الأخبار

سوبرمان مصري في نجدة النساء

yasd6lko

وجدت المصريات في “سوبرماخ” حليفا جديدا ضد التحرش الجنسي. وتبنى بطل سلسلة القصة المصورة مهمة الدفاع عن النساء وحمايتهن من المعتدين. وتساهم هذه المبادرة في إلقاء الضوء على قضية التحرش الجنسي المتفشية في الشارع المصري.

“في شخصية “سوبرماخ” يوجد شيء مني وكذلك من المواطن المصري الذي يرغب عادة في تقديم المساعدة لكنه غير قادر على ذلك في أوضاع معينة. “سوبرماخ” بطل ينجح مرات ويخفق مرات أخرى…”. “سوبرماخ” نسخة مصرية من شخصية “سوبرمان” لكن مظهره لا يطابق تماما الصورة الأصلية فهو يرتدي تبانا أبيض وعباءة تزينها الأزهار. “سوبرماخ” يشبه فارس الأحلام أكثر من “سوبرمان”. وإذا كان هذا الأخير يدافع عن الأرامل والأيتام فإن “سوبرماخ” وضع تحت جناح حمايته النساء والفتيات اللاتي يتعرضن لاعتداءات الرجال في مصر.

وظهر “سوبرماخ” لأول مرة في صحيفة الدستور المعارضة عام 2007 بشكل خاطف ثم عاد في مغامرات تحمل روح القاهرة ضمن منشورات “توك توك” وهي أول مطبوعة لرسامين هواة مخصصة لفن القصص المصورة في مصر. وكان لـ”سوبرماخ” شرف احتلال صدارة غلاف “توك توك” التي انطلقت في يناير/كانون الثاني 2011.

يقول مخلوف “أب” سوبرماخ “لقيت القصة إعجابا خاصة بين الفتيات”. وتشبه ملامح “سوبرماخ” إلى حد بعيد ملامح مخلوف. ومن جهة أخرى لا بد أن بعض النساء والفتيات وجدن بعضا من واقعهن عبر الشخصيات اللاتي ساعدهن “سوبرماخ”. فمسألة التحرش الجنسي في مصر قضية مجتمع سبق لـ 83 في المئة من نسائه أن تعرضن لها، حسب تقرير نشره في 2008 “المركز المصري لحقوق المرأة” ECWRوهو منظمة مصرية غير حكومية.

وإذا كانت وسائل الإعلام الدولية والمحلية تتطرق منذ سنتين لمسائل التحرش والاغتصاب الجماعي وخاصة منها تلك التي تحصل خلال المظاهرات الحاشدة في ساحة التحرير وسط القاهرة، فإن العديد من الحوادث تتكرر كل يوم في القاهرة وفي مدن مصرية أخرى.

وأطلق المجتمع المدني العديد من المبادرات كردة فعل على هذه الوقائع. فتكونت مثلا مجموعة من الشباب للدفاع جسديا عن النساء في الشوارع وأطلقت على نفسها اسم “الحراس الشخصيون في التحرير” “TahrirBodyGuards”. وتستخدم حركة “قوة ضد التحرش الجنسي” “OpAnti Sexual harrasment ” نفس الأساليب.

أما حملة “امسك متحرش” “Harrasmap” فوضعت أداة إلكترونية تتمثل في خريطة تفاعلية للإعلان عن الاعتداءات، فيمكن لكل ضحية أن تخبر عما حصل لها عبر رسالة قصيرة أو بريد إلكتروني أو تغريدة على تويتر.

ويقول مخلوف “بدل أن أنزل للشارع لحماية النساء، أحاول أن أدعمهن بوسائلي الخاصة، عبر قصصي المصورة. يجب أن تبقى النساء أحرارا وأتمنى أن تكون رسومي نافعة ولو قليلا”، وإضافة إلى قصصه المصورة ينجز مخلوف رسوما كاريكاتيرية للصحافة.

ونشر “توك توك” أيضا عددا خاصا بالنساء، ويقول محمد شناوي أحد مؤسسي المجلة “فريق توك توك رجالي بحت تقريبا، لذلك أردنا تخصيص عدد للنساء في مصر”. ولم تكن الفكرة الأولية التطرق إلى مسألة التحرش على وجه الخصوص، بل وحتى أننا فكرنا في عدد “ظريف”. لكن الأمر لم يتم كما كان متوقعا فأغلب القصص التي نشرناها تتحدث عن مشاكل تحرش وعنف زوجي وضغط اجتماعي… لأن الحياة اليوم في مصر ليست وردية”. ولقي رغم ذلك هذا العدد إقبالا كبيرا. فأعجب القراء والقارئات بأن تعالج المجلة مواضيع يندر تناولها، وباللهجة “الثورية” المعتمدة”.

لعبت قصة “سوبرماخ”، وكذلك العدد المخصص للنساء، دورا في مصر ضد التابوهات التي لا تزال تلف مسألة الاعتداءات. فيؤكد أيمن كريل المختص في علم الأنثروبولوجيا والذي يعيش في القاهرة، أنهما “يساهمان في تعميم شعبي لموضوع التحرش”. ويضيف “صارت كلمة “تحرش” تستخدم في السياق اليومي وذلك بفضل جهود الثوار وجهود المنظمات غير الحكومية”.

ولا تقتصر المسألة على اللغة. فحسب الكلمة المستعملة لوصف ما تتعرض له النساء، توضع الضحايا ضمنيا في موقع شراكة في تحمل المسؤولية. فقبل أن تدخل كلمة “تحرش” معجم التداول اليومي، كان الناس يستعملون غالبا كلمة “معاكسة” وفي ذلك نوع من التبرير لهذا السلوك.

أما بالنسبة إلى ريبيكا تشاو واحدة من مؤسسي مشروع “امسك متحرش” “Harrasmap” فـ “الأولوية هي الكف عن التساهل مع مثل هذه التصرفات والتوقف عن إلقاء الذنب على الضحية وعن إيجاد أعذار للمعتدين”. فليس للضحية أن تغير سلوكها وأن تعود إلى بيتها أو أن تلبس حجابا علما وأنها في معظم الأحيان متحجبة…

ولا تزال حتى اليوم النساء اللاتي يدلين بشهاداتهن يؤكدن لا مبالاة الشارع والمارة بما يحدث لهن. فيقول محمد شناوي “الناس اليوم يخافون فهناك العديد من الاشخاص المسلحين فلا يجازف المواطن بمساعدة فتاة مجهولة خشية أن يطعن بسكين”.

أما بالنسبة إلى الشرطة فإن خلاصة مرعبة لدراسة أنجزها صندوق الأمم المتحدة للسكان في 2010 تفيد بأن 96.7 من النساء اللاتي تحدثت إليهن المنظمة لم يبحثن عن مساعدة الأمن بسبب معرفتهن بعدم جدوى هذه الخطوة.

والعنف الممارس في حق النساء ليس بالجديد على مصر. فمنذ أكثر من 20 سنة تخصص بعض عربات المترو للنساء فقط في ساعات الذروة. وفي 2006 هزت قضايا اغتصاب جماعي الرأي العام. لكن ومنذ بداية الثورة المصرية في يناير/كانون الثاني2011، تدهور الوضع الأمني وتفاقمت نسب الانحراف بغياب شبه شامل لقوات الأمن من الشوارع، وتدفع النساء أيضا ثمن هذا الانفلات.

ما العمل اليوم؟ بالنسبة لمخلوف، يجب أن يعي الرجال بأن رجولتهم تشترط احترام المرأة وأن من واجبهم الدفاع عن النساء. وينتظر أن تصدر مغامرات “سوبرماخ” الجديدة” في العدد المقبل من “توك توك” في أبريل/نيسان. وستكون إحدى الشخصيات امرأة تشارك في السياسة

الدستور الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى