احتياطى النقد الأجنبى «فى نفق مظلم»

احتياطى النقد الأجنبى تراجع إلى 13.508 مليار دولار خلال فبراير الماضى، مقابل 13.613 مليار دولار خلال يناير السابق عليه، بنقص 105 ملايين دولار، حيث كان الاحتياطى قد انخفض بنحو 1.4 مليار دولار بنهاية يناير السابق عليه.
تراجع الاحتياطى لما دون حاجز الـ15 مليار دولار يعقِّد الموقف الاقتصادى لمصر فى الداخل والخارج أيضا، وفقا لرؤية البنك المركزى الذى وصف المستوى الذى وصل له الاحتياطى النقدى بنهاية ديسمبر الماضى (15 مليار دولار) بأنه الحد الأدنى والحرج الذى يتعين المحافظة عليه، وهو ما لم يحدث وفقا للرقم المستجد للاحتياطى، لتلبية الاستخدامات الحتمية والمتمثلة فى أعباء سداد المديونية الخارجية وتغطية تكلفة الواردات من السلع الاستراتيجية التى تتركز فى المواد التموينية والمنتجات البترولية، بالإضافة إلى مواجهة أى تحديات مستقبلية طارئة.
السيناريوهات المستقبلية للاحتياطى من النقد الأجنبى فى ضوء الموارد الدولارية التى فشلت حكومة قنديل فى استعادتها على مدار الأشهر السبعة الماضية تنذر بتحول الاحتياطى من النقد الأجنبى للمستوى السالب بنهاية العام الميلادى الحالى، وهو ما تؤكده بيانات البنك المركزى ذاتها عن استخدمات الاحتياطى النقدى خلال عام 2012 التى أشارت إلى أن البنك المركزى قام بتوفير نحو 14.8 مليار دولار للحكومة لتلبية الاحتياجات الأساسية للاقتصاد المصرى موزعة على الهيئة العامة للبترول بواقع 6.5 مليار دولار أمريكى وسداد ديون سيادية بنحو 3.3 مليار دولار بينما مول البنك المركزى هيئة السلع التموينية خلال 2012 بنحو 2.5 مليار دولار، أما قيمة ما دفعه البنك المركزى لتمويل خروج استثمارات أجنبية فبلغت نحو 2.5 مليار دولار. السيناريو المستقبلى بسالب الاحتياطى من النقد الأجنبى مع نهاية العام الميلادى الجارى يأتى فى إطار التهاون الحكومى المستمر فى استعادة الموارد الدولارية أو حتى الحفاظ على مستوياتها القائمة، بل واعتمدت منذ بداية عملها على المسكنات الدولارية المتمثلة فى الوديعة القطرية والقرض التركى والوديعة السعودية، متجاهلة توفير المناخ الملائم للموارد الدولارية الحقيقية، فمنذ توقف سيل الودائع والمنح الأجنبية على خلفية تبعات الإعلان الدستورى فى نوفمبر وسلق الدستور فى ديسمبر وما نتج عن ذلك من أحداث عنف مستمرة، منذ ذلك الحين لم يشهد الاحتياطى ارتفاعا فى إجماليه متراجعا خلال شهر نوفمبر إلى 15.036 مليار دولار مقابل 15.484 مليار دولار خلال شهر أكتوبر السابق عليه، بنقص 448 مليون دولار أو ما يعادل 2.9%، واستمر التراجع خلال ديسمبر محققا نحو مليار دولار و15 مليونًا منخفضا 20 مليون جنيه عن الشهر السابق عليه.
بيانات البنك المركزى المصرى بتعاملات العملة الصعبة على القطاع الخارجى تكشف ما يعانيه الميزان السلعى من خلل واضح ينتج عن الفارق بين الصادرات والواردات، وهو أحد العوامل الرئيسية فى تراجع الاحتياطى من النقد الأجنبى الذى أغفلت الحكومة معالجته للحفاظ على مستوى آمن له، إذ رصدت النشرة الإحصائية الشهرية للبنك المركزى عن شهر يناير أن الأشهر الثلاثة الأولى لحكم الإخوان من يوليو إلى سبتمبر 2012 سجلت إجمالى مدفوعات عن الواردات السلعية بلغ 13.8 مليار دولار، بينما بلغ إجمالى الصادرات السلعية للخارج 6.9 مليار دولار بنهاية سبتمبر.
فى السياق ذاته، فإن تراجع إيرادات قناة السويس، الذى رصدته بيانات وزارة التخطيط بنحو 3.6% خلال الربع الثانى من العام المالى الجارى، يُعَدّ من السيناريوهات المستقبلية الأكثر تشاؤما للاحتياطى من النقد الأجنبى، فى ظل ما تعانيه مدن القناة من احتقان شعبى متصاعد بدأ بالعصيان المدنى، ولا يمكن التكهن بما يمكن أن تصير إليه الأمور هناك.
التحرير