أفراد الأمن الإدارى بجامعة القاهرة يسردون لحظات الرعب

كتبت هند عادل و وائل ربيعى و هانى محمد
“كنا بنحميهم فى المظاهرات ولما غابت الداخلية ضربونا”، هكذا عادة الإخوان، كما وصفها “سيد فاروق، وهيثم السيد” من مصابى الاشتباكات التى شهدتها جامعة القاهرة، نتيجة اعتداء طلاب الإخوان على أفراد الأمن الإدارى، ومحاولتهم إحراقهم داخل مكتبهم بمدخل كلية دار العلوم.
داخل غرفة بالدور الرابع بمستشفى قصر العينى التعليمى، يرقد ضحايا الأمن الإدارى ممن تعدى عليهم طلاب الإخوان، لا يعلم كل منهم مصيره بعد إصابتهم البالغة، التى تعرضوا إليها لا يعلم أحد منهم هل سيعود يمارس عمله من جديد من عدمه أو يقدر على رعاية أسرته، حى يرقد أحدهم مصاب باشتباه نزيف بالمخ وكسر بعظام الوجه، وآخر كادت تتعرض قدمه للبتر بعد إصابته بجرح قطعى بالساق اليمنى وقطع بالشريان.
سيد فاروق “28 سنة” أحد أفراد الأمن الإدارى المصاب، والذى يرقد بالمستشفى، مقيم فى روض الفرج متزوج ولديه طفلة، لم تتخط عامها الأول، قال لـ”اليوم السابع”، أنا خريج نظم ومعلومات وعملت على مدار 4 سنوات فى شركة مبيعات بمدينة نصر، ومع ظهور اعتصام رابعة العدوية وتردى الوضع الأمنى بالمنطقة، أغلقت الشركة فرعها بمدينة نصر، وتم تسريحنا، ووجدت نفسى منذ 90 يوما بدون عمل ولدى زوجة مسئولة منى، بالإضافة إلى طفلة صغيرة، وكانت وقتها لم تكمل عامها الأول، فبحثت فى كل مكان عن فرصة عمل، حتى قرأت فى الصحف إعلان عن حاجة جامعة القاهرة لأفراد أمن إدارى، وبالفعل قدمت أوراقى وتم قبولى.
وأضاف “مسئوليتنا هى الاطلاع على كارنيهات الطلاب لدى دخولهم الجامعة، وتأمين أرواحهم، وفى الآونة الأخيرة شهدت الجامعة أحداثا دموية مؤسفة بسبب خلافات سياسية من المفروض أن الطلاب ليسوا طرفا فيها”.
وأردف فاروق “مؤخراً اختفت الشرطة من المشهد فى الجامعة وبقى الأمن الإدارى فقط، وأثناء تواجدنا أمام بوابة كلية دار علوم فوجئنا بطلاب الإخوان يحملون حقائب بداخلها شماريخ وألعاب نارية ومعهم حديد وطبول، وحاولوا دخول الجامعة بهذه الأشياء، وعندما رفضنا، اشتبكوا معنا وتجمع أفراد الأمن الإدارى، ونجحوا فى تفريقهم”.
واستطرد “لم تمر سوى دقائق معدودات حيث فوجئنا بطلاب الإخوان استعانوا بمجموعة طلاب من كليات أخرى، وتجمع عدد كبير منهم وحاولوا الاشتباك معنا، والتعدى علينا بالضرب، لكننا أدركنا مخططهم، وبدأنا ننسحب من المشهد والتزمنا بالغرف المخصصة لنا”.
وتابع “فاروق”: “لم يقفوا عند هذا الحد بل تجمعوا أمام هذه الغرف وحاولوا استفزازنا بشتى الطرق لنخرج من أماكننا، ولم نبال بهذه الاستفزازات، فألقوا قنابل مولوتوف علينا، وسكبوا البنزين على الغرف وأشعلوا النيران التى كادت أن تحرق أجسادنا، وفكرنا فيما نفعل، فإما أن نموت حرقا أو نخرج لنموت على أيدى طلاب الإخوان، ففضلنا الخيار الثانى بعدما حاصرت النيران الغرف، ونطقنا بالشهادتين”.
وواصل “خرجنا فتعدى طلاب الجماعة علينا بالضرب بالأسلحة والأدوات التى كانت بحوزتهم وكأنهم يتعاملون معنا كأننا غنيمة، أو عدو من جيش الاحتلال الإسرائيلى، فسقطت غارقا فى دمائى وسط تكبيرات طلاب الجامعة، حيث كسر بعضم وجهى كما أصبت بفتح فى الرأس، وقطع فى الوجه، وكدت أن أفقد حياتى”.
واستكمل “أرقد حاليا فى المستشفى بين الحياة والموت لا أعرف مصيرى هل أعود إلى العمل مرة أخرى، أم سأظل ملازم الفراش، فأنا متعاقد على راتب شهرى 800 جنيه، لا يلبى احتياجاتى اليومية وينتهى فى منتصف الشهر ومع ذلك راضى بكل حال، فأنا لست طرفا فى المعادلة السياسية فلا أميل إلى طرف دون الآخر، فقط أذهب إلى الجامعة من أجل “أكل العيش وبس”، وكل ما أعرفه أن الطالب من المفترض أيضا أن يذهب للتعليم فقط أيضا، لكن طلاب الإخوان لم يأتوا للتعليم، وإنما يخربون ويدمرون ويطيحون بالأبرياء”.
وفى السياق، أوضح هيثم السيد 30 سنة، فرد أمن إدارى مصاب بجرح قطعى فى القدم واليد، أنه يعمل بالجامعة منذ قرابة 3 سنوات، وأنه متزوج حديثا وليس لديه أطفال، ومشددا على أنه كاد يفقد حياته بسبب طلاب الإخوان، الذين يستولون على البنزين من الدراجات البخارية المتواجدة داخل أسوار الجامعة، ويصنعون منها “مولوتوف” لإلقائه على الأمن – حسب تأكيده-.
وأشار السيد إلى أن طلاب الإخوان الذين يتصدرون المظاهرات معروفون، وأنهم من كليات الآداب ودار العلوم، وبينهم طلاب مفصولين ومع ذلك يدخلون الجامعة ويخربون ويدمرون، لافتا إلى أن أفراد الأمن كانوا يحمون طلاب الإخوان أثناء تظاهرهم وعندما كانوا يشتبكون مع الشرطة كانوا هم من يفصلون بينهم، وأنهم مع ذلك حاصروا غرف الأمن الإدارى وأشعلوا فيها النيران، وتسببوا فى إيذاء أفرادها بدون ذنب.
وذكر شقيق فرد الأمن، أن إدارة المستشفى طلبت منهم شراء المستلزمات الطبيبة لشقيقه، فى حين أن مدير المستشفى أكد أن هناك أزمات مالية بالمستشفى سيتم التغلب عليها بالتنسيق مع وزارة المالية، وفى سياق متصل توجه الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة لزيارة أفراد الأمن الإدارى المصابين.