رحلات «مرسى» الخارجية.. مادة ثرية

45

بلغ عدد رحلات الرئيس مرسى للخارج فى عام واحد ما يزيد على 18رحلة إلى العديد من الدول فى مختلف قارات العالم «باستثناء قارة استراليا»، ورغم ذلك لم تفلح زيارة واحدة منها فى تحسين العلاقات المصرية مع تلك الدول، أو فتح أفق جديدة للاستثمار بين تلك الدول ومصر، بل إن الغالبية العظمى من تلك الدول لم تعر زيارة الدكتور مرسى اهتماما يذكر، حيث تحول المشهد إلى فاصل كوميدى متصل سواء كان ذلك فى خطابات مرسى فى الخارج، والتى كان ابرزها مقولته التاريخية: «gas and alcohol don ’t mix »، إضافة إلى الكثير من الاخطاء التى تحولت إلى مادة ثرية لبرامج الكوميديا، ولم يتوقف الامر عند الكوميديا السوداء التى وصلت إلى حد استقبال عمدة مدينة لرئيس مصر فى المطار، بل تضمنت هذه الرحلات الكثير من الكوارث والتى كان من بينها تصريحات الرئيس فى الخرطوم بأنه لا يمانع فى منح السودان حلايب وشلاتين، وإعلان إثيوبيا عن البدء فى بناء سد النهضة فى اليوم التالى مباشرة لزيارة مرسى إديس أبابا!

وتعليقاً على تلك الرحلات المكوكية، يقول المحلل السياسى الدكتور حسن نافعة، إن رحلات الدكتور مرسى تعكس الطريقة التى تدار بها الدولة فى الفترة الراهنة، لاسيما أنها رحلات غير مخطط لها، وأوضح نافعة أن سفريات الرئيس وعلاقة مصر الدولية خلال تلك الفترة تعانى من اضطرابات واضحة، ولعل ما يحدث فى منطقة افريقيا خير دليل على ذلك، إضافة إلى التصريحات المتناثرة من الأهل والعشيرة ضد العديد من الدول مثل الإمارات التى تلوح بطرد العمالة المصرية بعد تصريحات الدكتور عصام العريان، نائب «الشورى» المعين من الرئيس، وغيرها العديد من الدول، فى الوقت نفسه الذى يسعى الدكتور مرسى إلى التواؤم مع الادارة الامريكية والاسرائيلية واعتبارهما الأصدقاء الاقرب له فى المنطقة، مدللا على ذلك بخطاب مرسى الذى ارسله إلى بيريز يصفه فيه بالصديق الوفى.

أما السفير ناجى الغطريفى، الخبير فى الشئون الدولية، عضو الأمانة المركزية لحزب غد الثورة، فأشار الى أن حصيلة رحلات مرسى إلى الخارج يمكن اعتبارها صفرا كبيرا، مدللا على ذلك باستمرار تهديد العمالة المصرية، معتبرا أن الاوضاع فى مصر الآن وغياب الاستقرار وتأخر التنمية.. من العوامل المهمة لتحديد المعاملة التى يلقاها المصريون فى الخارج .

وأوضح الغطريفى أن أسلوب تعاملات الرئيس وصفاته والانطباع الذى تأخذه الدول عنه تعد من اهم العوامل التى تؤثر على العمالة المصرية فى الخارج، فالرئيس جمال عبدالناصر فرضت شخصيته القوية ودوره فى تجميع الشعوب العربية واعجابهم به نوعاً من التعامل المحترم والتقدير لكل مصرى خارج بلاده، سواء كان يعمل فى دول عربية أو أجنبية، بل كان ذلك أحد عوامل استقدام المصريين لهذه الدول، وكان لها انعكاسها على ثقة المصريين فى انفسهم وسمعتهم فى الخارج، وحتى فى فترة حكم الرئيس السادات وخطواته الجريئة للنهوض بالشعب والتى زادت من شعبيته واحترام الدول له حتى المختلفين معه، ما حافظ على كرامة وثقل العقول والكوادر والعمالة المصرية فى الوقت نفسه، الا اننا فى الوقت الحالى نرى أن علاقات مصر الخارجية ليست لها ملامح واضحة، مما يؤدى إلى الاستهانة بالمواطن المصرى فى الخارج، وتعرضه إلى التعذيب فى بعض الدول الشقيقة فضلاً عن المعاملة الظالمة.

ولفت الغطريفى إلى أن كل تلك الأمور سببها أخطاء فادحة فى السياسة الخارجية المصرية بما يتطلب معها تعديل فورى وضرورى والالتفات إلى تطوير وتغيير لغة الحوار فى علاقاتنا الخارجية باعتزاز ومصداقية، حيث إن الرأى السياسى المصرى الخارجى يفتقر إلى وجود المصداقية ويقابل ببرود وليس بحفاوة، مما لا يشجع الدول على ضخ استثماراتها لدينا، ولابد أن ننتقل من مرحلة الشعارات إلى مرحلة الكلام الجاد.

المال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى