كلمة وحيدة صادقة فى الخطاب

18

 

تابعت مثل غيرى خطاب الدكتور محمد مرسى البالغ الطول، وما جعلنى أبقى أمام الشاشة ليس حرصى على ما سيقوله الرئيس بعد تجارب سابقة، كان حصادها، لا شىء، إنما «شجعنى» ما استهل به الخطاب، بالاعتراف بالأخطاء!! همست لنفسى، لفرط سذاجتى الممتدة إلى الشيخوخة، بأننا ربما نكون على عتبة حقبة جديدة، وقد تنبه «مرسى» إلى كوارثنا ومن ثم اقترح العلاج! ونعرف جميعاً أن الرئيس الذى يسكن، بصحبة البعض من الأهل والعشيرة، قصر الاتحادية، وبالتالى فإنه سيصدر القرارات الواجبة، التى تأخر كثيراً جداً فى الإقدام عليها، لانشغاله أولاً بتمكين جماعته وأنصارها، وثانياً بالتقصى عن نشاط «فودة وعاشور والذى فى المعادى»، هذا طبعاً بما زاد من أعبائه، جراء «أعداء الثورة!» التى كنا نشاهده قائداً لها فى ميدان التحرير، وعلى رأسهم الكاتب الكبير الأستاذ مكرم محمد أحمد.. وبدا «مرسى» مطمئناً إلى شرعيته، بل إلى شعبيته المتصاعدة، كما تعكسها طوابير البنزين والسولار، والخبز، الذى اقتدى بصدده بنصيحة الملكة الفرنسية مارى أنطوانيت، متوجهاً إلى المواطن الذى يجد رغيف الخبز غير صالح للاستهلاك الآدمى، إذا كان الرغيف مش عاجبك ما تشتريهوش!!! وترك للغلبان أن يُكمل العبارة الخالدة «كل بسكوت!». شن «مرسى» هجوماً ضارياً على الفريق أحمد شفيق وكأننا فى خضم حملة الرئاسة الانتخابية، وحمّل اللجنة التى تنظر بطعنه على نتيجة هذه الانتخابات، على التنحى عن نظر الطعن لاستشعارها الحرج..! كفى الرئيس مأجوراً على قضية شهدائنا فى رفح وعمليات الخطف لجنودنا، وكان ما قدّمه من قرارات ثورية لمعاناتنا أن «قلبه بيتقطع» لانقطاع الكهرباء وأنه نفسه يشاركنا الوقوف فى طوابير البنزين والسولار، لولا انشغاله بالقاضى «المزوّر» حتى إنه عندما تحدّث عن احترامه للقضاء، ضحك المشجعون، وضحكاتهم تقول: يا راجل!! الرئيس هدد وتوعد كل من خامره شك فى إنجازاته الواضحة على الأرض، خصوصاً الإعلام، الفاسد المغرض، الذى يصوّر طوابير المعذبين فى الأرض، دون عمل «كلوز أب» على دموع الرئيس المتحجّرة حسرة على ما وصلنا إليه، وحيث لن يتسع المجال لكل ما جاء بالخطاب، وما أصابنى بخيبة أمل والخجل من سذاجتى، بعدما أعلن الرئيس أن أخطاءه إنما نحن الشعب المسئول عنها وأن هشام قنديل يتألم مثله من مشهد الطوابير وهو نازل «يصلى الفجر»، فلتت منه عبارة صادقة إذ قال: هذه ليست مصر التى نعرفها، فمصر لم تكن هكذا أبداً!! ومن حقنا بالتالى أن نتمسّك بهذه العبارة وأن نحمّل هذا النظام مسئولية كل ما طرأ من سلوك عنيف، يصل إلى حدّ قتل من هم خارج حظيرة السمع والطاعة وتوالى مشاهد شيوخ الفتنة والكراهية، الذين ارتبطوا فى الأذهان بصفة الإرهاب العملى وليس النظرى، وكان أبشع ما ترجمه هذا الخطاب، هو مشهد قتل المواطنين الشيعة، الذين لم يُشر إليهم الخطاب ولو بكلمة واحدة، والأفدح أن الرئيس أكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن كل هؤلاء، من الأهل والعشيرة عندما ختم خطابه بالدعاء بأن، ينصره الله على القوم «الكافرين!!» وكأن المواطن الذى يعانى الأمرين للحصول على بعض من حقه، لا يؤدى فروض الصلاة أو أنه كافر!! صدقت يا دكتور، هذه ليست مصر التى نعرفها، ولهذا تحديداً خرجت الملايين، تتمرّد، على هذا المصير المرعب الذى تقودنا وجماعتك إليه، فالثورة قامت لتحقيق حياة كريمة، وليس لتفتيت مصر بين فسطاطى الكفر والإيمان، والهروب من الفشل الذريع فى توفير طموحات المواطنين لا يكون بوصفهم، بالقوم الكافرين!!!

 

الوطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى