذ الدراسة الجامعية لوالدته أمام الكاميرا، وخلال جميع صفقات الأسرى رفض الاحتلال الإفراج عن كريم بدعوى أنه من أسرى 48، وأنا أرفض ذلك المسمى.

– لماذا اختفت الدراما الفلسطينية من على الساحة في شهر رمضان؟

 قبل أن نتحدث عن الدراما الفلسطينية، اسمح لي أن أتطرق إلى السينما، فولادتها هي وثائقية من الطراز الأول بحكم الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير ولكن استطاعت السينما الفلسطينية عبر مراحل كثيرة ومخرجين وفنانين وضحوا صورة الفلسطيني وأرسلوا رسالة مفادها تكذيب الزيف الإسرائيلي في أعمال الاحتلال السينمائية التي تشوه صورة الفلسطينيين وكل المنعطفات التاريخية للشعب الفلسطيني صنعها عرب مثل يسري نصر الله في “الخروج” 1982 و”مملكة النمل” لشوقي الماجري و”ناجي العلي” لنور الشريف، وحاتم علي قام بعمل التغريبة الفلسطينية، ولكن الدراما تحتاج إلى إنتاج ضخم، وبدون عمقنا العربي لن نستطيع استنهاض الحالة الفنية سواء كانت سينما أو دراما، ولكن تليفزيون فلسطين معرض للقصف يوميا، وإذا تحدثنا عن قطاع غزة على سبيل المثال فإن الكادر الفني يعمل ضمن بقعة جغرافية محاصرة، وبالتالي لا يستطيع أن يتعاطى مع الحداثة الدرامية ولا يوجد احتكاكات ولا مهرجانات، وأنا على الرغم من وجودي في مصر منذ ستة أشهر لم يكن يتسنى لي الحصول على جائزة مسقط أو ماليزيا أو المغرب.

فلسطين حاضرة بقوة في مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير

 – ماذا عن التمثيل الفلسطيني في مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير؟

لدينا أعمال كثيرة جيدة وستكون مفاجأة لا يحق لي أن أشرح تفاصيلها الآن، وفلسطين حاضرة بقوة ووفد رفيع المستوى يرأسه وزير الثقافة ورئيسة تليفزيون فلسطين.

نور الشريف فنان كان يمتلك رؤية ومساند للقضية الفلسطينية

 – هل يستحق الراحل نور الشريف لقب “الفنان المساند للقضية الفلسطينية”؟

 نور فنان رائع، وتم تكريمه من قبل الرئيس محمود عباس أبو مازن الذي أهداه الوشاح الوطني “أرفع وسام في فلسطين”، وهو من ضمن الفنانين المثقفين القوميين الذي كان لديه رؤية، ووقف بجانب الحق الفلسطيني وتتلمذ على يديه بعض الفلسطينيين، وكان قدوة وهناك العديد من المصريين على خطى نور الشريف بشأن القضية الفلسطينية.

 –  ما سر غياب القضية الفلسطينية عن الدراما العربية؟

 فلسطين تجمع ولا تفرق، وفي الواقع الموجود كل دولة عربية لها هموم خاصة بها، والدراما الفلسطينية أصبحت بلا سوق “مشفرة”، وهي نخبوية في الدرجة الأولى أما السينما الفلسطينية فهي ليست سينما شباك وفي النهاية أنت لا تتحدث عن أفلام مصرية أو مغربية.

كل المنعطفات التاريخية للشعب الفلسطيني في الدراما صنعها عرب

– لماذا لم يتم إنتاج فيلم فلسطيني عن سيرة الزعيم الراحل ياسر عرفات حتى الآن؟

“ليش بتنكش عالأوجاع”، للأسف رغم الوعي الكامل بالقضية الفلسطينية ولكن لم تصل الحالة إلى أهمية الصورة ودورها في التوثيق والتأريخ وأنا أعتقد أن أقرب طريقة ضمن التكنولوجيا والتطور الحالي هي الصورة والسينما، وبالتالي علينا وعلى القيادة الفلسطينية أن نتوسع في الإنتاج وأن ندعم السينما التي تجسد أحوالنا وأوجاعنا وقضية الشعب الذي يحق له أن يكون لديه دولة مثل بقية شعوب الأرض.

ياسر عرفات من الطبيعي أن يُصنع له فيلم، لكن بحجم ياسر عرفات هذه الشخصية القوية.. هذا رمز فلسطين.. ياسر عرفات مستحيل أن تختزله في فيلم شأنه شأن العديد من الرموز، مثل جمال عبدالناصر ونيلسون مانديلا، ياسر عرفات هو فلسطين والمطلوب عمل فيلم يجسد شخصيته ومراحل حياته، ومفترقاته ويرصد ما له وما عليه، ولكن يبقى رؤية القيادة في هذا الفيلم.

الزعيم الراحل ياسر عرفات من المستحيل أن تختزله في فيلم سينمائي واحد

 – من الممثل الذي ستختاره ليجسد شخصية ياسر عرفات حال إسناد الفيلم إليك؟

 هذا مرهون بالواقع والسيناريو، وقد يكون مصريا أو أي جنسية أخرى فالعمق العربي مهم جدا بالنسبة لنا، ونمتلك كوادر فلسطينية رائعة، ولكن إذا أسندت إليَّ المهمة فهذا شرف كبير لي، نحن نتحدث عن شخصية وطنية رفضت الاحتلال بأفكاره وأيديولوجيته، ولكن ياسر عرفات يحتاج إلى مؤسسة وإنتاج ضخم، وأنت لا تتحدث عن شخصية عادية ولا تستطيع أن تختزله بفيلم واحد وهو يحتاج إلى مؤسسة كبيرة جدا وأنا سأكون ترسا في ماكينة هذا المشروع إذا تمت الموافقة عليه وهو يستحق أن يكون له فيلم للتأريخ فهو الشعب الفلسطيني.

– كيف تؤثر مشكلة المعابر على إبداع المخرجين والممثلين والمصورين الفلسطينيين؟

هل لك أن تتخيل أن هناك شبابا مبدعين لم يخرجوا منذ عشر سنوات أي عندما بدأ الحصار على قطاع غزة ولم يحتكوا بالخارج ولم يشاركوا في مهرجانات دولية، ولولا الإنترنت لكانت غزة في عالم آخر والحصار له تداعياته ولا يوجد إبداع يخرج من غرف مغلقة، وغزة مساحتها صغيرة وبها 2 مليون نسمة يعشقون الحياة ومؤمنين بفلسفة الحياة وليس فلسفة الموت وكل الاحترام لفناني فلسطين.

–  لماذا لا توجد أفلام تجسد معاناة الفلسطينيين داخل مدينة القدس؟

 القدس هي عاصمة الدولة الفلسطينية، ولا بد أن يكون بها حراك سينمائي وحاليا يوجد ولكن الاحتلال دائما يغلق دور السينما مثل الحكواتي والقصرة، ومداهمات دائمة على بيت الشرق، والإنسان المقدسي يعيش الأمرَّين بسبب مر الاحتلال وعدم الاهتمام العربي به ولا يوجد دعم للفنان المقدسي، ولكن القدس بحاجة إلى المساندة بوجه عام.

–  كيف ترى مستقبل جيل المخرجين الفلسطينيين من الشباب؟

لهم مستقبل رائع، وجيلنا تتلمذ على يد ميشيل خليفة ورشيد مشهراوي وهاني أبو أسعد، وهم أيقونات السينما الفلسطينية، وجيل الشباب الحالي قادر في ظل التكنولوجيا قادر على توصيل الرسالة والأهم هو كيفية صياغة هذه الرسالة، وأنا أقول للشباب دائما إياكم وأن تكونوا ضحية في الصورة، وأن يمارسوا الحب والحياة وأن يجسدوا الإبداع في الصورة، نحن شعب يحب الحياة أكثر من الموت.

– هل يؤثر الدعم المادي على إنتاج الأفلام في فلسطين؟

بإمكانك أن تصنع أفلام يوميا، فقط قم بالتصوير وهناك العديد من الأفلام مثل عائلة الدوابشة وعن القدس، وهناك الكثير من الشباب المبدعين الذين يستعينون بشركات إنتاج أجنبية تحجب فيما بعد الأفلام من على مواقعها أو على شبكة الإنترنت.

وإذا توجه رأس المال الفلسطيني لإنتاج أفلام ذات قدرة ورسالة واضحة ستكون السينما الفلسطينية مستقطبة للاستثمار، حيث إنه لا وطن للسينما ولا أيديولوجية للسينما.

 – وماذا عن تدريب المخرجين الفلسطينيين؟

 أعتقد أن وجود مؤسسة حاضنة للشباب مطلوب جدا، وحاولنا في غزة من خلال الملتقى السينمائي الفلسطيني “بال سينما” من ثلاث سنوات وشارك به أكثر من 300 شاب.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى