قانون التظاهر ليس «عَجَبة»

تباينت ردود أفعال القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى عقب تصديق رئيس الجمهورية المؤقت عدلى منصور على قانون الحق فى التظاهر، ما بين مؤيد ومعارض، وكل منهما له حجته ومبرراته. مساعد وزير الداخلية الأسبق، اللواء مجدى بسيونى، أكد فى حواره لـ«الشروق» أن «قانون التظاهر مطلوب فى الوقت الراهن بشكل كبير خاصة بسبب تزايد أعمال العنف والبلطجة»، وقال: «جميع الدول الأوروبية تطبقه بضوابط أكثر شدة فلم العجب؟».. وإلى نص الحوار:
● نشأت تخوفات كبيرة عقب التصديق على قانون التظاهر.. فهل كان هناك مبرر له الآن؟
ــ قانون التظاهر مطلوب فى الوقت الراهن بشكل كبير خاصة مع ازدياد أعمال العنف والبلطجة أثناء المظاهرات، وإن كنت أرى أن اقراره تأخر بعض الشىء.
وتعتبر مواد القانون متكاملة وتحفظ حقوق المواطنين فى التظاهر السلمى ولا تقيد حرياتهم فى الوقت الذى تعطى فيه القوات الأمنية الحق فى فض تلك المظاهرات حال خروجها عن السلمية وهو شىء جيد ونحتاجه فى الوقت الحالى بشدة.
● هناك من يرى أن القانون سيمنع التظاهر ويقيد حرية الرأى والتعبير؟
ــ إطلاقا، القانون لا يمنع التظاهر أو إبداء الرأى والتعبير، لأن كل هذه الحقوق مكفولة للجميع ولا يستطيع أحد أن يمنع المواطنين من ممارستها، وإنما وضع معايير لتنظيم التظاهرات والتأكيد على سلميتها، وجميع الدول الأوروبية تطبقه وبضوابط أكثر شدة وحسما مما فرضه القانون المصرى، فلم العجب؟!. وبالتالى تجد المظاهرات لديهم تتسم بالتحضر وتبتعد عن الفوضى التى نعيشها.
● البعض انتقد عدم طرح القانون على منظمات المجتمع المدنى للنقاش؟
ــ ما يتردد من عدم مناقشته لا أساس له من الصحة، ولا يخفى على الجميع أن بعض منظمات المجتمع المدنى لها أجندات خارجية ولا تهتم سوى بمصالحها الخاصة، ولا تنظر إلى الفوائد الأمنية التى ستعود على الدولة من تطبيق هذا القانون من أمن واستقرار داخلى وهو ما لا تريده بعض الدول الخارجية أن يتحقق.
● بماذا تحلل مناهضة الكثيرين لقانون التظاهر ورفضهم الشديد له؟
ــ للأسف الشديد رغم ما نراه فى الشارع المصرى من تخريب وتدمير وقتل نتيجة الفوضى العارمة، وهو ما يكبد الدول خسائر كبيرة، يظهر بعض ما يطلق عليهم نشطاء أو الطابور الخامس، ليتصدوا لكل إجراء من شأنه عودة الأمن تحت مسمى حقوق الإنسان وحق التظاهر، وكنت أتوقع أن كل من لا يرضى أو يقبل لابنه أن يتعرض لأذى أو أن تحرق سيارته يجب أن يقف مع أى قانون من شأنه الضبط والاستقرار وتحقيق الأمن فى البلاد.
● ألا ترى أن القانون يقيد الحريات.. كيف ذلك؟
ــ يتطلب من منظم أى مظاهرة أن يحدد المكان والزمان ويخطر الجهات الأمنية بذلك والتى بدورها تصرح له بعمل المظاهرة، وهذا لا يعتبر حجرا على حرية الرأى ولكن ينظمها. وفى الفترة الأخيرة شاهدنا العديد من المظاهرات التى ارتدت ثوب السلمية شكلا ولكن كان من بينها من يحمل أسلحة خرطوش وتنتهى غالبا بالتخريب وإثارة الشغب وتعطيل مصالح المواطنين وتعريض حياتهم للخطر. هنا يأتى دور القانون الذى يحفظ الأمن ويعاقب من يخالفه.
● هل هناك آليات لتطبيقه؟
ــ القانون أعطى الحق للأمن بفض أى مظاهرة تتواجد فى الشارع سواء كانت مؤيدة للإخوان أو للفريق عبدالفتاح السيسى أو الجيش، فى حال عدم حصولها على تصريح من وزارة الداخلية، وفى حالة الحصول على ترخيص للمظاهرة يقوم الأمن بتأمين تلك المظاهرة، ولا يتعرض لها طالما التزمت بالسلمية.
● وإلى أى مدى ستتسم هذه التصاريح بالنزاهة وعدم تفضيل فصيل سياسى عن آخر؟
ــ القانون لم يطلق يد وزارة الداخلية فى منح التصريح بالمظاهرات وإنما أخضعها لرقابة القضاء حتى لا يحدث تعنت مع فصيل معين. ومن المؤكد أن الوزارة لن ترفض التصريح بأى مظاهرة طالما اقتنعت بسلميتها واستوفت جميع الشروط.
● هل هناك حالات ستستوجب تدخل الشرطة فى المظاهرات السلمية التى حصلت على ترخيص؟
ــ نعم، إذا خالف أحد أفراد تلك المظاهرة القانون، كوضع قناع على وجهه، ففى هذه الحالة من حق الشرطة القبض عليه فورا، وفى حال ترديد هتافات تحمل سبا وقذفا لرئيس الجمهورية ولمؤسسات الدولة ومنها الشرطة والجيش. المظاهرة الخارجة على القانون ليس المقصود بها التدمير والتخريب فقط، فالمظاهرة لها مطالب محددة يشار إليها حال الحصول على تصريح، وليس من بينها السبب أو القذف والتى تعتبر جريمة.
● هل معنى ذلك أنه لن يسمح بمظاهرات مناهضة لقيادات بالدولة أو التعبير عن رفض النظام؟
ــ لا طبعا، من حق المواطنين التعبير عن رأيهم والمطالبة بإسقاط النظام ولكن بشعارات معروفة لا تحمل سبًا وقذفًا لرئيس الدولة، أو أى مؤسسة بها، فمثلا لا بأس بشعار «الشعب يريد إسقاط النظام» أو «إسقاط الحكومة» وإنما إذا وصل الأمر إلى وصف الأشخاص بألفاظ خارجة تكون المظاهرة خرجت عن سلميتها.
● ما هى الطرق التى ستتبعها الشرطة فى فض المظاهرات المخالفة للقانون؟
ــ القانون حدد الطريق لتدخل رجال الشرطة فى المظاهرة فإذا ما وجد الأمن أن المتظاهرين خرجوا عن الغرض من المظاهرة يبدأون بتحذيرهم شفهيا عن طريق مكبرات الصوت وإنذارهم فإذا لم يمتثلوا، تبدأ قوات الأمن باستخدام خراطيم المياه، فاذا لم تجد، تبدأ القنابل المسيلة للدموع، وإذا وجدت مقاومة من المتظاهرين لقوات الأمن، تطلق أعيرة تحذيرية فى الهواء، وإذا كان بحوزة المتظاهرين أسلحة آلية تطلق القوات الأمنية أعيرة مطاطية تليها أعيرة خرطوش.
● هل سيطبق قانون التظاهر داخل الجامعات؟
ــ مظاهرات الجامعة تصبح بموجب هذا القانون ممنوعة ويتصدى لها الأمن بكل قوة وحزم، والقانون إما يطبق على الجميع أو لا يطبق، خاصة وأن مظاهرات الجامعة «سيئة النية» وقائمة على التخريب والتدمير، فمنعها أفضل من تركها لان منع الجريمة قبل وقوعها أفضل من تركها.
● وهل يسرى أيضا القانون على الإضرابات العمالية؟
ــ هناك فرق بين المظاهرات وبين الإضرابات العمالية، فالإضراب العمالى يكون فى مكان العمل ولم يخرج عنه، ويكون سببه هو رفض قرارات معينة صادرة من مجلس إدارة الشركة أو العمل أو الاحتجاج على شىء خاص بالعمل فقط وليس كالمظاهرة التى يتجمع فيها مجموعة من الأشخاص لعرض مطالب خاصة بأمور الدولة أو غيرها فى أماكن مختلفة، فهنا الإضراب العمالى لا يعتبر مظاهرة وإنما وقفة احتجاجية وبالتالى لا يطبق عليه القانون.
● معنى ذلك أن الإضرابات العمالية لا يتم تطبيق قانون التظاهر عليها مطلقا؟
ــ المادة السابعة من القانون نصت على أنه يحظر الإخلال بالأمن والنظام العام، أو تعطيل الإنتاج أو الدعوة إليه أو تعطيل مصالح المواطنين أو تعريضهم للخطر والحيلولة دون ذلك، والتأثير على المرافق العامة أو النقل أو تعطيل حركة المرور أو الاعتداء على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة وتعريضها للخطر، وبالتالى إذا كان الإضراب العمالى أدى إلى تعطيل العمل أو منع المسئولين من الدخول إلى مقر عملهم فيطبق عليهم القانون، أما إذا لم يتعرضوا لأحد وكانت وقفتهم احتجاجية فقط ولم يعطلوا العمل حتى وإن استمر اعتصامهم لأيام فلا يطبق عليهم القانون.
● هل هناك اعتراضات واسعة على العقوبات المغلظة التى ستوقع على المخالفين؟
ــ أى قانون إن لم تكن به عقوبات رادعة فلن يطبق، فالغرض من وضع غرامة وعقوبة فى أى قانون هو ردع الشخص الذى ينوى مخالفة هذا القانون عن القيام بأفعال مخالفة لعلمه المسبق بأن العقوبة ستقع عليه حتما، وطالما أن المواطن لم يخالف القواعد والشروط المنصوص عليها فلن يعرض للعقوبة لعدم وجود نية المخالفة.
وأرى أن العقوبة ليست مغلظة وإنما مخففة إذا ما قورنت بحياة شخص قد يسقط قتيلا بإحدى المظاهرات، أفلا تساوى روح مواطن ملايين الجنيهات، والقانون جعل أغلب العقوبات على حاملى الأسلحة النارية فى المظاهرات، فعندما يتوجه شخص للمظاهرة ويحمل سلاحا فإن هناك نية مسبقة لاستخدام هذا السلاح وبالتالى يستحق العقوبة لأنه لو انطلق ونيته فى السلمية فلن يحمل معه حتى عصا.
● ألا ترى أن تلك العقوبات قد تكون حجة للشرطة لإلصاق التهم بالمواطنين؟
ــ لو لم يصدر قانون ينظم عملية التظاهر فى ظل ما نراه فى الشارع من فوضى وإغلاق الطرق والبلطجة والقتل، وأرادت وزارة الداخلية التسلط على المواطنين وإلصاق التهم بهم سيتسلطون عليهم بدون وجود القانون، فجميع المبررات والدعائم متاحة لهم ومنها الضبطية القضائية، بجانب الحق فى تفتيش المواطنين والتصدى لأى خلل فى الشارع، وفض اعتصامات وتفريق التظاهرات بالقنابل المسيلة للدموع فى اكثر من مكان، ولكن لا نية لدى رجال الشرطة سوى فرض الأمن بالبلاد فقط.
الشروق