اركنوا على جنبفريدة الشوباشى

87_47204

 

 

رويداً رويداً يكتشف البسطاء أن تيارات اليمين الدينى تسرع لإرساء مفاهيمها ورؤاها فى الحكم، والتى تتلخص فى إخراس أى صوت لا يتفق معها، وقد دخلت الصحف المسماة بالقومية حلبة المعركة التى تطالب بقمع المظاهرات الاحتجاجية وكتم أو إخراس أصوات المعارضة دونما ذرة حياء من عجزهم عن الرد على سؤال بسيط: إذن حرية التعبير لكم فقط؟ وبأى حق؟

وإذا كنا سنرجئ الحديث عن «أيمانات» الرئيس محمد مرسى التى دخلنا بسببها فى متاهة دستورية حيث لم نعد نعرف ولا يدلنا أحد على أى دستور بالضبط يحترمه الرئيس؟ وهل سيصوم أكثر من عشرة أيام تكفيراً عن الحنث باليمين من الأولى حتى الرابعة فإننا بالمقابل يصعب ألا نسائل الإخوان وحلفاءهم عن وعودهم بـ«مشاركة لا مغالبة» ثم الإعلان الآن بما كان معروفاً أصلاً بأنهم سوف ينافسون على 100٪ من مقاعد البرلمان، أى أكثر من نسبة النظام السابق، بل وأعتى الأنظمة ديكتاتورية وفاشية فى العالم، وفى الوقت الذى تنطلق فيه ألسنة «الدعاة» بأقذع الشتائم وأقسى ما فى قاموس المفردات بذاءة ضد من لا ينتمى إلى فصيل السمع والطاعة، ويتمتع المحاصرون للمحكمة الدستورية العليا ولمدينة الإنتاج الإعلامى بحرية كاملة تحت زعم حرية التعبير!

بدأت الصراعات السياسية، وليست الدينية على الإطلاق، فى الطفو على السطح، واتضح أن التمسح بالدين الإسلامى يخفى أطماعاً سياسية ونهماً مرعباً للسيطرة على الدولة المصرية وتغيير هويتنا، والتهم جاهزة والتشريعات لا ينقصها سوى توقيع مجلس الشورى المنتخب ديمقراطياً بنحو 7٪ من أصوات الناخبين! وهو ما يتسق مع أغلبية من صوّت بـ«نعم» للدستور الجديد والتى تعادل 20٪ من مجموع أصوات الناخبين، وبقدرة قادر انتقل مَن تفاوضوا مع النظام السابق أثناء اندلاع الثورة ومن كانوا يدعون للرئيس السابق فى المساجد بطول العمر ويسحبون بحمده إلى «ثوار» وشرفاء وشمروا عن سواعدهم لإقصاء الجميع مطالبين بأن «نركن على جنب» حتى يتم التمكين.. ولا تسأل عن أنه من أدوات التمكين مثلاً تصريح الدكتور عصام العريان ودعوته إلى اليهود الذين طردهم جمال عبدالناصر بالعودة إلى مصر..

«حق العودة» فطن العديد من الشباب إلى أنه موجه بالدرجة الأولى إلى الولايات المتحدة الأمريكية.. وماذا لو أن أحد أقطاب المعارضة كان صاحب هذا التصريح وهذه الدعوة الصريحة وهذا الجهل أو التجاهل الصريح لحقيقة مسألة خروج اليهود من مصر؟

لقد تم طرد جميع حاملى الجنسيتين البريطانية والفرنسية بعد العدوان الثلاثى عام 1956 لاشتراك الدولتين فى العدوان الغاشم وبمشاركة إسرائيل طبعاً فهل كان مطلوبا من عبدالناصر أن يستثنى اليهود البريطانيين والفرنسيين من الطرد على أساس أنهم فوق الآخرين أو ربما على اعتبار أن الرئيس مرسى وبعد أكثر من نصف قرن يرى أن الرئيس الإسرائيلى صديق عظيم؟!

والله إن الخال عبدالرحمن الأبنودى قد جسد الوضع الراهن فى إحدى رباعياته بجريدة «التحرير»:

«الوش.. بعد الوش.. بعد الوش.. كله طلع مقلب ووطنى الخاسر.. الكل متربى فى عش الغش.. وألف رحمة عليك يا عبدالناصر!»..

ورغم كل ذلك.. لن نركن على جنب!

الوطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى