تنمية محور قناة السويس سيعيد علاقات مصر بالعالم

قال عصام شرف، رئيس الوزراء الأسبق، إن مشروع تنمية محور إقليم قناة السويس، يمكن أن يطلق عليه مشروع ”مصر الجديدة”، وهو كفيل بأن يعيد صياغة علاقات مصر بالعالم على أساس علاقات الند بالند حيث يلبي احتياجات مصر والعالم بشكل متبادل، كما أنه يتعين التعجيل بإظهار جديتنا للعالم من خلال طرح هذا المشروع الذي سيعيد هيكلة الاقتصاد المصري ”ولكن بالمخطط والصيغة التي قدمناها واقترحناها منذ سنوات لهذا المشروع”.
وأضاف شرف في كلمة له أمام أعضاء من الجالية المصرية بدار السكن المصرية بأديس أبابا، ” أن هذا المشروع يمكن أن يعيد هيكلة الاقتصاد المصري من خلال إضافة عائدات الخدمات البحرية واللوجستية، والتي ستكون كبيرة إلى جانب تحويلات المصريين بالخارج والسياحة والصناعة والزراعة، بما يعزز أيضاً من علاقة الندية بين مصر والعالم.
وتابع ”نرغب في أن تستعيد مصر دورها الريادي والمحوري على مستوى العالم من خلال الاقتصاد، لأن السياسة أصبحت تخدم الاقتصاد حالياً، والذي يريد أن يلعب دوراً في الاقتصاد لابد أن يحظى بدور في التجارة العالمية، ومصر لا تحظى فقط أنها في منتصف العالم وتضم قناة السويس، بل تتميز بخصوصية الموقع وتضم موانئ محورية مثل شرق بورسعيد وشمال غرب خليج السويس والعين السخنة، ولذا يتعين أن تقدم بعض الخدمات البحرية واللوجستية لهذه التجارة المارة، لأن التجارة ليس فقط إنتاج واستهلاك بل تتضمن إجراءات لوجستية مثل التخزين وتجميع البضائع وتوزيعها”.
ولفت عصام شرف أن نحو 10% من حجم تجارة العالم البالغ قيمتها ما بين 17 و18 تريليون دولار تمر بقناة السويس، التي تعد أهم ممر مائي في العالم حيث يمر بمصر ما بين 1.7 أو 1.8 تريليون دولار من قيمة التجارة العالمية، مشيراً إلى أن هناك خدمات تقدم للتجارة بنسبة 25% من قيمتها، ولذا يمكن لمصر أن تسهم في تقديم خدمات للتجارة المارة بقناة السويس، حيث تقدر قيمة إجمالي هذه الخدمات بنحو 400 مليار دولار، وإذا أسهمت مصر بنحو 10% فقط من قيمة هذه الخدمات التي ستقدم للتجارة المارة بقناة السويس ستبلغ العائدات نحو 40 مليار دولار، بينما دخل قناة السويس حاليا 5.4 مليار دولار فقط.
وأضاف ”لو تمكننا من الاسهام بنحو 20% في الخدمات للتجارة المارة بقناة السويس، ستبلغ عائداتنا 80 مليار دولار، وكل هذا يعتمد على وجود ميناء محوري يستطيع أن يستقبل السفن العملاقة وبجانبه مراكز لوجستية تقدم الخدمات وكذلك منطقة صناعية”.
وأكد على أن مصر يمكن أن تكون من خلال موقعها شريكة في الإنتاج العالمي، حيث تقوم دولة كالصين على سبيل المثال بإنشاء مصانع كبيرة بمصر وكذلك البرازيل التي تشعر أنها بعيدة، وتقوم مصر بدور في توزيع السلع للاستهلاك لأنها قريبة من الأسواق.
ونوه إلى أن عدداً كبيراً من الشركات العملاقة في العالم عبرت عن رغبتها في جعل محور أعمالها في مصر، نظراً لوجود قناة السويس التي تقع في ملتقى ثلاث قارات.
وقال ”يتعين أن نكون شركاء في الإنتاج العالمي ونشارك في توزيع البضائع للاستهلاك، وكذلك تقديم خدمات لوجستية للنقل البحري الذي ينقل ما بين 80 و90% من تجارة العالم مثل إصلاح وصيانة السفن والتموين، مشيراً في هذا الصدد إلى أن مصر التي تضم قناة السويس لديها ميناء محوري وهو شرق بورسعيد البالغ مساحته 170 كيلومتراً مربع، بينما تبلغ مساحة ميناء سنغافورة الذي يقدم أكبر خدمات تموين للسفن في العالم، 45 كيلومتراً مربعاً وهو يعادل ربع مساحة ميناء بورسعيد مع الفارق الكبير في الموقع لصالح ميناء بورسعيد.
و شدد شرف على أهمية أن تتعامل مصر مع التجارة العالمية وفقاً لقواعدها، قائلاً ”هل يمكن أن نشارك في كأس العالم في البرازيل مثلاً، ونقول لهم سنلعب بالقواعد الخاصة بنا أو سنشارك بلاعبي الزمالك فقط، لذا لا بد أن ألعب وأشارك بقواعد العالم، والتجارة العالمية لها قواعدها المعروفة”.
كما شدد على أهمية عنصر الزمن حيث سيكون عام 2015 تاريخاً محورياً في التجارة العالمية، منوهاً إلى أن شركات الشحن البحري العملاقة تنقل ما بين 60 و70% من تجارة العالم البالغة نحو 17 تريليون دولار، ولذا يتعين إقامة مخازن بمنطقة متوسطة يمكن أن تصل إليها هذه الشركات.
وأشار شرف إلى تأكيد البنك الدولي على أن شرق بورسعيد يمكن أن يكون قاطرة التنمية الاقتصادية في مصر، وأن هذا المشروع ليس مهماً لمصر فقط بل للعالم كله، وأن رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد وصف هذا المشروع بأنه يوازي حفر قناة سويس جديدة، حسبما قال.
وانتقد شرف فكرة توسيع ”مشروع تنمية محور قناة السويس” إلى ما يطلق عليه اسم (الإقليم) قائلاً ”إن هذا الإقليم الذي يجري الحديث عنه يشمل 5 محافظات ونصف، وهي شمال
سيناء وجنوب سيناء والإسماعيلية والسويس وبورسعيد وجزء من الشرقية، وقال إنه لا يوجد صلة بين أنشطة تنمية محور السويس وبين هذا الإقليم، لأن أنشطة تنمية محور قناة السويس لها خصوصيتها وتحتاج إلى قوانينها الخاصة وأن الشمولية لا تصلح في هذا المجال”.
وأضاف ” أن بورسعيد جاهزة لهذا المشروع وأن 14 خبيراً بدأوا في وضع كراسة الشروط لهذا المخطط منذ عام 2004، وأصبحت جاهزة عام 2008 ولذلك لدينا مشروع جاهز وله خصوصيته ورأس المال الأجنبي لن يأتي إلى مصر لكي يحقق العدالة الاجتماعية أو لبناء مدارس، ولذلك بوسعنا أن ننجز هذا المشروع الذي يمكن من خلاله أن نعيد صياغة العلاقة بين مصر والعالم من خلال علاقة الندية”.
وتابع ”لماذا نقوم بإذابة هذا المشروع وندخله مع زراعة وصناعة عادية، ولكن لا بد أن نستغل خصوصيتنا والتي تتمثل في الموقع وهي الميزة النسبية الوحيدة لمصر، ولابد أن نركز ونستغل ذلك، ولكن إدخال مشروع تنمية المحور مع إقليم وأشياء مختلفة، سيعمل على إضعاف المشروع”.
وفي رده على تساؤلات حول استقالته من منصب رئيس اللجنة الاستشارية لتنمية محور قناة السويس، قال رئيس الوزراء الأسبق عصام شرف ”إننا نعمل مع مجموعة من الخبراء بهذا المشروع منذ 15 عاماً وقدمنا خارطة طريق منذ نحو 4 أو 5 شهور وفجأة طرح قانون، ولذا اضطررنا إلى الاعتذار”.
وقال ”إننا على استعداد لتقديم المساعدة ولكن فيما نراه صحيحاً ومن خارج اللجنة الاستشارية، نحن لا نمانع في هذا القانون ونحن نقول رأينا كمواطنين عاديين، ولكن ما حدث هو الاصرار من البعض على أن عصام شرف ومجموعته كانوا معنا في هذا القانون”.
وأضاف شرف ”أنني ومجموعة من الخبراء نعمل على مشروع تنمية محور قناة السويس منذ 15 عاماً تقريباً عندما كنت عضواً بمركز بحوث النقل وكان الدكتور على بسيوني يرأس الفريق البحثي بهدف التركيز على تحويل محور قناة السويس إلى ممر ونشاط لوجستي، وجاءني مجموعة خبراء عندما كنت رئيسا للوزراء في إبريل 2011 بهدف إنجاز هذا المشروع في ضوء ما تشهده مصر من تحديات ومن بينها أعمال إسرائيل، وبعد تركي المنصب واصلنا العمل ووضعنا بالفعل خارطة طريق، وبعد ذلك بنحو 4 أو 5 شهور، ظهر فجأة قانون بشأن المشروع”.
مصراوي