الأخبار

الحكومة.. تضطهد قطاع «الاتصالات

42

مع مضى عام على حكم جماعة الإخوان المسلمين بقيادة الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، استحوذ قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على نصيب كبير من القرارات السياسية والاقتصادية سواء تلك التى تم تنفيذها بالفعل أو التى ما زالت مجرد مشروعات، بداية من حجب المواقع الإباحية على شبكة الانترنت بتكلفة مبدئية تصل إلى 100 مليون جنيه، مروراً بضريبة الدمغة على خدمات الاتصالات والانترنت، وصولاً إلى طرح رخصة الاتصالات الموحدة، فى محاولة لتمويل خزينة الدولة دون دراسات مدققة لقدرة السوق على استيعابها.

أجمع مسئولو وخبراء القطاع على أن التطورات المتلاحقة التى شهدها الاقتصاد الوطنى خلال المرحلة الماضية أثرت بالسلب على «الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات» بما أدى إلى تباطؤ معدلات النمو لتتراوح بين 3 % و4 %، مقارنة بـ9 % فى الأعوام السابقة.

وتأتى على رأس هذه التطورات أزمة نقص إمدادات السولار، وارتفاع سعر العملات الأجنبية فى مواجهة الجنيه، والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائى، وانخفاض اعداد السائحين، وزيادة أسعار الأراضى الحكومية.

ورغم طرح خدمات قيمة مضافة جديدة داخل السوق المحلية مؤخراً مثل الموبايل بانكينج، والتتبع الآلى للمركبات «AVL »، فإنهم يعقدون آمالا كبيرة بشأنها فى إحداث نمو ملحوظ، نظرا لحداثة الطرح فى الوقت الذى لم تحصل فيه، بعد شركات المحمول على ما تبقى من ترددات الجيل الثالث أو تفعيل خدمات الجيل الرابع التى تؤهلها للتوسع فى خدمات نقل البيانات التى مازالت تستطيع تمويل النمو بالقطاع بعد ارتفاع معدلات التشبع لخدمات الاتصالات التقليدية.

ويرى البعض، أن تفعيل خدمات جديدة بالقطاع لن يمثل إنجازا أو مشروعا قوميا لمصر، فى الوقت الذى تسببت فيه الظروف السياسية بتهجير الكفاءات والعقول الجادة العاملة بالقطاع، وعجز الحكومة عن الوفاء بمديونياتها للشركات، وهروب المستثمرين الأجانب، مشيرين إلى أن الانكماش الملحوظ طال قطاعات واعدة مثل خدمات الكول سنتر، والتعهيد بصفة عامة والتى كانت خلال مراحل سابقة فرس الرهان لنمو الاتصالات.

ويرى هانى محمود، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق – اول وزير اتصالات بحكومة الاخوان- أن القطاع لم يستنزف بعد، وأن الظروف السياسية فى البلاد حالت دون سرعة نموه، مشيراً إلى أنه رغم تزايد الحديث عن «الأخونة»، لكن القطاع لازال مستقلاً بقراراته عن أى أهداف سياسية – وفق قوله -، بفضل الكفاءات والعقول الجادة العاملة فيه، كما أنه استطاع تحقيق نمو نسبته 7.5 % رغم توتر الأوضاع الاقتصادية والسياسية فى البلاد.

وقال إن تفعيل مجموعة كبيرة من الخدمات مثل تحويل الأموال عبر المحمول والتتبع الآلى للمركبات، وطرح الرخصة الموحدة وحل مشكلات الطيف الترددى وغيرها تعتبر بمثابة انطلاقة جديدة للقطاع، وقد كانت جميعها قرارات معطلة منذ سنوات.

واعتبر محمود أن هروب الاستثمارات الأجنبية للخارج أبرز التداعيات السلبية لفترة حكم الإخوان، رغم أن السوق المحلية كانت مؤهلة لاستقبال استثمارات هائلة، خاصة فى مجالى التعهيد ونظم استرجاع البيانات، لافتاً إلى أن القطاع عانى خلال الفترة الماضية بسبب أزمات متعددة مثل انقطاع الكهرباء ونقص السولار والانفلات الأمنى، علاوة سرقة الكابلات ومحطات المحمول، بما أثر سلباً على شركات المحمول والخدمات المقدمة للمواطنين.

وفى سياق متصل أكد مدحت خليل، رئيس شركة راية القابضة أن القطاع متوقف تماماً، نتيجة هروب ما يزيد على 50 % من كفاءات القوى العاملة به خلال العامين الماضيين، علاوة على هروب الاستثمارات الأجنبية إلى دول أخرى.

واعتبر خليل الأزمات الحالية من نقص السولار والانفلات الأمنى وانقطاع الكهرباء وسرقة الكابلات وغيرها بمثابة «خراب» على القطاع – على حد قوله -، موضحاً أن حكومة الإخوان مسئولة عن حل هذه المشكلات، خاصة عندما يباع السولار بالسوق السوداء، ولايستطيع المواطن الوصل إليه، وهنا لابد أن يسأل الإخوان..أين السولار؟!.

وقال إن كل الخدمات التى تم اطلاقها مؤخراً بالقطاع لا تعد انجازات أو مشروعات قومية، بل على العكس هى إهدار لثرواته، مشيراً إلى أن مشروع المنطقة التكنولوجية بالمعادى ذو بنية تحتية ضعيفة واجراءاتة بطيئة جداً، وأن التابلت اللوحى «إينار» لا يحقق فائدة لمصر طالما لاتقوم فيه بالتصنيع، كما أن تفعيل خدمات الموبايل بانكينج أو التتبع ليست طفرة جديدة.

وأضاف أن %75 من المسيحيين العاملين بالقطاع هاجروا لبلاد أوروبية بسبب الظروف السياسية الحالية، فضلاً عن توقف مشروعات القطاع الحكومية والخاصة، وعدم قدرة الحكومة على الوفاء بمديونياتها للشركات، لافتاً إلى أن شركته لديها مؤشرات أكثر تفاؤلاً بين شركات القطاع، ومع ذلك فهناك تأثر كبير فى حجم الأعمال، حيث تراجع إلى 30 % على الاتصالات، وأكثر من 60 % على تكنولوجيا المعلومات.

وأوضح أن خدمات الكول سنتر لم تحقق نمواً يذكر خلال العام الماضى، وتراجعت بنسبة 10 % خلال العام الحالى، متوقعاً أن تستمر فى الانكماش حتى نسبة تتراوح بين 20 و%40، بعد أحداث 30 يونيو، علماً بأن هذه الخدمات كانت مسبقاً تنمو بنسبة 30 % سنوياً.

ويرى خالد حجازى، رئيس العلاقات الخارجية والحكومية بشركة «فودافون – مصر»، أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لم يشهد أى قرارات إيجابية خلال العام الماضى، وأن جميع التطورات التى حدثت والقرارات التى اتخذت كانت سلبية، لافتاً إلى أن أزمة السولار وانقطاع الكهرباء وارتفاع أسعار الاراضى والكهرباء، علاوة على انخفاض أعداد السياح والانكماش الاقتصادى أدى إلى تباطؤ حركة نمو القطاع.

وأشار إلى أن شركته حاولت خلال هذا العام تلافى الاثار السلبية ومحاولة البحث عن طرق اخرى جديدة للتغلب على الخسائر ومواصلة نمو الاعمال لا سيما الأرباح.

وعن الخدمات الجديدة التى تم إطلاقها مؤخراً مثل الموبايل بانكنج والتتبع الآلى للمركبات، أوضح رئيس العلاقات الخارجية والحكومية بشركة «فودافون – مصر» أنه لا يمكن وضع توقعات ايجابية لها خلال المرحلة المقبلة، نظراً لطرحها منذ أيام قليلة داخل السوق المحلية، متمنياً أن تساعد فى نمو القطاع.

وقال محمد عيد، المدير الاستشارى لمكتب اتصالات زين الكويتية بالقاهرة، إن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عانى من غياب استراتيجية واضحة ومحددة المعالم خلال العام الماضى، مؤكداً أن قرارات القيادة السياسية بشأن تنميته اتسمت بالعشوائية وافتقاد آليات التنفيذ.

ووصف عيد حقبة تولى الإخوان المسلمين حكم البلاد بمرحلة اللاقرار فى مختلف القطاعات الاقتصادية بالدولة، مشيراً إلى أن تعاقب الوزارات أدى إلى تأخر تنفيذ عدد من المشروعات الحيوية أبرزها طرح رخصة تكنولوجيا الجيل الرابع أو الـ «LTE »، بالإضافة إلى عدم وجود صناعة «هاردوير» محلية قوية.

ولفت عيد إلى أن قطاع الـ«ICT » مر بأزمات متلاحقة فى الفترة الماضية، أخطرها غياب قانون موحد للاتصالات يضمن استمرارية الخدمة المقدمة للعميل فى ظل اضطراب الأوضاع السياسية والاقتصادية للبلاد، علاوة على انخفاض جودة خدماتها بسبب نقص إمدادات السولار، والانقطاع المستمر للتيار الكهربائى.

وقال إن شركات الاتصالات تعانى حالياً عجزاً شديداً فى تقديم باقات مميزة للمستهلك ترضى رغباته الشخصية بسبب حالة الانفلات الأمنى التى يشهدها الشارع المصرى، وما تؤول إليه من سرقة للكابلات ومعدات الشبكات، لافتاً إلى أن لبنان قامت مؤخراً بإعداد قائمة بأسماء أبرز القطاعات الأكثر احتياجا للوقود ومن بينها قطاع الاتصالات، كما أكدت على الالتزام بتوفيره مهما كانت ظروف البلاد.

وأضاف عيد أن فرض ضريبة جديدة على خدمات الاتصالات كان تصورا خاطئا لم يراع الظروف الاجتماعى للمواطنين، وأن قرار حجب المواقع الأباحية مجرد ذريعة فاشلة للتنصت على استخدام الشباب لمواقع التواصل الاجتماعى كما هى الحال فى كوريا الشمالية.

ويرى عيد أن طرح الرخصة المتكاملة يهدف إلى تكريس مبدأ احتكار الخدمة بين مشغلى الشبكات اللاسلكية والسلكية، وأن الرخصة افتقدت إلى صدور ضوابط قانونية وتشريعية تنظم عملها حتى الآن، مؤكدا ضرورة وجود استراتيجية قومية لإدارة القطاع خلال المرحلة المقبلة لإضافة رصيد إضافى للدخل القومى تتراوح نسبته بين 2 % و3 %.

من جانبه، قال مصطفى الزواوى، مدير قسم السوفت سويتش بالشركة المصرية للاتصالات إلى إن قطاع الاتصالات لم يضف جديدا للخزانة العامة للدولة طيلة المرحلة السابقة نتيجة غياب الرؤية، بالإضافة إلى أن فرض ضريبة للمحمول أدى إلى ارتفاع أسعار المكالمات، وزيادة الأعباء على المواطنين، مشيراً إلى أن السوق المحلية شهدت تراجعاً ملحوظاً فى مستويات جودة خدمات الاتصالات، نتيجة عدم مواكبة التطورات الحديثة مثل تكنولوجيا الجيلين الرابع والخامس كما الحال بالنسبة لأوروبا.

وأضاف أن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لا تمتلك خطة لتصدير خدمات القطاع للخارج، بعكس إسرائيل والتى تحقق عوائد سنوية من الصادرات تبلغ حوالى 7 مليارات دولار، فيما تصل بالنسبة للهند إلى 20 مليار دولار، علاوة على أن العملاء واجهوا مؤخراً ارتفاعاً ملموساً فى أسعار خدمات الانترنت بدليل وصول سعر باقة الـ «512» ميجابايت إلى 90 جنيهاً، مقارنة بأسعار أقل فى العديد من الدول المجاورة داخل منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط.

وأوضح الزواوى أن حادث انقطاع الكابل البحرى «TE -NORTH » أثر بالسلب على قرار الشركات الأجنبية اقتحام السوق المصرية خلال المرحلة الماضية، مبيناً أن سياسة عمل وزارة الاتصالات ارتكزت على مبدأ «استراتيجية رد الفعل» بعد اندلاع حدث بعينه دون دراسة تأثيراته المستقبلية.

وفى سياق متصل، اعتبر عبد العزيز بسيونى مدير قطاع تطوير الأعمال بشركة تلى تك لخدمات الاتصالات أن قطاع الـ «ICT » الأقل تأثرا بالظروف السياسية خلال المرحلة الماضية مقارنة بباقى القطاعات الاقتصادية الأخرى، مؤكدا أن وزارة الاتصالات ظلت صامدة فى مواجهة سياسات الأخوان المسلمين.

وقال بسيونى إن نقص إمدادات السولار وغياب الأمن ساهما فى تقليص هوامش ربحية مشغلى شبكات الاتصالات، بالإضافة إلى انخفاض معدلات نمو القطاع بما يتراوح بين 3 % و4 % مقارنة بـ9 % قبل اندلاع ثورة 25 يناير 2011.

وأضاف أن المناطق الحدودية، مثل الساحل الشمالى الغربى وسيناء والوادى الجديد والبحر الأحمر، غابت عن خريطة تنمية القطاع، رغم كونها مناطق استراتيجية حساسة تمس الأمن القومى للبلاد، مقترحا تدشين خدمة جديدة هناك تعرف باسم الـ«LIMITED MOBILITY » بحيث تتم محاسبة مستخدمى الهاتف الثابت والمحمولة بتعريفة موحدة.

ويرى بسيونى أن الوزارة نجحت فى تدشين الخط الأول لصناعة الالكترونيات محليا عبر توفير حاسب لوحى لكل طالب، مبينا أن قطاع الاتصالات ليس بحاجة إلى وزارة تضع استراتيجيات عامة أكثر من وجود جهة رقابية عليا فقط مثل المفوضية العليا لتنظيم الاتصالات «FTCC » بأمريكا.

المال

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى