الأخبار

تشريح الأسرة الإخوانية (1 – 3)

21كتب:عمار علي حسن

عرف التاريخ أسرا حاكمة، بعضها عاش قرونا من الزمن متربعا على العرش، مثل أسرة «البوربون» فى فرنسا، وآل مديتشى فى إيطاليا. وعرف أيضاً أسرا استطاعت أن تنجب الأنجال والأحفاد الذين يتمكنون من الوصول إلى سدة الحكم حتى فى النظم الجمهورية الديمقراطية، مثل أسرة «نهرو» فى الهند، و«بوتو» فى باكستان، و«بوش» فى الولايات المتحدة. وهناك أسر حاكمة فى بلدان عربية عدة، مثل المملكتين المغربية والأردنية، ودول مجلس التعاون الخليجى. وعرفت المجتمعات البشرية عائلات وأسرا حافظت على نفوذها من الجاه والثروة سنين طويلة. وتنبئنا بعض الدراسات الاجتماعية بأن العائلات تستمر قوية، فى الغالب الأعم، نحو قرن ونصف، ثم تتراجع، لتفسح الطريق أمام غيرها.

كل هذه كانت أسرا «بيولوجية» بالمعنى الواضح الذى نجد تحليله وتفسيره فى المساحة المشتركة بين علوم الأحياء والاجتماع والطب والهندسة الوراثية، بشكل لا لبس فيه، لكن ما تفعله «جماعة الإخوان» هو أنها حولت التنظيم الأيديولوجى إلى كيان بيولوجى بمرور الوقت، وذلك وفق قاعدة «الإخوانى يجب أن يتزوح إخوانية»، فتداخل لديها السياسى بالطبيعى، واستخدم كلاهما فى خدمة الآخر، وفق ظاهرة نادرة فى التاريخ الإنسانى. فتزاوج أفراد الأسرة المالكة فى البلد الواحد أو نظيراتها عبر الأقطار هى مسألة حدثت بقوة فى التاريخ من منطلق البحث عن سند وعزوة وتعزيز للجاه والنفوذ والثروات، لكن أن تقوم شريحة سياسية واجتماعية فى بلد واحد بتضييق الزواج من خارجها وفرضه من داخلها، ليس بحثا عما تعتقد أو تتوهم أنه الأفضل تربويا فحسب، إنما لدعم المشروع السياسى وتبديد الهواجس الأمنية، لهو مسار متفرد وغريب فى آن.

وعلاقة القرابة والمصاهرة تلعب دورا فى الحراك الاجتماعى فى أى مجتمعات بشرية بدرجة ما، وربما تصبح فى بعض الأحيان طريقا لتولى المناصب والمواقع القيادية، لكن بالقطع ليس بالإفراط الذى عليه الإخوان، وقد يرجع ذلك إلى أنهم جميعا متشابكون فى «نسب» لا يكاد ينتهى، ولذا نجد أن تأثير هذه العلاقة على توليهم المناصب مضاعف ومغلظ قياسا إلى غيرهم، لا سيما بعد انحيازهم إلى «أصحاب الثقة» من بين «الأهل والعشيرة» على حساب «أهل الخبرة» فى سياق ما يعتقدون أنها «فرصة التمكين» من ناحية، ونظرا لهواجسهم المرضية حيال «الأغيار» أو «المختلفين» معهم فكريا أو سياسيا من ناحية ثانية.

وربما لهذا نجد اصطلاح «الأسرة الإخوانية» قائما كمرحلة من تنظيمها الإدارى أو هيكلها السياسى جنبا إلى جنب مع «الوحدة الاجتماعية» التى ينتظم فيها أب إخوانى وأم إخوانية مع أولادهما. وكل منهما يتداخل مع الآخر فى كثير من المفاصل، ولنا أن نعرف فى هذا المقام أن بعض قيادات الشعب والمناطق يتدخلون لحل المشكلات بين الأزواج وزوجاتهم، وهذه المهمة أسندت ذات يوم إلى الدكتور محمد مرسى فى مسقط رأسه بمحافظة الشرقية.

والأسرة أو «الخلية» هى اللبنة الأولى والأساسية فى تنظيم الإخوان، وتأتى بعدها «الشعبة» ثم «المنطقة» فـ«المكتب الإدارى» و«مجلس الشورى العام» وبعده «مكتب الإرشاد» ثم «المرشد». وتتكون الأسرة على هذه الشاكلة من خمسة إلى سبعة أفراد، يقف على رأسهم واحد منهم يلقب بـ«النقيب»، يقود اجتماعا أسبوعيا لمن هم دونه فى الترتيب من أفراد الأسرة، يتدارس معهم مناهج مقررة فى تفسير القرآن الكريم لا سيما «الظلال» لسيد قطب، والأحاديث المنسوبة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، ورسائل الشيخ حسن البنا، وبعض الكتب المقررة لصفوف الجماعة، علاوة على استعراض الأحداث السياسية وموقف قادة الجماعة منها، والمهام المطلوبة من القواعد فى تأييد هذه المواقف أيا كانت.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى