الأخبار

«مرعى»: لن أنسى تفاصيل المذبحة

41

 

 

كلما ينظر محمد مرعى، موظف الأمن بهيئة الآثار، إلى ذراعه اليسرى المقطوعة، يتذكر تفاصيل المذبحة البشعة التى ارتكبها أعضاء الجماعة الإسلامية فى الدير البحرى، تفاصيل المشهد المروع لا تبرح ذاكرته، كلما يتحسس جسده الذى أصيب بـ6 طلقات رصاص، يرفع يديه إلى السماء داعيا «حسبى الله ونعم الوكيل».

يقول «مرعى»: مذبحة الأقصر تركت أثرا نفسيا وجسديا لن تمحوه الأيام، عقب الحادث وإصابتى كان الموت يطاردنى كل ليلة، كنت أجلس مع زميلى «شحات» بجوار البوابة، وسمعنا حوار زملائنا مع شابين، وعندما اقتربنا منهم فتحوا النيران علينا بشكل عشوائى، ومات زميلنا مهنى أمامنا، وعندما أطلقوا النيران احتضننى زميلى شحات الذى اخترقت الرصاصات جسده، ومات عقب وصوله المستشفى، واخترقت الطلقات ذراعى اليسرى التى قطعت بسبب الإصابة كما أصبت بست طلقات أخرى.

وأضاف: ما زلت أتذكر زميلى شحات أثناء إطلاق الرصاص عليه، وهو يصرخ بصوت عال مع كل رصاصة، وينادى على أطفاله الصغار، وقتها ظللت أكرر الشهادة نحو 15 مرة، إلا أن «حلاوة الروح» جعلتنى أنزل مع زميلى سيد داخل مقبرة «سنموت»، فى هذه الأثناء شاهدت المسلحين القتلة الذين كان من الواضح أنهم مدربون تدريبا متقنا، قفز أحدهم من الدور الثانى للمعبد، وهو يضرب بالسلاح، كما شاهدت كيف قتل مسلح منهم من مسافة بعيدة سائحا يابانيا أراد السيطرة على زميله المسلح.

وقال: انتهى القتلة من مهمتهم فى وقت قصير وغادروا المكان فى أتوبيس سياحى، وجاء أحد الأشخاص من الأهالى، وربط ذراعى بقطعة قماش ليمنع النزيف، وحضرت أسرتى عقب الحادث، ونقلت إلى المستشفى لأعيش مع رحلة علاج طويلة استغرقت عامين تقريبا بترت خلالها ذراعى اليسرى، وإصبعان فى يدى اليمنى، وأصبت بالضغط، والسكر، واضطررت لبيع كل ما أملك، من أجل العلاج، وأتذكر أننى فى رحلة العلاج الأخيرة باعت زوجتى «حلقها».

وأشار «مرعى» إلى أنه قدم عشرات الشكاوى طلبا للتعويض، ورفع دعوى قضائية فى حينها إلا أنه خسرها، وتحمل نفقات القضية، وقال: «عقب الثورة شعرت أن الأمور تغيرت، والظلم ولّى فتقدمت بملف من 9 ورقات لمسئولى الحرية والعدالة ليفتحوا القضية مرة أخرى، ويعيدوا حقوقنا المنهوبة، إلا أن ذلك لم يحدث، ولم يتحرك أحد برغم تقديمى الملف لهم منذ 9 أشهر، وأرفض المحافظ الجديد للأقصر الذى ينتمى للجماعة التى ارتكبت الحادث، ونحن لنا ثأر عند هذه الجماعة لا بد أن نأخذه».

ويطالب «مرعى» المسئولين فى الآثار بالنظر إلى حالته بعين العطف، ويقول «برغم إصابتى، وقطع ذراعى ما زلت أعمل حارسا فى المناطق الأثرية».

ورغم كل ما تعرض له فإن الرحمة ما زال لها مكان فى قلب «مرعى» ويقول: «سامحت القتلة الذين أصابونى لأنهم كانوا صغار السن، ولم يكونوا يعقلون ما يفعلون، إلا أننى لم أسامح من دبر العملية، ومن موّلها، وملأ أذهان هؤلاء الشباب بهذه الأفكار، ولن أسامح مسئولى الآثار الذين لم يهتموا بحالتى، وأهدروا حقوقى».

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى