مرسي رئيسا ومعزولا.. حديث الأصابع لا ينقطع

 

303

اليدان تتحرك شاردة في كل مكان، مصاحبة للحديث وكأن حركتها الملفتة تريدك أن تذهب بعيدا عنها لتنصرف عما يقول، أصبع السبابة يذهب في كل الاتجاهات وكأنه يحذر كل من حوله، ويبدو أن الأصبع المتحركة هي عادة تلازمه دائما، رئيسا ومعزولا، حرا ومقيدا، في وسط أنصاره أو حتى بعيدا عنهم، فالكل لا ينسى العبارة الشهيرة لصاحبها “محمد مرسي” وهو مازال على كرسي الحكم، “في صبعين ثلاثة بيلعبوا وأنا هقطعهم”، وهو لا يدرك أثناء هذا الحديث أن أصابعه تعبث في كل مكان من حوله، كما يتذكر الكثيرون الخطاب الشهير في 27 يناير 2011، الذي خرج الرئيس المعزول محمد مرسي، على الشعب المصري معلنا حالة الطوارئ في مدن القناة، وذلك بعد ثورة الغضب الشديدة في مدن القناة في أعقاب الحكم بأعدام المتهمين في مجزرة بورسعيد، والتي كان الحديث فيها للأصابع، مادة للسخرية والانتقاد في مختلف وسائل الإعلام وقتها.

 

مر عام كامل على حكم “مرسي”، إلى أن خرجت ثورة 30 يونيو، وبيان عزله في 3 يوليو، وحبسه في مكان سري لأكثر من 4 أشهر، إلا أن خرج “الوطن” بانفراد بأول حديث بالصوت والصورة لمحمد مرسي منذ عزله، وطبيعة حاله لا تختلف كثيرا، يجلس شاردا يحرك يديه في كل مكان، مازال أصبع السبابة يرتفع محذرا “للمرة المليون أنا الرئيس الشرعي لمصر”، وهو ما قالت عنه الدكتورة منال زكريا، أستاذ الطب النفسي “الشخصية الإنسانية لا تتجزأ، وطريقة تعبيرها عن الانفعالات لا تتغير من سياق إلى سياق آخر، وخاصة مع شخصية مثل محمد مرسي، فتعبيرات الجسم جزء لا يتجزأ من سمات شخصيته، فهو شخصية فوجئت بالتطور التي حدث لها مرة واحدة فتحول من شخصية لا يعرفها أحد إلى شخصية يتحدث عنها الجميع، لذلك فهي شخصية متضخمة بشكل غير واقعي”.

 

طريقة “مرسي” في التعبير عن أفكاره أو ما يكمن بداخله، والتي دائما ما تصاحبها أصبع السبابة التي أشار بها ما يقرب من 20 مرة خلال مقطع الفيديو الذي نشرته “الوطن”، والذي تقرب مدته من الديقيقتين، إضافة إلى حركات اليد الأخرى المستمرة طوال مدة الفيديو، قالت عنها الدكتورة منال “نحن طبيعتنا كمصريين نعبرعن كلامنا بحركة أيدينا، وليس بتعبيرات الوجه فقط، لأننا من الشعوب ذات الطبيعة الوجدانية والانفعالية، ولكن الشخصية المصرية نوعان فنجد من يحرك يديه بطريقة فيها ود وطيبة وحميمية، فمثلا الفريق عبد الفتاح السيسي يحرك يديه أثناء الحديث ولكن بطريقة فيها الود والحب كغالبية أبناء الشعب المصري، وآخرون تجد تعبيرات أيديهم فيها التسلط والانفعال وكأنها تعطي الأوامر، كأنه يريد أن يقول (أنا المسيطر القوي أنا الفاضل)، وهو ما يختلف عن طبيعة الشخصيات الرسمية والدبلوماسية، التي يُبذل معها مجهود كبير جدا لتتلافى حركة اليدين في أحاديثها، وهذا يدل على أن “مرسي” شخصية لم تكن مدربة دبلوماسيا، بل أيضا من نوعية الشخصيات التي ترفض الاستجابة للنصائح فلا تريد لأحد أن يعدل عليها، هذا جزء من ملامح شخصيته، على عكس شخصية أخرى مثل الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، فهو شخصية هادئة ومتزنة، وحركات جسده ويديه قليلة وغير ملفتة للانتباه، على عكس “مرسي” الذي يشغلك عن حديثه دائما حركات يديه الدائمة، والتي يحاول بها أن يملئ الفراغ حوله، ويشغل الجمهور عن حديثه غير المؤثر.

 

تستدرك دكتورة منال وكريا، في حديثها عن حركات مرسي، قائلة “طبيعة شخصية (مرسي) أنه لا يفكر فيما يقوله، أو يتكلم وهو يفكر، ومن ثم فحركات جسده تظهر تلقائية، دون أن يشعر، ومهما اختلفت الظروف حوله”.

الوطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى