قوى سياسية تأمل فى أن تصحح لجنة “الخمسين”

وجهت العديد من القوى السياسية انتقادات شديدة للجنة العشرة، لكونها لم تستجب لكل الاقتراحات التي قدمتها تلك القوى على تعديل دستور 2012، بالرغم من تصريح رئيس اللجنة أنها استجابت لكل الاقتراحات دون استثناء، إذ بدأت تلك القوى تعبر عن غضبها بشكل علني كما حدث مع نقابة الصحفيين، حيث أكد بيان الأخيرة رفضها لعمل تلك اللجنة، وأكد سكرتير عام النقابة، كارم محمود أن اللجنة لم تجر أي تعديلات تقريبًاً على الدستور، ولم تتجاوب مع مقترحات النقابة، وأضاف أن مسودة التعديلات الدستورية، لم تلتفت للمقترحات التي قدمتها النقابة لتعديل الدستور، والتي شملت 9 مواد في باب الصحافة، بالإضافة إلى 6 مواد على بقية الدستور.
ونوه لكون النقابة ستتصدى لمحاولات انتقاص حقوق ومكتسبات الصحفيين، من خلال تمثيل نقيب الصحفيين بلجنة الخمسين، وبالتنسيق مع الشخصيات العامة الأخرى وممثلي الأحزاب السياسية، من أجل الدفاع عن حقوق الصحفيين.
واتفق معه في الرأي حزب الوفد، حيث أكد الدكتور فؤاد بدراوي سكرتير عام الحزب، أن اللجنة أخذت ببعض المقترحات التي قدمها الحزب، وتركت البقية دون سبب واضح. مشيرًا إلى أن الحزب كان قد طالب بضرورة إلغاء نسبة 50% للعمال والفلاحين في البرلمان الجديد لكون الأسباب السياسية والاجتماعية التي حتمت تلك الضرورة لم يعد لها وجود، أو مبررات. بعدما لجأ الجميع سلطة وقوى سياسية طوال الفترة الماضية بالتحايل على تلك النسبة عبر إدخال شخوص ليس لها علاقة أو انتماء وظيفي للدفاع عن تلك الشرائح الاجتماعية. فرأينا دخول أساتذة جامعات وأطباء بل بعض الوزراء للبرلمان تحت تلك الصفقة، وافقت اللجنة على هذا المقترح.
إلا أنها رفضت مطلب الحزب الإبقاء على مجلس الشورى حيث أكد بدراوي أن الحزب يرى ضرورة الإبقاء على مجلس الشورى مع إعطائه صلاحيات واختصاصات تدعم من دوره المحوري كغرفة ثانية داخل البرلمان لترشيد عملية التشريع، حيث كان نظام الغرفتين معمولا به في مصر منذ عام 1923، وليس جديدًا كما يظن البعض، وكان هذا النظام ذا فاعلية سياسية كبيرة.
كما ثمن حزب الوفد موافقة حزب النور السلفي المشاركة في لجنة الخمسين المعنية بإقرار التعديلات النهائية على الدستور، وقال بدراوي إن قرار النور صائب وكان ضروريًا في تلك المرحلة من أجل تخليق إجماع سياسي على الدستور الجديد، لكون الفترة القادمة تحتاج إلى توافق سياسي عام لتجاوز حدة حالة الاستقطاب السياسي والانقسام الشائع حاليًا داخل مصر. فالمطلوب من اللجنة العمل على إخراج دستور توافقي بين التيارات السياسية والاجتماعية المصرية يليق بمكانة مصر وشعبها ويؤسس لدولة مدنية حقيقية.
واتفق معه في الرأي، حزب المؤتمر الذي اعتبر أن اللجنة لم تستجب لكل المقترحات التي أرسلها الحزب إليها، حيث أكد محمد العرابي رئيس الحزب، أن اللجنة أخذت ببعض تلك المقترحات وتركت أخرى دون سبب واضح، وأعلن أن الحزب سيرشح صلاح حسب الله للجنة الخمسين لمتابعة تنفيذ توصيات الحزب في الدستور، الذي أكد العرابي على أنه يجب أن يكون توافقا بين جميع القوى السياسية بشقيها المدني والديني.
ومن ثم رحب العرابي بقرار حزب النور في هذا التوقيت، واعتبر أن مشاركة الحزب في أعمال اللجنة اتسم بقدر عال من العقلانية السياسية وترجيح الصالح العام للدولة. معتبراً أن مصر في حاجة الآن أكثر من أي وقت مضي لدستور توافقي تشارك فيه كافة القوى السياسية كممثل عن التيارات الرئيسة داخل المجتمع دون إقصاء سياسي، من أجل عدم تكرار نفس أخطاء الجمعية التأسيسية السابقة التي كنا داخل حزب المؤتمر نعترض عليها. وطالب اللجنة أن تعمل بجهد أكبر على تقريب وجهات نظر التيارات المختلفة للخروج بتعديلات على الدستور تلبي الصالح العام وفي نفس الوقت تستوعب مقترحات كافة القوى السياسية المصرية.
إلا أن حزب مصر خالف هذه التوجهات السابقة، بتأكيده على أن اللجنة لبت معظم المقترحات التي تقدم بها الحزب وقال أحمد جمال الدين رئيس الحزب مصر إن لجنة العشرة المكلفة بصياغة الدستور اجتهدت وتقدمنا ببعض التعديلات للدستور منها إلغاء نسبة العمال والفلاحين، إلا أن العبرة هنا بعمل لجنة الخمسين لكونها اللجنة الأهم التي سوف تحدد لنا ملامح الدستور الجديد.
وبعد قرار حزب مصر القوية عدم المشاركة في لجنة الدستور، والاستبعاد المتوقع لأحزاب جبهة الدفاع عن الشرعية التي تمثل 11 حزبًا إسلاميًا في مقدمتهم الحربة والعدالة والبناء والتنمية، فإن حزب النور سيكون، الممثل الوحيد للتيار الإسلامي في لجنة الخمسين. وكان حزب مصر القوى قد أصدر بيانا عصر اليوم أعلن فيه عدم مشاركته تلك للعديد من الاعتبارات التي حددها في أربعة أساسية: عدم وجود بيئة سياسية واجتماعية مواتية ومستقرة توفر الحد الأدنى من التوافق السياسي، حيث شيوع في البيئة المصرية الآن أجواء عامة من الكراهية والثأر بعدما سألت الدماء في الشوارع.
بالإضافة لكون لجنة العشرة القانونية عملت في إطار من السرية وغياب الشفافية، فلا يعلم أحد لمن استمعت اللجنة، ولماذا اختارت مواد وسكتت عن أخرى، مع العلم أن اللجان القانونية لصياغة الدساتير في العالم هي في الأصل لجان استماع وصياغة وانتقاد المعايير التي حددت للتمثيل السياسي في لجنة الخمسين، حسب وصفها بيان الحزب بكونها لم تعبر إلا عن مجموعات قليلة العدد وكيانات متطابقة إلى حد كبير مع الإصرار على تقسيم الأحزاب على أساس قاعدة “إسلامي / مدني”، وهو التقسيم الذي أضر مصر طوال العاميين الماضيين ولذلك فنحن نكرر نفس أخطاء دستور ٢٠١٢.
بوابة الاهرام