هل كشف ”ساندي” عوار أخلاق المصريين ؟

كتبت – نور عبد القادر:
توالت تعليقات المصريين عقب تعرض الولايات المتحدة لإعصار ”ساندي”، ورغم اختلاف ردود الفعل إلا أنها تشابهت لدى الكثير وبالأخص عبر صفحات ”فيس بوك” و”تويتر” ولدى العامة من الشعب؛ فقد رأى بعضهم أن ذلك نتيجة مباشرة لغضب الله بعد أحداث الفيلم المسيء للرسول، والبعض ردد أقوال تعبر عن الشماتة والتشفي في بلاد يرونها بعيدة عن الإسلام وتستحق ما يجرى بها من كوارث.
فلماذا وصل المصريون لتلك المشاعر تجاه شعوب تتعرض لكوارث ولم يروا الجوانب المضيئة للأزمة وإدارتها، سعى ”مصراوي” للوقوف على أبعاد تلك القضية وأسبابها…
في البداية يوضح الدكتور محمد إبراهيم – أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس – أن الإنسان المصري أصبح منشغلاً عن الأمور الدولية بشكل كبير خصوصاً لصعوبة ظروف المعيشة، ولكن حظى الإعصار ”ساندي” على اهتمام المصريين وربطوا بينه وبين عقاب الله بعد أحداث الفيلم المسيء للرسول، واختلط الأمر لديهم ما بين الحساس بالعقاب الإلهي والشماتة والتشفي ولم ينتظروا للأزمة، وأن الأمريكان تغلبوا عليها وحولوا لطاقة خلاقة أبهرت العالم بقوتهم وإدارتهم .
ويكمل: ” اعتقد أن شيوع تلك الأفكار السلبية والبعيدة عن تعاليم الدين هى من قبل الجماعات والتيارات الاسلامية المتطرفة والتي شعرت وكأن أمريكا ستنهار بمثل تلك الكوارث الطبيعة ولا يعنى هذا أن أخلاق المصريين تغيرت وأصبحت تميل للحقد والانتقام ولكن هناك من يسعوا لذلك والدليل زيادة جرائم السرقة والعنف والتحرش الجنسي رغم تواجد التيارات الإسلامية ”
ويوضح أن هذا التفكير يعرف بالمتطرف لأنه يعني غياب الإنسانية وأفكار التسامح والطيبة وله مخاطره على المدى القريب؛ حيث التأثير السلبي في جذور الشخصية المصرية المتسمة بالطيبة والبساطة والتسامح والغفران ليحل محلها صفات الحقد والكراهية والحسد وتمني الأذى للغير .
وتعلل الدكتورة هبة عيسوي – أستاذ الطب النفسي – أن سعي المصريين للتشفي والشماتة من قبل البعض منهم هو إحساس سببه الفراغ الذي يعيشه البعض وتعرف تلك الأحاسيس بالسعادة السادية، مضيفة :” وتأتي هذه الأحاديث نتيجة حدوث مكروه للأخر ولم يكن هو السبب في حدوثه ولكنه سبب له فرحاً، ولعل السبب الرئيسي لذلك هو سوء فهم الدين واقتصاره على رؤية اسم الله في شكل إعصار ”ساندي” ولم يروا أن إعجاز الله أكبر بكثير من أن يكتب اسمه على ورقة شجرة أو إعصار” .
وتكمل ”عيسوي”:” إن السبب الرئيسي لذلك هو أن من يريد نشر أفكاره يلجأ إلى الدين لكونه الوسيلة الأسرع للوصول للأغلبية؛ ولهذا لجأت الجماعات الإسلامية لإقحام الدين والتأكيد أن عقاب الله وراء إعصار ”ساندي” ولم يعلموا أن الكوارث خلقت لنتعلم ونتدبر وليس لنتشفي وننتقم، وللأسف اقتنع الكثير من المصريين بذلك وهو الأمر الذي كشف عوار وسلبيات الشخصية المصرية ونخشي أن يمتد التطرف ليصبح سلوكاَ وليس تفكيراً” .
ويرى الدكتور سعيد المصري – أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس – أن سبب تللك السلبيات الفكرية أن ثقافة الضعفاء قد توغلت لدى المصريين؛ فالشعور بأن أمريكا أصبحت دولة عظمى وأنه من المحال الوصول لتقدمها جعلهم يخلقون تبريرات بأن لهم الجنة وأن شعب أمريكا ”كافر” ولن ينعم بالأخرة وأن السبيل الوحيد للتغلب عليها هو الإرادة الإلهية من خلال الكوارث والمصائب”.
ويعلل ”المصري” أن الإحباط واليأس والإحساس بالفشل من صعوبة الوصول لما وصلت إليه الدول المتقدمة وانتشار الجهل وثقافة التوكل والرضا بالحال لدى الشعوب الفقيرة، قائلاً:” أدى هذا لتوغل ثقافات الحسد وتمنى زوال النعمة من الغير، وهو ما حدث خلال أحداث إعصار ”ساندي”؛ حيث تمنى البعض زوال أمريكا، وأخرون رأوا أن انهيارها دلالة على عقاب الله ولم يتدبروا الإسلام ومعجزاته وتركوا أنفسهم فريسة للجهل والتخلف”.
مصراوى