ماذا لو تغير وزير الإعلام؟

يطالب الكثير برحيل وزير الإعلام، في ظل التغيرات الوزارية القادمة، والمجيء بوزير آخر يكون له رؤية مختلفة تتماشي مع المرحلة الانتقالية الحالية التى يمر بها المجتمع المصرى. وطالب الكثير من العاملين بماسبيرو بإقالة وزير الإعلام من خلال وقفات احتجاجية، رافعين هتافات «لا للقمع والإرهاب»، و«لا لأخونة الإعلام» مطالبين برحيل وزير الإعلام.

 

ولكن هل سيتغير وضع الإعلام المسموع والمرئي للأفضل إذا جاء وزير آخر؟ هل سنشهد هامشًا أكبر فى حرية التعبير؟ هل ستقوم الوزارة الجديدة بوضع خطة فاعلة من أجل تطهير الإعلام وتحريره؟ لا أظن ذلك.

 

وأخص هنا الإعلام المرئى والمسموع لما لديهما من تأثير قوى على المشاهدين، ولما شاهدته الساحة من طفرة فى عدد القنوات. فالمشكلة لا تقع في شخص الوزير، ولكن في السياسة القائمة التي يعين على أساسها الوزير ويعمل على مبادئها.

 

لذلك لا يجب المناداة بإقالة وزير الإعلام والمجيء بغيره، ولكن يجب مطالبة أى شخص يتولى هذا المنصب بأن ينفذ مهام محددة وهي: تحويل الإعلام الحكومى إلى إعلام خدمة عامة (يهدف إلى تلبية احتياجات مختلف فئات المجتمع ويغطي الأخبار بدرجة كبيرة من المصداقية)، وتنظيم ملكية الإعلام الخاص لضمان تعددية الأصوات بدلاً من سيطرة أحزاب قليلة على وسائل أو مصادر البث المرئي والمسموع.

 

فالمشكلة تكمن فى استمرار ملكية الحكومة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون وما يحتويه من عدد هائل من المحطات الإذاعية والقنوات التليفزيونية التى تعمل على تطبيق أجندة الحكومة، وليس على تقديم ما يفيد الجمهور أو يخدمه. مما يساعد على تقديم الأخبار بشكل مسيس وتحليل الأحداث من منظور واحد يهدف لوضع الحكومة فى إطار إيجابى.

 

المشكلة تكمن فى البيئة البيروقراطية ودرجة المركزية العالية لضمان تمركز السلطة فى أيدى رئيس الاتحاد حتى لا يتعدى أحد الخطوط الحمراء من حيث نقد الرئيس أو الحكومة، مما ينتج عنه مضمون هذيل وضعيف لا يستطيع أن يتماشى مع البيئة التنافسية الحالية وسقف الحريات المرتفع. وطبقاً لدراسات عديدة لا يمكن أن تحل مشاكل المرحلة الانتقالية بتطبيق نظام مركزى لا يعطى مساحة للعاملين بطرح أفكارهم ورؤيتهم لمؤسسة لديهم فيها خبرة طويلة.

 

المشكلة تكمن فى الوضع المالى لاتحاد الإذاعة والتليفزيون الذى يفرض عليه الاعتماد على الدعم الحكومى وبالتالى التدخل فى سياسات البرامج حتى تعزز شكل الحكومة ودورها.

 

والمشكلة تزداد تعقيداً في بيئة تنص على قوانين تعوق حرية الصحفيين وحقهم فى الحصول على المعلومة وتداولها ونشرها أو فى عودة سياسة إرهاب الاعلاميين وإجبارهم على ممارسة الرقابة الذاتية.

 

أما الإعلام الخاص فيعاني هو الآخر من حالة فوضوية من حيث وجود قنوات وبرامج تستخدم الإعلام كوسيلة لمهاجمة الآخر ومنابر للسب والقذف، وهذا يشكل تحدياً أمام القنوات القليلة التي تمارس المهنية من حيث تقديم الخبر وتحليله من مختلف وجهات النظر.

 

إن الاعلام المصرى لا يتطلب فقط تغيير شخص الوزير، ولكن يتطلب تغيير المنظومة الإعلامية الحالية من أجل تحرير الإعلام مالياً وإدارياً من التدخل الحكومى الذى سوف تقف أمامه الأصوات الحرة بداخل ماسبيرو وخارجه مطالبة بتطهيره وعدم انخراطه تحت أى فصيل سياسي ويكون هدفه هو خدمة المجتمع المصري بجميع أطيافه.

المصري اليوم

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى