الأخبار

محمد فتحى – ثلاثة أيام فى دبى

46

 

 

فى كل مرة ذهبت فيها إلى الإمارات كانت الأمور سلسة تشعر معها بالراحة، لكن هذه المرة أنت مواجه قبل أن تذهب بتهمة أنك ستذهب هناك لمقابلة «شفيق»، والاتفاق مع مسئوليها ضد مصر، حيث إننا الإعلام الخائن العميل المحرّض الذى يتلقى أموالاً من الخارج ليلعب بأصابعه فى الداخل، ويقف فى الحارة المزنوقة مع الـ56734!!! وكان من الممكن أن تتقبل هذا حين يخرج من مجموعة من الجهلاء والمراهقين السياسيين وأصحاب مباخر الغباء، لكن هذا الكلام أصبح يتردد من وقت إلى آخر على لسان حاكم مصر وجماعته ولجانهم الإلكترونية المسعورة.

عموماً.. مناسبة هذه الزيارة كانت المشاركة فى فعاليات منتدى الإعلام العربى (جيد أن هناك من يتذكر البعد العربى) الذى أصبح قبلة الإعلاميين العرب، والحدث الأهم الذى ينتظرونه ليتقابلوا تحت سقف واحد ويناقشون قضايا الإعلام المختلفة، وكان ضيف شرف المنتدى فضيلة شيخ الأزهر د. أحمد الطيب، الذى كان يُكرَّم هناك ويتحدث وسط احترام الجميع فى الجلسة الافتتاحية، بينما يتواصل الطعن فيه وفى الأزهر، وبمنتهى القسوة والابتزاز السياسى، هنا فى مصر.

يمكن أن أفتح قوساً ها هنا لأقول إن من بين ضيوف شرف المنتدى فى الأعوام السابقة شخصيتين بقامة ومقام أحمد زويل وفاروق الباز، وها هو شيخ الأزهر يقابَل بحفاوة ما بعدها حفاوة.ويمكنك الآن إغلاق القوس.

فى اليوم الأول كنا على موعد مع عشاء خاص فى برج خليفة. لم أكن قد دخلت المكان من قبل، ومنيت نفسى بالصعود لأعلى قمة فيه، وقال لى أحد الأصدقاء: ابسط يا عم، وهو نفس الصديق الذى قطعت علاقتى به حين اكتشفت أن العشاء فى الدور الأرضى!!

مناسبة العشاء هى مبادرة اسمها (فكّر دبى)، وهدفها هو التفكير لدبى المستقبل، وكيف يمكن أن تطوّر من نفسها فى مجالات تم اختيارها بعناية نتيجة أبحاث ودراسات تحدّثت عنها منى المرى مدير الإعلام بحكومة دبى (سأفتح قوساً آخر لأؤكد لك أنك ستعجب حتماً بدور المرأة هناك وتوليها مناصب قيادية متميزة).

فى فكر دبى جلست عقول إعلامية من مختلف دول العالم العربى لتفكر كيف يمكن أن تتقدّم دبى بأفكار خارج الصندوق مليئة بالابتكار فى مجالات السياحة والسفر والنقل الجوى والطيران المدنى والاقتصاد، وفى مصر هناك من لا يزال يفكّر فى إسقاط «مرسى»، وهل سيأتى بالمولوتوف أم بالاعتصام ومواصلة الضغط لإجراء الانتخابات المبكرة، لنكتشف أننا منذ بداية الثورة وحتى الآن شعاراتنا لها علاقة بالسقوط، وليس لها أى علاقة بالبناء والتنمية، مع أنه من الممكن أن تتبنى إسقاط «مرسى» وتبنى فى نفس الوقت، لكن للأسف هذا لا يحدث.

خرجنا من اليوم بأفكار متميزة ستدرسها حكومة دبى، وهو ما يعيدنى مرة أخرى لنفس الطلب الذى طالبت به أكثر من مرة فى هذه المساحة، وهو وجود جهة مستقلة مسئولة عن الأفكار والمبادرات فى مصر، تعمل من أجل بناء وتنمية حقيقيين، وكنت أتمنى أن يكون هذا هو دور مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار.

فى اليوم الثانى شرفت بالمشاركة فى جلسة: الإعلام الساخر.. هل تتسع له صدور العرب؟، جالساً إلى جوار باسم يوسف نجم الجلسة، وخلف الحربى من السعودية، وهند خليفات من الأردن، وسامى الريامى من الإمارات، فى جلسة أدارها طونى خليفة، وقلت بوضوح إن السخرية هى فأس سيدنا إبراهيم التى ستوضع فى رقبة أى صنم.

فى حفل الختام كان زميلنا بـ«الوطن» عبدالوهاب عليوة على موعد مع جائزة الصحافة الاستقصائية، فيما فازت الجائزة بعمنا وأستاذنا حمدى قنديل الذى حاز لقب شخصية العام الإعلامية، فى (طبطبة) جميلة جاءت للرجل الشريف المحترم والمناضل بعد ما تعرّض له من ضغوط وسخافات فى الأعوام الأخيرة بسبب مواقفه السياسية، لكنه يظل أستاذاً كبيراً ومثالاً لإعلام محترم نفتقده الآن جداً.

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى