«سمعخانة» مع المشاريب.. والخلفية زخارف ونقوش ومفروشات صوفية

107328_660_3008169_opt

 

فيما عدا دقات الطبول الخافتة، وأنّات الناى الموجعة، وترددات أوتار العود والقانون المرتجفة، ساد الصمت بين الحضور كأنما حط على رؤوسهم الطير، منصتين لكلمات الأبيات المنشودة:

أدين بدين الحب أنّى توجهت

ركائبه.. فالحب دينى وإيمانى

تغلب النكهة «الصوفية» على المكتبة والمقهى الذى يتوسط حى الزمالك، ومن طرازه نال اسمه «صوفى»؛ فيشير أسامة محمد مصطفى، مدير صوفى، إلى أن «اسم المكان صوفى، من الصوفية، والهدف من تأسيسه كان توصيل معنى الصوفية للناس؛ الزهد فى التعامل وجو الهدوء والسكينة والمحبة بين الضيوف وبعضهم وبين الضيوف ومقدمى الخدمة».

هائماً مع اللحن، يدور راقص المولوية «المطبوع على لافتة طولية بمدخل صوفى»، مطوحاً ذراعيه على أصوات الموسيقى الهادئة المتسربة إلى الخارج. يزدان «صوفى المكتبة والمقهى» بقطع الأثاث والأخشاب والزخارف والنقوش إسلامية الطابع؛ «كلها ذات طابع صوفى بسيط، ورغم أن كثيراً من ضيوفنا لا يعرفون أن المكان على الطراز الصوفى فعلاً، ويحسبون أنه مجرد اسم؛ فإنهم عندما يزورون المكان لا ينقطعون عنه ثانياً إعجاباً بالفكرة»، يقول أسامة.

يهيمن السماع الصوفى على أثير المكان، فلا تكاد تنتهى أغنية صوفية حتى تبدأ أخرى، والسماع يطرق الآذان، متيمة بما يُنشد:

رضى المتيم فى الهوى بجنونه

خلوه يفنى عمره بفنونه

لا تعذلوه فليس ينفع عذله

ليس السلوُّ عن الهوى من دينه

يرفض مدير «صوفى» تصنيف المكان كمقهى بل يصنفه «كمكتبة ومكان يغلب عليه الطابع الصوفى والثقافة الصوفية»، وفى قاموس الصوفية يُطلق على أماكن الاستماع إلى الموسيقى الصوفية اسم «السمعْخانة»، خصوصاً مع ما يتم تنظيمه بـ«صوفى» من حفلات موسيقية يغلب على أكثرها النمط الصوفى. يقول أسامة: «ينظم صوفى أربع حفلات شهرياً، بواقع حفلة واحدة كل أسبوع، منها حفلة أو حفلتان ذاتا طابع صوفى حفاظاً منّا على طبيعة المكان؛ هذا فضلاً عن حفلات توقيع الكتب، والأمسيات الشعرية، وحفلات عرض الأفلام الروائية والوثائقية».

الكثيرون من روّاد «صوفى» تأثروا بما يسمعونه من موسيقى.. هكذا يعتقد أسامة الذى قال: «بالطبع ضيوفنا عندما يستمعون إلى أغنيات صوفية وأناشيد هادئة على أسماعهم، يتأثرون بما سمعوا ويستجيبون له، وربما لا يدركون ذلك للوهلة الأولى، لكنه واقع مُجرب».

منذ أن افتُتح «صوفى» فى الأول من فبراير 2012، وأصوات المنشدين تستعمر أثيره، أصوات تداعب آذان السامعين بإيقاعاتها ومقاماتها الغنائية الشجيّة وأشعار أقطاب الصوفية وأعلامها وشعرائها، ومنذ افتتاحه وأثاثه الخشبى المنحوت والمقدود على السمت الإسلامى، والكراسى الموسّدة بوسائد مكسوة بالصوف والكليم، ومنذ افتتاحه وقناديل الضوء تتدلى من سمائه بضوء واهن مريح.

وفقاً لتقييم أسامة مصطفى، فإن «صوفى» إنما هو مكتبة بالأساس لها طابعها فى التصميم والتقسيم والتوضيب على الطراز الإسلامى؛ مكتبة تزخر بمئات الكتب العربية والأجنبية ومئات المؤلفين والمترجمين، و«من وقت لآخر ينظم (صوفى) حفلات لتوقيع بعض الكتب»، يقول أسامة.

يزدحم المكان فى الأمسيات الاحتفالية، حيث ينظم «صوفى»، السمعخانة الحديثة، حفلات يغلب عليها فن «السماع الصوفى»، تحتشد الكراسى فى الغالب فى إحدى غرف المكان المُقسّم إلى غرف، وفى صدر الغرفة يشدو أحد المطربين:

قُلْ للمليحة فى الخِمارِ الأسوَدِ

ماذا فعلتِ بـناسكٍ مـتعبدِ؟

قد كانَ شـمّرَ للصلاةِ ثيابَهُ

حتّى وقفتِ له بباب المسجد

فسلبتِ منه دينَهُ ويقينه

وتركتِه فى حيرة لا يهتدى

ردِّى عليه صلاته وصيامه

لا تقتليه بحق دين محمد

يسعى أسامة مصطفى، مدير مكتبة ومقهى صوفى، للتوسع فى تجربته بإنشاء فرع ثانٍ لـ«صوفى» فى حى الزمالك؛ فالتجربة كما يقول أسامة أثبتت نجاحها وإقبال الروّاد على صوفى فاق توقعات القائمين عليه، فكان لزاماً أن ينشروا الفكرة أكثر وأن يؤسسوا «سمعخانة» ثانية يتردد فى أرجائها أناشيد السماع الصوفى.

الوطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى