جريمة لا تُغتفر

لم أتعجب كثيراً من تصريح «المسلمانى» الذى يرحب فيه بالإخوان المسلمين ومصالحتهم شرط أن يعترفوا بثورة 30 يونيو، ثم أعقب ذلك لقاء مع بعض شباب الإخوان المنشق فى مقر رئاسة الجمهورية مع «المسلمانى» لوضع إطار لمحاولة احتواء الإخوان أو أى شىء من ريحتهم، نسى «المسلمانى» وحكومته الحكم القضائى الصادر بحل الإخوان ومصادرة أموالهم، نسى وصف حكومته لجماعة الإخوان بالإرهابية التى تعمل على نسف الدولة، ولكن السؤال: لماذا تفعل حكومة «الببلاوى» و«منصور» ذلك الآن؟ لا أظن أن السبب هو طول نفَس الإخوان واستمرارهم بالشارع فى مظاهرات متباينة العدد طوال الفترة الماضية؛ لأن هذا شىء متوقع، قد تبدو إجابة السؤال فى نظرى من منظور تزامن وقت نشر سامى عنان لمذاكرته مع تصريحات «المسلمانى» تزامناً أيضاً مع تحذير المتحدث العسكرى لوسائل الإعلام من نشر مذكرات «عنان» بداعى تهديده للأمن القومى، صحيح قد تبدو الأمور الثلاثة غريبة ولكن تجميعها فى جملة واحدة قد يسمح لنا برؤية ولو غير دقيقة للمشهد السياسى المصرى وتداعياته، خاصة أن ظاهر الأمور تشير إلى ملامح صراع على السلطة فى مصر، صراع بين العسكر أنفسهم بالجناح القديم ويمثله عنان، وآخر بين جيل الشباب منهم، وكل لديه مقوماته ورجاله، خاصة بعد التقارب الواضح بين «عنان» وبعض وسائل إعلام هى محسوبة أصلاً على نظام مبارك، ولكن يظل الإخوان فى المشهد، فهم قوة لا يستهان بها فى الشارع، وهى الأخرى أطماعها فى السلطة لا حدود لها، ولكن هل مغازلة «المسلمانى» لهم إشارة إلى تكوين تحالفات سياسية مثيرة للجدل الفترة القادمة؟ عن نفسى أصبحت أتوقع حدوث أى شىء فى مصر، فالسياسة علمتنى أن يموت أناس من أجل أن يصل الآخر على جسدهم للحكم، وإن مشاهد الفوضى التى تضرب مصر منذ ما يقرب من ثلاث سنوات سببها الأساسى تعارض المصالح بين جميع أطياف نخبة المجتمع المصرى، كل حسب الأجندة التى يعمل لصالحها، سواء كانت داخلية أو خارجية، ولكن أن يستخف «المسلمانى» بعقول المصريين ويرحب بالمصالحة مع جماعة حُظرت فهذا أمر يوضح أن السلطة الحاكمة الآن لمصر تعمل لصالحها هى لا لصالح الوطن، يا سادة الشعب كفر بكم جميعاً بعد أن جعلتم مصر أضحوكة العالم، أنتم تبحثون عن مصالحكم الخاصة، وهذه جريمة لن تُغتفر.
الوطن