البشري: نعم للدستور رغم اعتراضي على مواده

محمد بصل
كشف الفقيه القانوني المستشار طارق البشري، رئيس لجنة التعديلات الدستورية السابقة والنائب الأول الأسبق لرئيس مجلس الدولة، عن أنه سيصوت بـ”نعم” يوم السبت المقبل مؤيداً تمرير مشروع الدستور المعروض في الاستفتاء الشعبي، رغم كل الاعتراضات الموضوعية والانتقادات التي وجهها لمشروع الدستور من خلال 3 مقالات نشرتها “الشروق” له الشهر الجاري.
وقال البشري في تصريحات خاصة لـ”الشروق” إنه مازال مصراً على كل الاعتراضات التي أبداها سلفاً لمواد الدستور، وعلى رأسها نص لانتخاب نصف البرلمان المقبل فقط من العمال والفلاحين في باب الأحكام الانتقالية، واشتراط الحصول على شهادة تعليم عال للترشح لعضوية مجلس الشيوخ، وتحديد عدد أعضاء المحكمة الدستورية العليا وتقليص بعض صلاحياتها، لكنه يرى تأجيل النقاش حولها إلى ما بعد انتخاب البرلمان.
وأضاف: أجد أن الأفضل الآن لمصلحة الوطن تمرير هذا الدستور، تمهيداً لإيجاد نوع من التشارك السياسي بين التيارات السياسية المختلفة وتمثيلها في البرلمان الجديد، والإسراع في تكوين مؤسسات الدولة، وتوزيع السلطات عليها بصورة سلمية وسليمة، بحيث يسترد مجلس النواب السلطة التشريعية التي يمتلكها حالياً رئيس الجمهورية، وعدم الإبقاء عليها في يد مجلس الشورى بعد تمرير الدستور أكثر من شهرين كوضع مؤقت.
وأكد البشري أن نقل الصراع السياسي الموجود حالياً من الشارع إلى البرلمان سيؤدي لإثراء الحالة السياسية في مصر، ويفتح آفاقاً جديدة للحوار والمشاركة بين القوى السياسية المختلفة في اتخاذ القرار السياسي، وسيوجد آلية أقوى للرقابة على الحكومة، بدلاً من عملها بمعزل عن الرقابة الشعبية، “وعلينا فقط أن نثق في أنفسنا وشعبنا، وعن نفسي فأنا أثق في مصداقية الشعب المصري وتوازنه، وأن كل انتخابات ديمقراطية أجريت في مصر عكست اتجاهات جيدة جداً من حيث تنوع التيارات السياسية وحثها على الحوار المتوازن”.
واستطرد البشري: هذه الصراعات السياسية ستجد مجالاً بناءً ومتطوراً لها في مجلس النواب، أما استمرارها سواء في الشارع أو الجمعية التأسيسية فهو أمر غير مقبول، ولذلك فأنا أرفض التصويت بـ”لا” في الاستفتاء، لأنه في حالة رفض مشروع الدستور ستشكل جمعية تأسيسية جديدة تعمل لمدة سنة أو سنتين بنفس المشاكل والاستقطابات الخطيرة التي شهدناها مؤخراً، بما لها من أثر سلبي على استقرار الشارع.
وعن خريطة الطريق في حالة رفض الشعب للدستور، أوضح البشري أنه “في هذه الحالة سيكون هناك حل من اثنين، إما أن تنتخب الجمعية التأسيسية مباشرة من المواطنين، أو يعينها رئيس الجمهورية بعد التشاور مع جميع القوى السياسية” مشيراً إلى رفضه الاعتداد بالإعلان الدستوري الأخير الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، والذي ينص على انتخاب الجمعية التأسيسية في حالة رفض الدستور من الشارع مباشرة “بسبب صدور هذا الإعلان الدستوري من غير مختص وبصورة قانونية معدومة”.
وحول الانتقادات التي وجهت لقرار رئيس الجمهورية تقسيم الاستفتاء على مرحلتين، وإمكانية تأثر المواطنين في الجولة الثانية بنتائج الجولة الأولى، قال البشري: “لا أجد مشكلة في تقسيم الاستفتاء، فهي عملية تنظيمية بحتة طبيعية في ضوء الأعداد المتاحة من القضاة، تنفيذاً للشروط الواردة في المادة 60 من الإعلان الدستوري، ببداية الاستفتاء خلال 15 يوماً من تقديم مشروع الدستور لرئيس الجمهورية”.
واستبعد البشري أن يكون تقسيم الاستفتاء مؤثراً سلبياً على ناخبي المرحلة الثانية “لأن المواطن واقع فعلاً تحت تأثير الدعاية لنعم أو لا والنقاش العام الذي يجري حول مواد الدستور منذ حوالي 5 شهور”.
وبسؤاله عن رأيه في تمرير الدستور بالأغلبية المطلقة من عدد الأصوات 50% + صوت واحد، وليس تحديد نسبة أغلبية أعلى، شدد البشري على أن الوسيلة الوحيدة لمعرفة قرار أي جمعية عمومية هي التصويت للحصول على أغلبية مطلقة وليس التوافق، إلاّ إذا اشترط القانون أغلبية خاصة أو محددة في الحالات التي لا تنتج فراغاُ في الأمر محل التصويت”.
وشرح البشري هذه النقطة قائلاً: لا يجوز اشتراط نسبة عالية من الأصوات لتمرير الدستور، لأن عدم الحصول على هذه النسبة سينتج فراغاً دستورياً لا يحتمله الوطن مدة أكبر، ويبقينا في الحالة الراهنة، كما أننا في هذه الحالة سنضع الأغلبية تحت رحمة الأقلية، فمثلاً إذا اشترطنا حصول الدستور على 70% من الأصوات وحصل على 69% فقط، نكون بذلك أعلينا قيمة أصوات الأقلية 31% على بقية الناخبين.
وأردف البشري بقوله: عندما يكون لدينا دستور يملأ هذا الفراغ، نستطيع تعديله باشتراط أغلبية خاصة محددة، لأن رفض التعديلات لن يؤدي لوجود فراغ لأن الدستور نفسه سيظل قائماً ولن يتأثر برفض التعديلات.
بوابة الشروق