قاضي ”محاكمة القرن”: سأتنحى على المنصة لو …….

”لا أنام الليل”.. هذه أول جملة تلفظ بها المستشار محمود كامل رشيدي، القاضي المكلف بنظر قضية قتل المتظاهرين خلال أحداث ثورة 25 يناير، المتهم فيها الرئيس السابق حسني مبارك وعدد من رجال نظامه .
انفرد ”مصراوي” بإجراء أول حوار مع ”قاضي محاكمة القرن”، كما يطلق عليها إعلاميًا، ليكشف عن الأسرار وتفاصيل في القضية، قبل نظرها بـ24 ساعة فقط، وإليكم نص الحوار…
كيف جاء اختيارك لنظر ”قضية القرن” ؟
– تلقيت اتصال من المستشار سمير أبو المعاطي، رئيس محكمة الاستئناف، والمستشار طه شاهين، رئيس المكتب الفني لمحكمة الاستئناف، وطلبا مني تولي نظر القضية بعد تنحي المستشار مصطفى عبد الله، رئيس الدائرة الأولى عن نظر القضية، وطلبت منه الانتظار حتى اتشاور مع زملائي في الدائرة وقبلت القضية.
على أي أساس جاء اختيار دائرتك بالتحديد لنظر القضية ؟
– دائرتي هي الدائرة الثانية لمحكمة جنايات شمال القاهرة، والدائرة المتنحية هي الدائرة الأولى، وبناء عليه جاء الاختيار، وليس لأي أسباب أخرى، وللعلم عضوي اليمن واليسار بالدائرة هما المستشارين؛ إسماعيل عوض، 58 عامًا، ووجدي عبد المنعم، 54 عامًا، وكلامها يعمل بمحاكم الجنايات منذ أكثر من 10 سنوات .
وهل ستتفرغ لهذه القضية فقط أم ستتابع بقية القضايا الأخرى ؟
– سأعمل في قضية قتل المتظاهرين، السبت المقبل، وسيتم تأجيلها إلى ما بعد يوم، الخميس من نفس الأسبوع، لانشغال القاعة التي أنظر فيها بالقضية المعروفة إعلاميا بـ”البورصة”، وسأقوم خلال تلك الفترة بنظر جميع القضايا الأخرى، فليس لأصحاب القضايا الأخرى ذنب في تأجيل قضاياهم لكوني أنظر هذه القضية.
وكيف تدرس القضية الآن ؟
– نقلت أغلب أوراق القضية إلى بيتي خشية الخطأ البشري، وعدد صفحات القضية ”مهول”، وتسلمت القضية منذ 18 يومًا فقط، وعددها 50 ألف صفحة تقريبًا، أقضي أغلب وقتي في العمل في إطلاع القضية؛ استيقظ من الثالثة فجرًا، وأعكف عليها ولا أنتهي عنها حتى أنام، وهكذا يوميًا، حتى كدت أفقد عيني اليسرى من فرط القراءة المتصلة ومعي زملائي بالطبع.
وهل يصيبك بعض القلق جراء نظر هذه القضية الهامة ؟
– على الإطلاق، فأنا قاضي متمرس ومتخصص، أعمل بمحاكم الجنايات منذ ما يزيد عن 20 عامًا، ونظرت العشرات من القضايا أصعب من تلك القضية بكثير، ولهذا أن واثق من قدرتي على نظر هذه القضية، مستندًا على توفيق الله تعالى.
وهل قامت الأجهزة الأمنية بتعيين حراسة خاصة لهيئة المحكمة وأسرهم ؟
– نعم هناك حراسة أمنية مشددة على أعضاء الهيئة وأسرهم جميعًا، وللعلم أنا ليس لدي ترخيص سلاح، ولكن نجلي وزوجتي يرفضون التحرك بتاتًا بالحراسة، ويفضلون التحرك بمفردهم .
هل تعرضت لأي تهديدات بعد قبولك نظر القضية ؟
– على الإطلاق، ودعني أخبرك لو حدث ذلك، سأعلن ذلك على المنصة وأشرح ملابسات القضية للرأي العام فورًا؛ فلن أقبل أن أعمل في مثل هذا الجو.
أشيع أنه سيتم استئجار ”فيلا” بالتجمع الخامس لتقيم بها أثناء نظرك القضية ؟
– هذا لم يحدث على الإطلاق، وسأقيم خلال نظر القضية بنادي الشرطة المواجه لمبنى الجهاز الأمن الوطني بالقاهرة، وعلى نفقتي الخاصة، وأطالب النادي بعرض الفاتورة على الرأي العام، وأنا من جانبي سوف أقوم بذات الفعل وأنشر الفاتورة حتى يتأكد الجميع أني أدفع نفقات الإقامة من راتبي الخاص.
حدث في المحاكمة الأولى بعض حالات الفوضى داخل قاعة المحكمة.. فكيف ستتصدى لها ؟
– هناك خطة للتدارك الأمر، ومن سمات القاضي أنه يتمتع بالقوة والحسم، وهما متوافران لدي والحمد لله، وأزعم أنني من المنضبطين والحاسمين بالإدارة لكي أسمح لكل الأطراف في عرض وجهة نظرهم في هدوء، والأدوات القانونية موجودة إذا تجاوز أي فرد وخرج عن القانون .
هل ستسمح بنقل وقائع الجلسة على الهواء مباشرة ؟
– نعم سمحت بإذاعة وقائع الجلسة الأولى على الهواء مباشرة للتليفزيون المصري، وسمحت بدخول ما يقرب من 116 إعلامي تابعين لـ44 جهة إعلامية، ليتمكن الإعلام من القيام بدوره الكامل ونقل وقائع الجلسة للرأي العام.
علمنا أنك تنحيت سابقًا عن نظر قضية قتل متظاهرين بالمرج.. فما الأسباب ؟
– كنت أنظر قضية لضابط يدعى محمد السيسي، متهم بقتل متظاهر أمام قسم المرج، ولم يكن في القضية ما يدين المتهم، حتى إن والد القتيل قال أنه يتهم الضابط، ولكنه لم ير أنه قتل نجله، وإنما تنامى إلى علمه ذلك ولم يوجد شاهد على الحادث، فقضينا بالبراءة لعدم توافر الأدلة ضد المتهم، عقب ذلك جاءت إلينا قضية أخرى عن قتل المتظاهرين بالمرج؛ فاستشعرت الحرج، وآثرت التنحي لسابق الفصل في دعوي أخرى، رغم أن المدعين المدنيين كانوا متمسكين بي لنظر القضية.
قيل أن رئيس لجمعية الشبان المسلمين بالسويس.. فما مدى صحة هذه المعلومة ؟
– بالفعل كنت مسئول بالتطوع منذ عام 2002 عن إدارة المسجد والمدرسة التابعين للجمعية، ونجحنا في زيادة مساحة المسجد، وعدد تلاميذ المدرسة وصل لـ750 طالب، وصممت أن يكون مدرسي المدرسة وطلابها من المسلمين والمسحيين على حد سواء لعدم التميز، وهي جمعية خدمية ليس لها علاقة بالسياسية من قريب أو بعيد؛ فأنا لا أقبل أن أعمل بالسياسية؛ لأن من يعمل بالسياسة يقبل النقد العام، وتركت المهمة في المدرسة بعد أن توليت نظر قضية الرئيس السابق.
ما هي الرسالة التي توجهها للشعب المصري قبل نظر تلك القضية.. وما هي أمنياتك ؟
– أطالب كل الصالحين من المسلمين والمسحيين، أن يدعوا لي أن يلهمني ربي صواب القضاء، وأن يلهمني البصيرة، وأمنيتي أن ألقى ربي ساجدًا في صلاة جماعة بمسجد أو محراب الأراضي المقدسة، أو على منصة القضاء .
مصراوى