الأخبار

صراعا أو مصالح بين الجماعة وبين الدولة

1

 

 

الأزمة هناك فى المقطم.

يبدو أن هناك صراعا ما أو تعارض مصالح بين الحفاظ على الجماعة (كما هى بترتيبها) وبين الحفاظ على الدولة (ببنيتها المملوكية).

«أخونة الدولة» فى مواجهة «دولتة الإخوان» تصور سهل أو بسيط بالنسبة إلى ما يحدث الآن فى الجماعة ومحاولات كهنتها فى مكتب الإرشاد السيطرة ليس على الدولة فقط ولكن على التنظيم بعد خروجه وانكشافه أمام الجميع.

قلعة المقطم تجسيد للخيال النائم فى أتباع الشيخ حسن البنا منذ 84 عاما، مقر الجماعة المحاصَر بالغضب هو «جسم الخيال» الذى رأت فيه الجماعة نفسها منذ جولات الشيخ فى قرى مصر متصيدا الراغبين فى «إعادة الإسلام» من «غربته» ليمنحهم تذكرة عضوية.. وقلعة افتراضية يَحْتَمون داخلها.. ثم حياة لايتحملون فيها ذنوبًا أو أوزارًا.. فكلها تتم بأوامر مَن لهم حق السمع والطاعة.

والثورة بالنسبة إلى الجماعة جسر ليكون الافتراضى واقعا، تنتصب القلعة على أعلى نقطة فى العاصمة، وهو ما سيعزز تماسك التنظيم، أسمى أهداف الجماعة فى الأربعين سنة الأخيرة على الأقل.

العضو بالنسبة إلى الجماعة مجرد زبون.

يمنحونه رشوة لتسهم فى منحهم رخصة الاستبداد.

المجتمع بالنسبة إلى الإخوان ليسوا أفرادا أو مواطنين أو حتى جمهورا له احترامه باعتباره جزءا من اللعبة عندما تكون حلوة، وإنما المجتمع عبارة عن زبائن.

وفى عقلية التجار هذه، الزبون على حق فقط لحظة الانتخابات.. أو الحشد.

تأمَّل جيدا العلاقة بين تنظيم الإخوان والمنتمين إليه، وانظر إلى من انفصل عن الإخوان فى مرحلة الشباب.. لا الذين انشقّوا فى سنوات متأخرة ويحاولون بكل الطرق المحافظة على سحر المنشقّ.

لا يتخلص الإخوانى بعد عمر معين من إخوانيته، لأنها تتحول إلى علاقة عائلية، والخروج عنها ليس سهلا، ويكون دائما باتجاه «إخوانية..» أكثر من الإخوان أنفسهم، وتدور الخطابات المنشقة عن «النقاء..» الذى لم يعد موجودا والابتعاد عن أفكار حسن البنا.

المنشق من هذا النوع يلتصق بفكرة الإخوان أكثر بعد خروجه، لأن حياته لم تعد كافية لأن يخوض مغامرات البداية من جديد، ويظل محاطا بسحر المنشق، منقبا عن الفكرة النقية التى ضاعت، والإخوانى الكامن فى المنشق يكون أحيانا أخطر من النائم فى قلعة التنظيم.

أما الذى لديه وعى يدمّر الفكرة من الأساس فهو الذى فضح بحكاياته طبيعة العلاقة بين التنظيم وعضويته.. هم زبائن فى معرض «الطليعة المؤمنة» يحجزون تذكرة إلى الجنة (ضمان بنتيجة الحساب بعد الموت) وموقعا اجتماعيا يعوّض عدم تميزهم رغم قدرتهم على الجدية.

الموقع الاجتماعى يمتد بالوظيفة وضمان العمل إلى جانب الشعور بسلطة التفوق الإيمانى على الجميع.

حرب الدفاع عن التنظيم كانت أقوى ما يفعله الإخوان، وهى حرب أدامت التنظيم لكنها جعلته أكثر ميلا إلى الزبائنية، خصوصا بعد ظهورٍ منظَّمٍ للسلفيين قبل الثورة (بِوحْى من جهاز أمن الدولة) وبعد الثورة باعتبارهم الحليف الذى يبدو أكثر خطرا أحيانا من العدو.

حرب الدفاع عن الزبائن جزء من الارتباك الكبير لحكم الإخوان، لأنها ضمن حسابات الرئيس الذى يؤدى دوره بوعى أنه مندوب الجماعة فى قصر الرئاسة، ولا بد أن يرسل إلى جمهور الزبائن ما يطمئنهم أن كل شىء على ما يرام.

 

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى