الأخبار

ليتنى كنت رئيساً لمصر …

35

سالم إبراهيم السبيعي

ساقني الشوق لمصر بعد 15 عاما من الفراق، مصر التي احتضنتي سائحا، وطالبا، ولاجئا، مصر التي استحوذت على أكثر سنوات عمري بعد وطني الكويت، مصر التي نسجت مع ابنائها شبكة من الصداقة لاتزال خيوطها متينة ومتماسكة، زادتها أجهزة التواصل الاجتماعي تحديثا، هي مصر، ولكن ليست كما عهدتها، والتي قيل فيها «اللي بنى مصر كان في الأصل حلواني».

وجدت مصر تئن من الألم، وأبناؤها يحنون ويتحسرون على الماضي، استبشروا بالربيع، لكنهم لم يروا تفتح أزهاره ولم يشعروا بنسيم هوائه، بل شعرت أنا بتوتر أعصابهم، وضيقة في نفوسهم، شعور عم السائح والمقيم، هذا الشعور خطير جدا على الوطن وأبنائه في كل المجالات، فلا بد من انتفاضة عمل فورية ومحسوسة يشعر بها كل إنسان في مصر تعيد الأمل والبسمة الى الوجوه، إن أكبر ما فقده أبناء مصر هو «الهدوء، وراحة البال، والأمان»، هذه العناصر هي التي تجعل الكاتب يكتب، والفنان يبدع، والعالم يبتكر، والأديب يؤلف، وكل عمل يؤدى بمزاج وإتقان، لتعود مصر كما كانت منبع الإبداع والذوق الرفيع.

اكتشفت أن سبب نقص الهدوء، وراحة البال هو «السيارات» التي كانت نعمة فأصبحت نقمة، صوتها يزعج، ومكانها يزحم، لقد كتمت أنفاس البشر، من عوادمها «وكلاكساتها» ومزاحمتها للمشاة، وضياع ساعات العمر في زحمتها، إنها كالخميرة في العجينة تنتفخ فتملأ المكان.

أنا لا تعنيني السياسة ولا اهتم بتفاصيلها، أنا أنظر لأم الدنيا وانتظر منها، كما عودتنا كل يوم، ميلاد اختراع علمي، إبداع أدبي وفني وإنجاز رياضي، لم ولن يقبل أي عذر يظلم مصر الأرض والماء والوجه الحسن.

لو كنت رئيسا لمصر لقمت فورا بحصر جميع الأراضي الفضاء والفلل في القاهرة الكبرى واستدعيت ملاكها لأطرح عليهم مشاركة الحكومة أو البنوك (خصوصا الإسلامية في العالم، ألا يرغبون بدعم الرئاسة الإسلامية؟) في بناء مواقف للسيارات متعددة الأدوار (مع بعض المحلات وسكن لمالك الأرض) بنظام «B.O.T» وإقناعهم قولا وعملا بجدواها الاقتصادية الكبيرة، وانها افضل من الشقق حيث هي اقل تكلفة وأكثر إيرادا وأسرع إنجازا (لا حمامات ولا مطابخ ولا غرف)، الشقة الواحدة تحل مشكلة اسرة واحدة بينما تلك الشقة تحتضن عشر سيارات فتحل مشكلة عشر عائلات بل حي كامل عدا آلاف المشاة والمطافئ والإسعاف والنجدة، إنه عمل وطني، حيث سيتسع الشارع ويعطي كامل طاقته بعد ان كان مختنقا عن يمين وشمال بصفين من السيارات المتوقفة، كذلك تستخدم المواقف كسرادق للمناسبات بدل غلق الشارع، بالإضافة إلى الحد من التكدس البشري في بقعة صغيرة من خلال بناء الأبراج السكنية.

هذا الاقتراح يحتاج إلى قرار سريع وحازم وتنفيذ فوري ودقيق ليشعر المواطن بفوائده الاصلية والثانوية خلال سنة قبل انتهاء المدة الرئاسية.

هذا المشروع لا يكلف ميزانية الدولة أنه استثماري وليس استهلاكيا، ولا يمس الطبقة الكادحة، بل يخلق فرص عمل، وحتى يكتمل نجاحه يشترط على مالك السيارة عند تجديد رخصتها في المرور شهادة اشتراك سنوي من أقرب مواقف لسكنه حتى يلتزم باستخدامه، عندها يزاح عن المواطن هم التفكير«هل يجد موقفا عند بيته أو عمله أو زياراته؟» مادامت تلك المواقف موزعة بحكمة في البلاد.

هذا الاقتراح لو نفذ كما يجب، في أقرب وقت، سيكون علامة للعهد الجديد، كما كانت المدن الجديدة وقطارات الأنفاق وجامعات الأقاليم علامة لعهود سابقة، يذكرها التاريخ بأبطالها وصناعها.

نسأل الله أن يلطف بمصر وأهلها ويرزقهم الهدوء والأمان وراحة البال.

 

الأنباء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى