بعد مرور عامين على وفاته ..من قتله؟؟؟

كانت الساعة السادسة مساءاً من يوم 29 يناير 2011 عندما علم اللواء محمد البطران، أن هناك تمرداً في سجن ”القطا” بالفيوم، فتوجه إلي هناك لإنهاء هذا التمرد، وفي الطريق تلقى اتصالاً هاتفياً من أحد قيادات وزارة الداخلية نصحه بعدم الذهاب والتوجه مباشرة إلي منزله، إلا انه أصر علي الذهاب إلي السجن قبل أن يتفاقم الأمر، مما قد يؤدي إلي هروب السجناء.
وعندما ذهب إلى السجن، وجد أن السجناء في حالة هياج شديد، ازدادت بعدما قتل أحد الضباط سجين حاول الهرب، فأحال الضابط للتحقيق وأصدر أوامره بمنع إطلاق الرصاص على السجناء، ثم تحدث إليهم بهدوء واستطاع تهدئتهم والسيطرة على تمردهم.. وبعدها سقط اللواء البطران قتيلاً!
الرواية السابقة هى رواية أسرة اللواء محمد البطران، والمقربين منها في تحقيقات النيابة التي أجريت بشان الواقعة، وفي تقارير تقصي الحقائق التي أجرت بشان أحداث فتح السجون.
من قتل اللواء محمد البطران؟.. سؤال مازال يتردد في أذهان الكثيرين بعد الثورة وحتى الآن، فقضية مقتل اللواء محمد عباس حمزة البطران رئيس مباحث قطاع السجون الأسبق يكتنفها الغموض ربما لارتباطها بقضية فتح السجون والتي مازال الفاعل فيها مجهول.
”الفاعل مجهول”
عقب وفاة ”البطران” مباشرة أصدرت وزارة الداخلية بياناً أكدت فيه أن اللواء محمد البطران توفي في سجن الفيوم بعدما حاول عدد من المساجين إطلاق الرصاص عليه خلال محاولتهم الهرب من السجن.
أما أسرة ”البطران” فلم تقتنع بهذا الأمر وتقدمت ببلاغ رسمي إلي النيابة العامة تتهم فيه اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق و2 من ضباط الداخلية وهما المقدم جهاد حلاوة ومفتش السجن عصام البسراطي الذين كانوا متواجدين داخل سجن ”القطا” عندما قتل ”البطران”.
وذكرت الأسرة في التحقيقات أن اللواء محمد البطران توفى متأثراً بجراحه إثر إصابته بطلقتين ناريتين في الصدر وكان مصدر الرصاص برج المراقبة أعلى سجن القطا، وذلك بعدما قضى علي التمرد داخل السجن ومنع هروب السجناء.
ومن جهتها، أرجأت النيابة العامة فتح التحقيق في البلاغ المقدم إليها بشأن الواقعة بدعوى أن الحالة الآمنية داخل سجن القطا لا تسمح بمعاينته، ولكنها في الوقت نفسه استدعت الضابطين المتهمين في بلاغ أسرة اللواء الراحل كشاهدين في القضية وطالبت وزارة الداخلية بإجراء تحرياتها عن الحادث.
استعانت النيابة العامة بوزارة الداخلية لإجراء تحريات في القضية أزعج أسرة اللواء البطران، مما دفعهم إلي التقدم ببلاغ لاستبعاد وزارة الداخلية من التحريات لكونها طرفاً في القضية، وباشرت التيابة التحقيقات برئاسة المستشار ماجد المراغي قاضي التحقيقات المنتدب من وزارة العدل، وانتهت إلي إغلاق ملف القضية وتأييدها ”ضد مجهول”.
”اتهامات للداخلية”
أسرة اللواء البطران لديها قناعة تامة بأن من قتل اللواء الراحل هم قيادات وزارة الداخلية، وبعد قرار النيابة بإغلاق التحقيقات في القضية خرجت الدكتور منال البطران شقيقة اللواء محمد البطران في أكتوبر 2011 علي شاشات التليفزيون لتأكد اتهامها لوزير الداخلية الأسبق والضابطين بقتل شقيقها، وكشفت عن إعمال تجديد وإصلاح للسجن ونقل لمجموعة من المساجين إلي سجون أخري بدأت بالتزامن مع بدء التحقيقات في القضية.
وأضافت شقيقة البطران في تصريحاتها التليفزيونية أن أعمال تجديد وتجميل السجن كانت بهدف طمس كل الأدلة المادية التي تثبت وقوع أى جريمة قتل أو آثار لضرب الرصاص أو دماء أو بصمات، وهو ما آدي إلي اتخاذ النيابة قرارها بحفظ التحقيقات في القضية وتأييد ”ضد مجهول” لعدم توفر الأدلة.
وذكرت أنها تلقت تهديدات باختطاف أبنائها إذا لم تتراجع عن موقفها، كما أكدت أن مجهولين عرضوا عليها مبالغ مالية ضخمة من أجل التنازل عن القضية، كما أكدت أنه تم حرق مركز المعلومات الموجود فى مكتب اللواء البطران برمسيس، بعد أن تقدموا للنائب العام بأسماء المساجين الشهود على الحادث لعدم الاستدلال على أية معلومات عن المساجين الواردة أسماؤهم فى التحقيقات.
واستند محامي أسرة ”البطران” إلي أن تقرير الطب الشرعي أكد أن اللواء محمد البطران قتل من مسافة بعيدة واتجاه الطلقة النارية من أعلى إلى أسفل بسلاح من النوع المفرد وليس سلاحا آلياً أو الخرطوش الذى تستخدمه قوات الأمن أثناء فض الشغب، ما يعني أن هناك تعمد لقتله من ضباط السجن.
وبعد هذه التصريحات تقدمت الأسرة ببلاغ أخر للطعن على قرار حفظ التحقيقات وبالفعل قبل الطعن وأمر النائب العام بإعادة فتح التحقيقات في القضية وسماع أقوال جميع الشهود فيها، وهى القضية التي مازالت منظورة أمام محكمة جنوب الجيزة حتي الآن.
ورغم إعادة فتح ملف القضية إلا أن الشبهات مازالت تحيط بوزارة الداخلية وقياداتها آثناء الثورة، وهو ما أكدته تقارير تقصي الحقائق التي أجريت بشان وقائع فتح السجون ووقائع قتل المتظاهرين خلال أحداث ثورة 25 يناير.
فتقرير تقصي الحقائق الذي صدر عن ”المنظمة المصرية لحقوق الإنسان” والذي استمع إلي عدد من سجناء سجن ”القطا” وعدد من زملاء اللواء البطران والشهود علي واقعة قتله خلص إلي أن اللواء محمد البطران قتل برصاص ضباط السجن الذين تواجدوا معه داخل السجن.
أما تقرير تقصي الحقائق الذي صدر عن اللجنة المشكلة بقرار من الرئيس محمد مرسي، فقد اكد أيضاً أن اللواء البطران رئيس مباحث قطاع السجون الأسبق تم قتله برصاص الشرطة من قبل الضباط المتواجدين في أبراج الحراسة، لكن القتل لم يكن قصداً، وضباط الحراسة أطلقوا الرصاص على السجناء بعد أن تم هدم أسوار السجن، مما تسبب في إصابة البطران برصاصتين عن طريق الخطأ.
وتنتظر أسرة اللواء محمد البطران قرار المحكمة يوم 24 يونيو المقبل لنظر الطعن علي قرار حفظ التحقيقات وسماع أقوال الشهود.. لمعرفة من قتله .
مصراوي