“التوازن”.. الموقف الأميركي من عزل مرسي

اعتمد موقف الولايات المتحدة الأميركية إزاء قرار القوات المسلحة المصرية بعزل الرئيس محمد مرسيعلى مبدأ التوازن بما يضمن مصالحها من جهة ويحقق انتقالا ديمقراطيا وضمانا لحقوق الإنسان من جهة ثانية.
ويظهر هذا الموقف واضحا في البيان المكتوب الذي أصدره البيت الأبيض عقب ساعات من خطوة الجيش المصري بعزل مرسي وتعطيل الدستور وتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا مؤقتا.
فبينما انتقدت إدارة الرئيس باراك أوباما إطاحة الجيش بمرسي وعبرت عن قلقها لهذه الخطوة إلا أنها تجنبت وصفها بالانقلاب.
ويفسر مراقبون الموقف الأميركي بأنه محاولة لكي تتفادى الإدارة الأميركية قانونا يلزمها بتعليق المساعدات المقدمة للجيش المصري والبالغة 1.3 مليارات دولار سنويا.
ورغم ذلك، ترك أوباما في بيانه هامشا للمناورة، ووجه الوزارات والوكالات الحكومية الأميركية المعنية بمراجعة التداعيات بموجب القانون الأميركي فيما يتعلق بمساعدات أميركا لمصر.
وفي الوقت الذي شدد فيه الرئيس الأميركي على أن بلاده ملتزمة بدعم العملية الديمقراطية واحترام سيادة القانون، عبر عن قلقه العميق تجاه قرار القوات المسلحة المصرية عزل الرئيس مرسي وتعليق العمل بالدستور المصري.
وطالب المؤسسة العسكرية المصرية بأن تتصرف على وجه السرعة وبمسؤولية لإعادة كامل السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة ديمقراطيا في أقرب فرصة ممكنة. كما حثها على تفادي أية اعتقالات اعتباطية للرئيس مرسي وأنصاره.
ماندافيل: أميركا لم تصف ما وقع بأنه انقلاب رغم أن ما حدث هو انقلاب فعلا (الجزيرة نت) |
وفي قراءته للموقف الأميركي، يرى المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية بيتر ماندافيل في حديثه للجزيرة نت أن واشنطن توجد في موقف صعب، فبينما تشدد باستمرار على دعمها للعملية الديمقراطية بمصر، من المؤكد -يضيف المسؤول- أن الطريقة التي أطيح بها مرسي من “السلطة غير ديمقراطية”.
ويرى ماندافيل -وهو مدير مركز علي فورال للدراسات بجامعة جورج ميسون- أن أميركا لم يصل بها الحد إلى “وصف ما وقع بأنه انقلاب لأن ذلك قد يكون له تداعيات للأسوأ، رغم أن ما حدث هو انقلاب فعلا”.
وعن العلاقة التي تربط الإدارة الأميركية مع الجيش المصري، يضيف ماندافيل أن بلاده تدرك وتثق بأن الجيش هو القوة النافذة في مصر ولا يمكنها أن تخسر علاقتها به، ولكنه توقع أن تستخدم واشنطن كل ما لديها من نفوذ على جنرالات الجيش بمصر من أجل حثهم على التحرك لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في أسرع وقت ممكن.
أوضاع معقدة
كما توقع أن تطرح أميركا مجددا مسألة المساعدات المالية للجيش المصري على الطاولة بغية الضغط على المؤسسة العسكرية لتحقيق تقدم سريع بشأن إعادة السلطة لحكم مدني في مصر.
من جهته، يتفق خبير إدارة الصراع في معهد السلام الأميركي دانيال برومبرغ في حديثه للجزيرة نت أن حكومة أوباما توجد في موقف صعب، فهي إن تبنت تصرف الجيش فسيكون ذلك دعما للإجراءات التي من شأنها أن تعرقل مسار مصر نحو التحول الديمقراطي الحقيقي.
وقال برومبرغ -وهو أيضا أستاذ دراسات الديمقراطية والحكم بجامعة جورج تاون- إن الموقف الأميركي يحاول تحقيق التوازن بين العديد من المبادئ والاعتبارات العملية، ولذا فإن التصريحات الأميركية لها فترة من الصلاحية بما يتناسب مع تطورات الأوضاع.
وأوضح أن هناك انقساما دخل مستشاري الإدارة الأميركية، وأنه ليس من السهل الخروج بموقف متماسك ومتسق بطريقة أو بأخرى، لأن الأوضاع في مصر معقدة للغاية ومتطورة، لافتا إلى أنه أيا كان الموقف الذي تتبناه الإدارة الأميركية فسوف يثير غضب بعض الجماعات والأطراف.
دبرومبرغ: التصريحات الأميركية لها فترة من الصلاحية بحسب تطورات الأوضاع (الجزيرة نت) |
الرئيس المنتخب
وأشار إلى أنه في أي مرحلة انتقالية، تستطيع المعارضة أن تسقط الزعيم المنتخب -مهما كان أداؤه- متسائلا “ما الذي سيمنع المعارضة بالمستقبل من أن تتبنى نفس المبدأ”.
ولفت إلى أن النقطة الأخيرة “الخطر الذي كانت تدركه إدارة البيت الأبيض” بالتزامن مع إدراكها للمخاوف من “التحرك الكبير للمتظاهرين في التحرير وأماكن أخرى”.
في سياق متصل، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب إد رويس في بيان صحفي إن مرسي كان عقبة أمام تحقيق الديمقراطية الدستورية التي ينشدها معظم المصريين. وعبر عن أمله بأن يفتح رحيل مرسي الطريق إلى مستقبل أفضل في مصر.
من جهته، أكد زعيم الأغلبية في مجلس النواب إيريك كانتور أن استقرار مصر مهم جدا للأمن القومي، لافتا إلى أن الشعب المصري أعطى كلمة واضحة بأن حكومة الرئيس مرسي هددت الديمقراطية التعددية التي طالب بها المصريون منذ عامين.
وقال إن الديمقراطية هي أكثر من مجرد انتخابات، ومن المهم أن يستمع قادة مصر إلى شعوبهم وينبغي أن تحترم الدعوات للقيام بعملية ديمقراطية شفافة وتعددية. كما دعا مرسي وحلفاؤه إلى وضع مصالح سكان مصر فوق مصلحته ومصلحة جماعة الإخوان المسلمين.