البطل عبدالرؤوف خليفة.. 200 يوم خلف خطوط العدو في سيناء وباقي العمر “فرّاش” مدفون في ذاكرة مصر

14

 

“بطل ينتظر مكالمة تليفون”، كلمات مثيرة للفضول، طالبت بها المجموعة 73 مؤرخين، الشعب المصري بالاتصال ببطل مصري وجندي مجهول غطى غبار الزمن بطولاته وبسالته في حروب اليمن والاستنزاف، وحرب أكتوبر.

بعد عناء طويل، تمكنت المجموعة 73 مؤرخين، من الوصول إلى رقم تليفون البطل عبد الرؤوف جمعة، الذي ظل 200 يوم خلف خطوط العدو، برغم إصابته بدفعة رشاش إسرائيلي، ربما لأنه أحد أبطال الصاعقة المصرية، تمكن من علاج نفسه برمال المنجنيز في سيناء حتى تماثل للشفاء.

يقول البطل عبدالرؤوف جمعة لـ”الوطن” إنه استقبل العشرات من المكالمات الهاتفية، بعد أن نسيه وأهمله الجميع، ولم يتم تكريمه، ولا ضمه إلى جمعية المحاربين القدماء، زاهدا في كل ذلك، بقوله “اللي بيكرم العباد رب العباد”.

وعن ذكرياته في معارك أكتوبر، قال البطل “أول ما بدأت المعركة الساعة 2 ظهراً، حملتنا طائرات هليكوبتر، إلى مطار أبورديس خلف خطوط العدو وكانت مهمتنا تعطيل أي طائرة عن الخروج من المطار”، واصفا هذه العملية بأنها كانت انتحارية “ذهاب بلا عودة، لأن مكانش فيه أي إمداد لنا، مضيفاً ” قدرنا بعد معركة شرسة نعرقل ونمنع إمدادات العدو للمطار بمساعدة غارات الطائرات المصرية، لكن معظم الجنود اللي كانوا معايا في العملية استشهدوا”.

كان النقيب عبد الحميد خليفة، والنقيب مجدي شحاته، هما قادة البطل وقتها، ومعهما مجند محمد وسيد علي، آخر من تبقى من الكتيبة الانتحارية، بعد أن أتمت مهمتها بمطار أبورديس، لكن البطل أصيب بدفعة رشاش من أعلى دبابة، أسفل ظهره.وعن إصابته يقول “كنت بجرى وبنزف، وكنت متوقع إني في لحظة هقع على الأرض وأموت، لكن ربنا أراد وشفاني”.

لجأ البطل ورفاقه البواسل إلى الاختباء بعد نفاذ ذخيرتهم وطعامهم وشرابهم، بين الصخور، حتى شاهدهم أحد البدو ويدعى علي، واصطحبهم إلى مكان قريب من بلدته، “كان كل ثلاثة أيام يجيبلنا أكل ومية، لمدة 5 شهور، أنا ربنا شفاني وأخذت بالأسباب وعالجت نفسي برمال المنجنيز، وخفيت بعد 3 شهور”.

تحرك أبطال العملية في اتجاه السويس من خلال “النجم القطبي”. يسيرون ليلاً، ويختبؤون نهاراً بين الصخور “كنا بننزل عند البدو ناخذ أكل ونكمل مشي، لحد ما وصلنا بعد 7 شهور السويس”.

خرج البطل من الجيش بعد خدمه 9 سنوات حروب، شارك خلالها في حرب اليمن لمدة عامين، و4 سنوات في حرب الاستنزاف، وحرب 73، دون أن تلتفت إليه الحكومة أو الجيش أو أي من وسائل الإعلام.

ولجأ البطل إلى العمل ساعيا في إحدى المدارس الحكومية، حتى خرج منذ فترة قصيرة إلى المعاش “مخدتش كارنيه، ولا وسام، ولا عضوية جمعية المحاربين القدماء، ولا حتى معاش، ولا أي شئ يثبت إني دفعت من دمي وعمري في خدمة الوطن، أنا مش عايز حاجة لنفسي، بس على الأقل ألاقي مكان اتعالج فيه”.

تقدم البطل بخالص الشكر والتحية والتقدير لكل من اتصل به هاتفيا، وخص بالشكر اللواء مجدي شحاته، الذي كان سببا لإعادة التذكير به، خصوصا من خلال صورة التقطت له في أبريل من العام 1974 بعد عودته من خلف خطوط العدو مباشرة، يظهر فيها إلى جوار اللواء عبد الحميد خليفة، واللواء مجدي شحاته، والمجندين محمد وسيد علي، والمشير أحمد إسماعيل، ومن خلفه نائب الرئيس السادات وقتها، حسني مبارك.

 

الوطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى