تسريب فيديو “مرسي” رسالة سلبية سيئة

218

 

 

لو حلفت على الماء يبرد.. لن يصدقك أي مواطن مصري إذا أردت إقناعه بأن جريدة «الوطن» حققت المستحيل..

واخترقت موقع احتجاز الرئيس المعزول محمد مرسي الذي لا يعرفه الا بعض القيادات المعدودين على أصابع اليد .. وحصلت على سبق صحفي عالمي بتسجيل بعض لقاءات مرسي صوتا وصورة.
بالعقل والمنطق.. لا يمكن أن يحدث هذا إلا بعلم وتصريح رسمي من جهة الاحتجاز .. وأي كلام غير ذلك سراب.. الحكاية بكل بساطة هي أن جهة ما سربت هذه التسجيلات عمداً.. على طريقة لعبة «الغياظة».. ردا على تسريبات شبكة «رصد» الإخوانية.. ونبقى خالصين .. يعني لا تعايرني ولا أعايرك الهم طايلني وطايلك!
لن نقف طويلا عند السؤال التقليدي: ولماذا يكون التسريب عن طريق جريدة «س» أو «ص» هذه بالذات؟ أو السؤال الساذج عن علاقة هذا الاختيار بوقف برنامج باسم يوسف.. هم أحرار في تسريباتهم.. ومسربيهم.. ولن نقف أيضا عند تفاصيل فنية دقيقة حول الطريقة التي تم تصوير اللقطات بها.. والتي تبدو لكل صاحب بصيره أنها تمت عن طريق إخفاء كاميرا صغيرة في ملابس أحد حاضري  جلسة الفضفضة مع «المعزول».. وبالتالي فهو لم يكن يعلم بالتصوير.. وتلك مسألة أثارت لغطا قانونيا واسعا حول حقوق مرسي كسجين.. لكن ما لا يمكن غض الطرف عنه هو مغزى هذه الرسالة ومدلولها.
من الآخر.. هذه «التسريبة» رسالة سلبية خالصة في كل الأحوال .. فلو أن «الوطن» نجحت فعلا في اختراق شرنقة مرسي .. فهذه مصيبة .. لان ذلك يعني ببساطة أن مؤسسة سيادية كبرى فشلت بكاملها في تأمين موقع احتجاز الرئيس السابق الذي يعدونه منذ قرارات ٣ يوليو التاريخية سرا استراتيجيا لا يقل أهمية عن «سر طاقية الاخفا» التي ارتداها مجدي الجلاد رئيس تحرير الجريدة في غزوته الاسطورية للمحبس الحصين.. ولو كان التسريب مقصودا .. وهذا هو الأرجح كما قلنا سالفا .. فالمصيبة أعظم .. لأنه يوحي بمدى الارتباك الذي أحدثه التسريب المضاد .. ويكشف مدى تهافت رد الفعل من جهة عظيمة الشأن والمكانة .. لا يليق بها الانحدار الى مستوى الوقوف رأسا برأس مع هذه الشبكة الاخبارية الاخوانية الصفراء المزعومة.. خاصة وأن تسجيلات مرسي لم تسئ اليه كثيرا .. باستثناء انكاره لما سبق أن صرح به أثناء حملته الانتخابية عن استعداده لترك المنصب الرئاسي لو أن عشرة مصريين خرجوا في مظاهرة وطالبوه بذلك .. كما ان الرسالة لم تحقق تأثيرا يضاهي ذلك الدوي الهائل الذي خلفته تسريبات «رصد».
*******
عفوا .. ودون تعمد الاساءة الى أحد .. نقولها بصراحة قد تبدو موجعة لكنها شريفة القصد والغرض: لم تكن الجهة التي تقف وراء اختراق «الوطن» لمحبس مرسي بحاجة الى إخفاء ذقنها وهي تحاول أن تسدد لكمة تحت حزام الاخوان .. وإن أرادت أن تضرب فكان أجدر  بها أن تكشف عن وجهها وتقول : هأنذا أضرب .. هكذا تكون اللكمة ايجابية وقوية بقدر قوة وحرفية الذراع التي تسددها .. وهكذا يكون سلوك الدولة القوية التي نريدها .. والتي يجب أن تعلن عن نفسها بكل وضوح .. دولة لا يرعش أيديها شريط فيديو مسرب .. ولا يفزعها أربعة أصابع ترفعها قلة مارقة في الشوارع والميادين .. وغير ذلك يكون الصمت أفضل.

الوفد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى