الأخبار

«اعتصام رابعة»..إجراءات مشددة لتأمين “قيادات الإخوان الهاربين”

33

 

 

وسط الحشود، كان اختراق «الوطن» لاعتصام الإخوان فى محيط «رابعة العدوية» مغامرة، فالكل هناك يجمعه «التنظيم» و«الشعبة»، أو التوجه الواضح من خلال المظهر الخارجى، ومن السهل التعرف على الغرباء، سواء من هيئتهم أو جهلهم بأدبيات الجماعة.. العرق يتصبب من الجباه، والمنصة ما زالت تطلق تصريحات وتؤكد أن الجميع مستعد والحشود فى تزايد، «أحمد عارف» المتحدث باسم الإخوان ما زال مستمراً فى حديثه، لحظات وبدا التبرم على الوجوه التى لفحتها الشمس، لكن الأوامر التى تلقوها من قادتهم أن «اثبتوا على موقفكم فالفرج قريب».

تدوى كلمات «عارف» فى الأفق، وتبدأ الهمسات فى التحول إلى كلمات مسموعة: «أين د. البلتاجى؟ أين د. بديع؟ هل تم اعتقالهم؟ هل غادروا البلاد؟»، فيكون الرد: «معانا ولا نراهم، فهم فى خطر ومستهدفين»، فيقول السائل: «الحمد لله.. ربنا يثبتنا ويثبتهم».

كل المداخل المؤدية إلى «إشارة رابعة» مشددة الحراسة، أعداد كبيرة من المنتمين إلى جماعة الإخوان يقفون مرتدين واقيات الرؤوس ومتسلحين بالعصى والشوم و«منشاك» معدنى، عند الوصول إلى البوابة الأولى التى صنعتها لجان الإخوان مستخدمة الحواجز المرورية إضافة إلى مجموعة من الحجارة المتراصة جنباً إلى جنب، مكونة سوراً ارتفاعه يزيد على 160 سم – يجب على الداخل أن يبرز تحقيق شخصيته، لا تكتفى اللجان بالنظر إلى الصورة ومطابقتها مع صاحب البطاقة، بل يتفحص البيانات باحثاً عن المهنة.

معتصم: «قياداتنا لو تركونا هيروحوا السجن».. ومعتصمة: «نساند أزواجنا مثل محنة عبدالناصر»

ذرة شك واحدة كفيلة بأن تحول الزائر إلى ضحية، لكنه ما إن يمر من اللجنة الأولى حتى يدخل على الثانية التى تقف على بعد أقل من مترين، يبتسم «الحارس الثانى» ويطلب من زائر الاعتصام «فتح الشنطة» ليفتشها، وبعدها يدخل على اللجنة الثالثة التى تتولى التفتيش الذاتى، أحد الراغبين فى الولوج إلى المنطقة المشددة الحراسة تساءل عن سبب تشديد الإجراءات: «هو احنا داخلين القصر الجمهورى؟!»، فيكون الرد: «عشان مايخشش مخربين يبوظوا الاعتصام» يتابع السائل بفضول: «فيه هنا قيادات؟»، ترتسم على وجه الرجل ابتسامة: «ربنا معانا واخوانا كلهم موجودين الحمدلله».

الوصول إلى ساحة مسجد «رابعة» لا يستغرق وقتاً طويلاً، فأعداد المعتصمين ليست ضخمة كما يصورها البعض، والتجول فى المكان ليس بصعوبة التجول فى التحرير عند امتلائه، ساحة المسجد يفترشها العديد من «الإخوة والأخوات»، وباب المسجد «مغلق» والدخول مقتصر على «الأخوات فقط»، بوابة المسجد الرئيسية تحولت إلى ثكنة عسكرية، العديد من الشبان يقفون فى حالة من الترقب، يرمقون القادم بنظرات تملؤها الريبة: «أصل دى البوابة اللى بتودى على المنصة»، قالها أحد الشباب الذين يقومون بحراسة البوابة.

على الجانب الأيمن من المسجد يقع ما يسمونه بـ«المركز الإعلامى»، وهو مكان يجتمع فيه صحفيون وإعلاميون تابعون للتنظيم الإخوانى، وبناءً على تصريح سابق، من أجل إجراء اللقاءات الصحفية مع «قيادات الإخوان والشخصيات المؤيدة لهم». أمام المنصة مباشرة تقع بضع خيام، يحيطها سياج من البشر و«الفراشة» التى تمنع وصول المتظاهرين إليها.

فى هذا التوقيت اكتشفنا منع الرجال من دخول المسجد، بحجة تخصيصه لإقامة السيدات المعتصمات، لكن خروج د. صفوت حجازى منه كان مثيراً للدهشة: «هو كان بيعمل إيه جوه، مش الجامع للحريم؟»، قالها أحد المؤيدين لصديقه الملتحى، ليأتيه الرد الذى يثلج الصدر: «طبيعى إنه يبقى موجود.. ما هو بيبات هنا.. يمكن دخل المسجد لأى غرض»، صعد د. حجازى إلى المنصة لحظات، وتبعه بالخروج من نفس باب المسجد جمال حشمت القيادى بتنظيم الإخوان وعضو مجلس الشعب المنحل، الأمر الذى زاد من الابتسامة المرتسمة على وجه الملتحى: «شكلهم كلهم جوه واحنا مش عارفين».

داخل «المركز الإعلامى» جلس أحد المراسلين الأجانب وطلب من المنسق العام أن يوفر له مقابلة مع د. عبدالرحمن البر، مفتى الإخوان، وافق المنسق ووعده بترتيب اللقاء، بعد لحظات جاء الدكتور «البر» مرتدياً جلباباً أبيض، ودخل إلى المركز من خارج أسوار المسجد، «أصله معتصم فى الخيمة اللى قدام المنصة مع د. البلتاجى»، قالها أحمد عبدالله الذى يعرف نفسه بكونه أحد «إخوان الشرقية»، قال الشاب العشرينى: «قيادات جماعة الإخوان إما اعتقلوا وإما موجودين معانا فى الاعتصام»، مشيراً إلى أن الوضع داخل محيط الاعتصام «آمن تماما»، الأمر الذى يؤكد وجود القيادات داخل مقر الاعتصام: «لو مشيوا من هنا تانى يوم هيبقوا فى المعتقل.. فى الاعتصام هنقدر نحميهم بدمنا».

عبدالله، معتصم منذ 4 أيام، يؤكد أن د. صفوت حجازى «معتصم منذ بداية الأزمة.. بينام فى المركز الإعلامى»، مشيراً إلى أن الأمر ينطبق على كل من الدكتور عبدالرحمن البر والقيادى جمال حشمت، بالإضافة إلى تأكيده أن أى قيادى لا يخرج من مقر الاعتصام «هيخرج ازاى وهو عارف ان أمن الدولة مستنيه بره؟».

بصوت مرتفع وتهديدات بعدم دخول الأخوات المعتصمات المسجد خاطب إمام مسجد رابعة العدوية المعتصمات قائلا: «محدش هيدخل الجامع تانى، كفاية إنه بقى نجس ولا يصلح للصلاة.. حرام عليكو اللى عملتوه جوه»، بعض المعتصمات يتفقن مع ما قاله إمام المسجد فتقول سيدة ثلاثينية: «معاه حق، هو بعد المنظر اللى شافه من الستات اللى بتغير لعيالها واللى بياكلوا جوه وقطع الموز المهروسة فى سجاد الجامع، ولا قضاء الحاجة جوه، ده كويس انه خرجهم بالذوق، منهم لله حرمونا ننام فى بيت ربنا»، بعضهن يرددن: «هندخل يعنى هندخل.. هو كان مسجد أبوك»، ليغلق المسجد أبوابه فى وجوه المعتصمين والمعتصمات على السواء.

مرت ساعة وفتح باب المسجد ليستقبل الفنان المعتزل وجدى العربى، فتقول السيدة غادة: «بيفتحوله الباب الخلفى عشان يعتلى المئذنة ويبقى مع المصورين عشان هو أكتر واحد فاهم الكاميرات توجيهها إزاى على المعتصمين ويقدر يفيدهم بخبرته»، تتحدث «غادة» عن رحلة سفرها من مركز السنبلاوين بالدقهلية إلى ميدان رابعة لنصرة د. مرسى، بعد أن رأت بعينيها المشاق التى تحملها زوجها فى المعتقل بسبب انتمائه للإخوان، وتضيف: «أنا مع جوزى بنساعد الشيخ صفوت والدكتور البلتاجى والدكتور العريان»، تؤكد السيدة أن القيادات الإخوانية فى الاعتصام «بيناموا فى الخيام زيهم زينا، والدكتور البلتاجى جايب ولاده ومراته وكمان الدكتور عصام العريان مراته هنا، وكمان موجود معانا زوجة أحمد رامى المتحدث الإعلامى للجماعة»، مشيرة إلى أن سبب وجود زوجات القيادات «مساعدتهم فى المحنة زى أيام جمال عبدالناصر».

إمام الجامع يصرخ فى المعتصمات: «محدش يدخل.. المسجد بقى نجس ولا يصلح للصلاة».. والبعض يرد: «هو كان مسجد أبوك»

التأمين المحيط بالقيادات الإخوانية مكثف للغاية، فى تحركاتهم من المنصة للمسجد للمركز الإعلامى، وحسب أحد المعتصمين: «طبعا.. مين عالم يبقوا رصدينا بالقناصة ولّا العمليات الخاصة.. إحنا فى خطورة ولازم نأمن قيادتنا حتى نحقق هدفنا»

لم يظهر المرشد محمد بديع طوال ليلة أمس فى الاعتصام، رغم تأكيد المعتصمين وجوده، أشارت «غادة» إلى احتمالية وجوده فى المسجد: «يمكن قافلينه عشان هو موجود فيه، ده الرمز بتاعنا ولازم نحافظ عليه»، فيما أكد المعتصمون أن المرشد العام لم يغادر اعتصامهم: «يسيبنا ازاى.. إحنا مش هنمشى وهو قبلنا غير لما نرجع (مرسى) ونقضى على دولة الظلم».

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى