الأخبار

باسم ومرسى والرقصة الأخيرة!

 

alshnawy

 

فى الساعة التاسعة والنصف من مساء اليوم سوف يتوحد المصريون والعرب وقطاع ممن هم ليسوا مصريين ولا عربا ليتوجهوا إلى قناة «سى بى سى» لمشاهدة باسم يوسف وبرنامجه «البرنامج»، ارتفع عدد متابعيه فى أسابيع قليلة ليصل إلى 30 مليونا قبل أن يقف أمام النيابة بتهمة إهانة رئيس الجمهورية وازدراء الدين الإسلامى، المؤكد أن الرقم فى طريقه ليتضاعف بعد أن قدم مرسى وعشيرته لباسم أكبر دعاية مجانية بإقامة تلك الدعوى، ويجب أن نلاحظ أن الربط بين الرئيس والدين فى جملة واحدة واتهام واحد ليس عفو الخاطر، لكنه مقصود بالطبع لكى يمنح مقام الرئيس شيئا من القدسية.

مصر مع الأسف محكومة بعقول تعود بنا قرونًا إلى الخلف دُر حتى فى شرها تبدو متخلفة عن الركب (بفتح الراء)، بعد أن استخدمها مرسى بالضم فى واحدة من تجلياته اللغوية، وأضاف إليها «وجع». يجب أن ندرك أن تواصل واتساع دائرة مريدى برنامج باسم لا يمكن أن نعزيها فقط إلى جرأته، هناك من يصل إلى مساحات أبعد، لكن باسم يظل حالة خاصة جدا، فهو مضبوط تمامًا على موجة الجمهور، حيث يمتزج فى جيناته الحس الفكاهى التلقائى بالسخرية بالقدرة على الأداء الدرامى مع طزاجة فى التعبير من الممكن أن تطلق عليها «روشنة»، كما أن الناس لم تتعرف عليه إلا بعد الثورة، فهو ليس محسوبًا مؤيدا أو معارضا لزمن مبارك، لا ليس هذا هو كل السر أتصور أن تلك الهارمونية بين فريق الإعداد والإخراج، باسم بالطبع يشارك فى كل التفاصيل وفى نفس الوقت يلتقط كل اللمحات العصرية التى تقدمها له ورشة العمل التى تتفانى فى كسر كل ما هو نمطى ومتعارف عليه.

السلطة تعتقد أن كسر هذا البرنامج هو الذى يضمن لهم استمرار الحكم، الدائرة القريبة من الرئيس تؤكد نحن مع الحرية، لكن ضد إهانة الرئيس، وما الإهانة أن تأخذ جزءا مما قاله مرسى فى الماضى لتكشف أنه يقول عكسه اليوم؟ هل فى هذا إهانة أم أن الإهانة هى أن نصدر للناس مبدأ أن الرئيس فوق النقد والتقويم؟

وبالطبع من حق البعض أن يقول لماذا لم يفتش فى أرشيف الآخرين ليعثر على تناقضات فى المعارضة، لكن البرنامج محدد الهدف، فهو موجه ضد الحاكم، لكى يراه الناس على حقيقته، تابعوا التيار الإسلامى الذى فى الحقيقة يتدثر بالدين. القنوات الدينية التى انتعشت فى عهد مرسى كثيرا ما تلعب بنفس السلاح «إن كنت ناسى أفكرك»، كثيرا ما تلجأ إلى هذه الحيلة، لكن لأنهم ليس لديهم الاحترافية، ولا يتمتعون سوى بثقل ظل مفرط، فهم يلجؤون إلى توجيه الشتائم لخصومهم، وبعد ذلك يؤكدون أن هذه هى أخلاق الإسلام، والنبى الكريم فى الرد على المختلفين معه.

وزير الإعلام قال لبرنامج «90 دقيقة» إنه يقف مع الحرية تمامًا مثلما كان يقول صفوت ومن بعده أنس، والحقيقة أنهما كانا يسعيان لتكميم الأفواه، حتى هامش الحرية فى ماسبيرو أيام مبارك كان متفقا عليه أنه لن يصل إلى الرئيس والعائلة. الدولة من خلال الإعلام الرسمى لم تدرك أن قواعد اللعبة تغيرت، وأن رئيس الجمهورية لم يعد من الممكن أن يصبح خارج نطاق السخرية، وحجتهم هى «كنت تقدر تقول الكلام ده أيام مبارك»، نعم كثير مما يقال الآن لم يكن أى مذيع أرضى أو فضائى مصرى يستطيع أن يقوله، لكن الآن تحطمت تلك الهيبة، وكسرت القدسية تماما، ولن يرضى الجمهور أن يرى برنامجًا يضع أمامه هدفًا واحدًا هو توجيه اللوم إلى رئيس الحكومة وتجنيب الرئيس. الزمن لم يعد يتحمل هذا الهراء، الجرعة فى الانتقاد سوف تزداد ليس فقط فى برنامج باسم يوسف، لكن كل البرامج الأخرى سوف تفتح النيران ضد مرسى وترسانة القوانين التى يتصور أنها تحميه ستصبح هى المصيدة التى يقع فيها.

هيبة الرئيس هى أحد توابع التخلف القانونى التى ورثناها من زمن المخلوع، ليس أمام مرسى للخروج من هذا المأزق الذى ورطه فيه أهله وعشيرته سوى أن يظهر فى الفقرة الأخيرة من برنامج باسم مرتديا السلطانية، ويقدم رقصة مشتركة مع باسم تؤكد أن الرئيس كان بيهزر، والله فكرة!

 

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى