عشرات «الجبهات والتحالفات» من أجل الثورة

شهدت مصر فكرة التحالفات والجبهات منذ سنوات طويلة وعلى مدار التاريخ كل على حسب الفترة أو الأزمة، التي تمر بها مصر، وفي عصر الرئيس السابق مبارك وما تبعه من أحداث ثم ثورة يناير وما تبعتها من أحداث، شهدت موجة من التحالفات التي لم تشهدها مصر من قبل، ففي البداية تشكل عدد من التحالفات أو الجبهات لرفض نظام مبارك والتزوير والفساد في انتخابات مجلس الشعب في 2005، وبعد الثورة أصبحت تتشكل من أجل مواجهة الفلول، ثم بعد ذلك أصبح كل تيار يتحالف من أجل مواجهة الآخر.
من أهم التحالفات التي شهدتها مصر قبل الثورة، “تحالف الوفد والإخوان”، وتحالف “حزب العمل والإخوان”، و”الجبهة الوطنية للتغيير بقيادة عزيز صدقي”، وأشهرهم كانت “الجمعية الوطنية للتغيير” التي هدفت إلى جمع توقيعات من أجل الدكتور محمد البرادعي في مواجهة الرئيس السابق مبارك.
عقب ثورة يناير مباشرة، كانت الأفكار المسيطرة على الشارع المصري وجميع القيادات السياسية هي الخوف من تنظيم “الفلول” وسيطرته في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وكان من بين هذه التحالفات “التحالف الوطني الديمقراطي” الذي ضم عددا كبيرا من الأحزاب والتوجهات السياسية المختلفة مثل الإخوان والوفد والكرامة وغيرها.
ولكن مع بدء سيطرة التيار الإسلامي على الشارع المصري، اتجهت أفكار الأحزاب اليسارية والليبراليه إلى التكتل في مواجهة الإخوان المسلمين لمنع وصولهم إلى كراسي الشعب والرئاسة، وهو ما حدث بالفعل.
من هذه التحالفات «الكتلة المصرية» التي تأسست في أغسطس 2011، كواجهة للتيار المدني والليبرالي، الذي كان أبرز أعضاؤه حزب المصريين الأحرار، والمصري الديمقراطي، ثم تحالف “استمرار الثورة”، في مواجهة التيار الإسلامي، أما الحركة الأقدم وهي “حركة 6 أبريل” في أغسطس من العام نفسه قررت الانقسام إلى جبهتين هما “الجبهة الديمقراطية” التي خرجت عن الجبهة الأساسية “جبهة أحمد ماهر”.
أما التيار الإسلامي، متمثلا في السلفيين، فقد أعلن عن تأسيس “التحالف الإسلامي” في سبتمبر 2011؛ وذلك بعد انسحابهم من التحالف الديمقراطي، واختلافهم مع الحرية والعدالة، فكان هدفهم الأول هو تعزيز وجودهم في الشارع المصري، قبل انتخابات مجلس الشعب، وشارك في هذا التحالف كل من حزب النور السلفي، وحزب الأصالة السلفي، وحزب البناء والتنمية التابع للجماعة الإسلامية.
هذه نماذج من تحالفات ظهرت على الساحة بقوة، واختفت دون أن يعلم الشارع المصري أهدافا واضحة لها، وهناك الكثير من التحالفات التي أعلن عن تأسيسها لكنها لم تر النور، بسبب اختلافات بين أعضائها، أو الخروج لمصالح سياسية، أو استغلالها في الانتخابات البرلمانية فقط ثم انفصلت بعد ذلك.
وفي ثلاثة أيام متعاقبة في سبتمبر 2012، خرجت ثلاثة تحالفات، هم “الحركة الوطنية المصرية”، التي أسسها المرشح الرئاسي الخاسر أحمد شفيق في 17 سبتمبر، وفي 19 سبتمبر أعلن تأسيس “التحالف الديمقراطي الثوري” متمثلا في عشرة أحزاب وحركات يسارية لتوحيد صوت اليسار المصري، أما في يوم 20 من الشهر نفسه، خرج إلى النور “التحالف الوطني المصري” الذي ضم الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، وحزب الوفد وحزب الغد وحزب الجبهة الديمقراطية، ونحو 50 من الشخصيات العامة والمثقفين.
ومع قرب الانتخابات البرلمانية، بدأت التحالفات تظهر مرة أخرى، فخرجت جبهة الإنقاذ بقيادة حمدين صباحي والبرادعي وعمرو موسى والسيد البدوي، التي لا زالت مستمرة حتى الآن، وتجمع غالبية الأحزاب المدنية، التي ستخوض الانتخابات البرلمانية القادمة في قائمة واحدة، ولكن بدأ الاختلاف يشوبها، إن لم يكن بين أعضائها، فبين شباب الثورة، الذي أوضحت تصريحاتهم انقساما مع أهداف الجبهة.
وأخيرا تم تدشين “جبهة الضمير الوطني”، بقيادة شخصيات عامة كثيرة ومن تيارات مختلفة من اليمين واليسار والوسطيين، وأعلنت أنها ستقوم بالبدء في مشروع “الحلم الوطني” بهدف تحقيق التغيير المطلوب في مختلف المجالات، وتعهدت بالمساعدة في استرجاع الأمن في الشارع المصري.
بين أن يكون هذا الكم من التحالفات والجبهات أمرا “صحيا” وفي خدمة الوطن والشعب، وبين كونه “تخبطا في السياسات وأفكار المعارضة”، أو أن يكون ظاهريا في خدمة مصالح الشعب وتحقيق مطالب الثورة، أو أن يكون هدفه هو الانتخابات البرلمانية والوقوف على الساحة السياسية لأطول فترة ممكنة.