الأخبار

حماية الأقباط حق للمسلمين!

احمد عبد التوابأحمد عبد التواب

 

هل يعلم الدكتور مرسى أن الهجوم الإرهابى على كاتدرائية الأقباط هو أول جريمة من نوعها فى تاريخ مصر الحديث؟ وهل يعلم أن الاكتفاء بعبارات المحفوظات عن أسفه هو تهوين من حجم جريمة هائلة، كما أنه ضربة قاصمة لنظام حكمه الجاهل لمعنى ما حدث؟ وهل أعد العدة لمنع تكرار هذا فى المستقبل؟ وما هى عدته وخططه التى سوف يطبقها؟ وألا يستوعب أن عليه فورا أن يعلن على الرأى العام الإجراءات التى يجب أن يتخذها ضد مساعده الذى أدان الضحايا الأقباط، قبل أن تظهر أية بوادر لتحريات الأمن وتحقيقات النيابة؟ وهل يَعقل أن الناس تقتنع بأن مساعد الرئيس لا يُعبِّر إلا عن نفسه حتى وهو يزج باسم الرئيس ويضع كلاما على لسانه؟

ما هو إذن موقف الرئيس من افتراء سعادة المساعد على عقول الناس فى بيان اتهم فيه الأقباط بأنهم هم الذين بادروا بالاعتداء على السيارات التى تصادف مرورها أثناء تشييع الجنازة؟ وادعائه بأن هذا هو الذى استفزّ الناس فألقوا الطوب والألعاب النارية على الكاتدرائية، ثم تبريره المتهافت لانتهاكات الشرطة بأن هناك ما يثبت أن عددا من الأشخاص كانوا يحملون أسلحة ومولوتوف من فوق الكاتدرائية وخارجها وداخلها، وأن هذا هو الذى دعا الشرطة إلى التدخل واستخدام قنابل الغاز؟!! إلى آخر هذا اللغو غير المسؤول وغير المدرك ولا المكترث بعواقب ما يقول!!

انظر إلى هذا التدهور المنذر بأخطار حقيقية: كنا حتى شهور قليلة نسمع تبريرات غير منطقية فى الجرائم الجسيمة بإلقاء الاتهام على الطرف الثالث الغامض وما شابه ذلك، وأما الآن، وعلى يد الإخوان فقد باتت التهم توجه للضحايا! هم الذين حملوا السلاح أثناء الصلاة على الشهداء وهم الذين وجهوا الألعاب النارية والخرطوش وطلقات الرصاص إلى أنفسهم وإلى المتعاطفين معهم وإلى الصحفيين!! هل هنالك احتقار لعقول الناس أكثر من هذا؟

للأسف، لا يتخذ نظام حكم الإخوان إجراءات عملية جادة، بل لا يعلن تصورات نظرية مقنعة، ضد من يزرعون الكوارث المُهَدِّدة لأمن الوطن، ويتقاعس هذا النظام عن التعامل مع الكوارث الجسام، ولا يربط فى بياناته الإنشائية بين ظواهر خطيرة تشكل فيما بينها كابوسا أصبح مقيما! وكأنه ليس هناك قاسم مشترك بين الاعتداءات الهمجية على كنيسة قرية الخصوص والكاتدرائية، وبين إعلان موقف قاطع ضد استقبال السياح الإيرانيين فى مصر!

هناك عقلية تعيش أزهى أيامها فى ظل حكم الإخوان، وتستفحل وتتوحش، ولم يعد هنالك سبيل من إنكار كل هذا، عقلية لا تستطيع تقبل الآخر ولا أن تتحمل وجوده فى الجوار، وتغمطه حقوقه وتنزله مقاما أدنى ورتبة أقل، ولا تتعامل معه إلا بالاحتقار والازدراء، وتمتهن دينه وتستخف بمعتقداته، وتدفعه قدر الطاقة خارج المشهد، ومن الغرائب أن يجرى كل هذا تحت شعار التسامح الإسلامي!

يصرخ أصحاب هذه العقلية ضد دولة لا تسمح للمآذن على أراضيها بأن تتجاوز ارتفاعا محددا، ولا يرون أى تناقض وهم يصرون على أن يمنع دستورهم أصحاب الديانات التى لا يعترفون بها من أن يكون لهم أى دور عبادة!

تعلو أصواتهم دفاعا عن الأقليات المسلمة فى أقصى الأرض ويطالبون لهم بكافة حقوق الأغلبيات فى هذه البلاد ويتذكرون عندئذ أحدث مواثيق حقوق الإنسان، وهذا جميل وعظيم، ولكنهم سرعان ما يرتدّون إلى القرون الوسطى وينهلون منها فتاوى يقولونها علنا بعدم جواز ارتقاء غير المسلمين المناصب العليا فى الحياة المدنية، وعدم صعودهم للقيادة فى الجيش والشرطة، بل يذكر بعضهم صراحة، ويصمت عنه الآخرون، بفرض الجزية على غير المسلمين وإبعادهم عن الجيش بالكامل!

ومن علامات تدهور الأوضاع إلى حدود لا يجوز التلكؤ فى معالجتها والتصدى لها، أن تعريفهم لـ «الآخر»، الذى يعتبرونه عدوا، آخذ فى الاتساع، كان يُقصد به حتى عهد قريب غير المسلمين، ثم وصل إلى المسلمين المختلفين فى المذهب، ثم انحدرنا إلى درك أن يدخل الأزهر ضمن دائرة الآخر!

ولا يمكن تبرئة جماعة الإخوان وممثلهم فى القصر الرئاسى عن التورط فى دعم هذا الخط، لأنه لا يمكن غض الطرف عن ظاهرة غياب الشرطة فى العدوان على الأزهر والكاتدرائية، فى حين تتوافر كل القوات المطلوبة وزيادة فى حراسة مقار الإخوان التى تعرف الشرطة أنها جماعة غير قانونية!

وبرغم هذا الظلام الدامس، فقد أضاءت المسيرة التى انطلقت من جامع الفتح إلى الكاتدرائية شمعة، لأنها تنطوى على معنى مهم وهو أن أمن الأقباط من أمن المسلمين وفيه سلامة الوطن.

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى