وزير العدل الأسبق في حواره لـه « :

على الحكومة القيام بتطهير جهازها الإداري أولاً كي تمهد الطريق لتطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور
التعديلات الدستور كشفت أن لجنة العشرة لم يكن لها توجهات سياسية بالفعل.. ولكن أيضًا لم يكن لهم توجهات دستورية
مازال رئيس الجمهورية له من الصلاحيات والوظائف ما يجعله فرعونًا جديدًا
30 يونيو موجة من موجات ثورة 25 يناير.. ولكل ثورة مراحل وليس لكل مرحلة ثورة
في ظل حرص “البديل” على أن يكون منبرًا يستمع فيه كل منا للآخر؛ حتى تكتمل الصورة وتتضح أجرت “البديل” حوارًا مع الدكتور محمود عبد الحليم بكلية الحقوق جامعة المنوفية، والذي شغل منصب وزير العدل بحكومة ظل الثورة؛ لمناقشة الأوضاع السياسية المطروحة على الساحة المصرية في الوقت الحالي..
– ما رأيك في حكومة الدكتور حازم الببلاوي؟ وهل قدمت شيئًا فيما يقرب من 3 أشهر؟
حكومة الدكتور حازم الببلاوي لم ولن تقدم شيئًا؛ لأن هناك خلطًا فى أيدلوجية الحكومة، فهى تعتبر نفسها حكومة ثورة، لكن الوصف الصحيح لها أنها حكومة تسيير أعمال، مثل الحكومات السابقة منذ تنحي مبارك وحتى الآن، فليست لديها رؤية ولا أهداف ولا برنامج سوى إجراء الانتخابات، فهي لم تقدم شيئًا في الـ “100″ يوم السابقة؛ لأن حكومات الثورة تأتي بقرارات سريعة وجريئة تعمل على تحقيق أهداف الثورة من عيش وحرية وعدالة اجتماعية.
كما توجد مناصب مستحدثة فى الحكومة لم تقدم شيئًا أولهما وزير العدالة الانتقالية، فهو يتولى أهم الملفات وهو وضع أسس وقواعد لمحاسبة نظامى مبارك ومرسي اللذين يعجز القانون العادي عن محاسبتهما، والذي أدى غيابه لمهرجان البراءة للجميع الذي تابعناه على مدار الأعوام السابقة؛ نظرًا لوجود نظام قضائي عاجز وقانون أعجز تسبب في إفلات الفاسدين والمجرمين من قبضة العدالة.
لكن المستشار المهدى وزير العدالة الانتقالية لم يقدم شيئًا رغم وجود العديد من الدراسات والمراكز البحثية المعنية بهذا الأمر، مثل المركز الدولي للعدالة الانتقالية ووجود تجارب عدة لدول مختلفة وضعت إجراءات وقواعد للعدالة الانتقالية ووصلت فى النهاية للمصالحة الوطنية رغم أن الأمور بها كانت أشد تعقيدًا مما نحن فيه، بل وصلت لحد التطهير العرقي والتفرقة العنصرية مثل جنوب إفريقيا.
وثانيهما نائب رئيس الوزراء للعدالة الاجتماعية والذي لم يقدم شيئًا بدوره في مسألة العدالة الاجتماعية وأولها تطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور والذي لم يطبق حتى الآن رغم التصريحات الرنانة التى تطلقها الحكومة من وقت لآخر حول العدالة الاجتماعية وسياسات دعم الفقراء، شأنها شأن الحكومات السابقة التي شهدتها البلاد منذ تنحي مبارك، كما يوجد تضارب فى التصريحات بين الوزراء ورئيس الوزراء مثلما حدث في استقالة الدكتور محمد البرادعي، فهذه حكومة اللا أفعال واللا أقوال.
– إذن كيف يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية؟
تحقيق العدالة الاجتماعية يحتاج إلى قرار سيادي من رئيس الجمهورية والحكومة، فمن الممكن على الأقل تطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور كبداية للعدالة الاجتماعية؛ ليشعر المواطن أن ثمة تغييرًا أحدثته الثورة فى وضعه الاقتصادى، ولكن من يتقاضون أجورًا باهظة من رؤساء الهيئات والمصالح يشكلون مراكز للقوى ويقفون حائلاً في وجه تطبيق هذا القانون وغيره من القوانين؛ لذا فعلى الحكومة القيام بتطهير جهازها الإداري أولاً كي تمهد الطريق لتطبيق القوانين، أما القول بغير ذلك فهو قول باطل يراد به باطل ويدل على عدم وجود إرادة حقيقية لتطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور، فشعار العدالة الاجتماعية فقط والمرفوع منذ ثورة 1952 حوَّل بمفرده وفي خلال أيام قلائل انقلابًا عسكريًّا قام به ضباط الجيش إلى ثورة لها أهداف وتسعى لتحقيقها بصدور قانون الإصلاح الزراعى والذى ساهم فى تقريب الفوارق بين الطبقات.
فلا بد من وضع شركات أحمد عز وغيره من رجال الأعمال الذين استفادوا من فساد نظام مبارك تارة وشاركوا فيه تارة أخرى تحت الحراسة؛ لتديرها الدولة وتستحوذ على أرباحها بدلاً من المحاكمات الهزلية وانتظار الأموال المنهوبة والتي لن تأتي، فالموجة القادمة من الثورة والتي حتمًا ستأتي لغياب العدالة الاجتماعية ستكون ثورة جياع، والنظام الاقتصادي لن يستطيع تحملها.
– ما رأيك في الدستور الجديد الذي تقوم بإعداده لجنة الخمسين بإنتاج دستور يتوافق عليه الشعب المصري؟
دائمًا المقدمات الخاطئة تأتي بتائج خاطئة، فالمسار من البداية معوج، والبدء بلجنة خبراء وبعدها لجنة شعبية لإعداد تعديلات دستورية هو خطأ من البداية، فالأوفق كان البدء بلجنة شعبية لوضع الأسس والمبادئ والأهداف التي يجب أن يتضمنها الدستور ثم تنتهي بلجنة من الخبراء لإعداد التفصيلات وصياغة النصوص النهائية، بالإضافة إلى أن تشكيل لجنة العشرة كان على أساس أنهم محايدون وليس لهم توجهات سياسية، وكشفت لنا التعديلات التى قاموا بها على دستور 2012 أنه لم يكن لهم توجهات سياسية بالفعل، لكن أيضًا لم يكن لهم توجهات دستورية؛ لذلك أنتجوا تعديلات تعد خليطًا سيئًا من دستور 2012 ودستور 1971.
فلم تعكس التعديلات الجديدة التى أقرتها لجنة العشرة أو التى تناقشها لجنة الخمسين الآن أى جديد فى النظام السياسي للدولة، فمازال رئيس الجمهورية له من الصلاحيات والوظائف ما يجعله فرعونًا جديدًا لا يُسأل عما يفعل إلا بواسطة وزرائه، وبالتالي تنتفى مسئوليته رغم أنه من يضع السياسة العامة للدولة وينفذها الوزراء، بالإضافة للدور الشرفي لرئيس الوزراء وعدم منحه أى صلاحيات ووجود مجلس شورى أعرج سيكون عبئًا على السلطة التشريعية، ويصيبها بالعقم التشريعى ويشكل عبئًا على ميزانية الدولة دون وجود أى عائد ملموس من وجوده، وكان الأولى وجود مجلس للشباب؛ لاستيعابهم وطرح آرائهم؛ لبث النشاط فى دولة مترهلة بدلاً من وجود مجلس للعواجيز يستمر فى تعجيز الدولة، بالإضافة لعدم وجود مجالس رقابية على هيئة الشرطة مع استمرار تبعيتها لرئيس الجمهورية فضلاً عن عدم وجود أى نصوص تضمن تحقيق العدالة الاجتماعية أو تكفل الحياة الكريمة للمواطنين واستمرار تعيين المحافظين بدلاً من انتخابهم؛ مما يجعلهم تابعين لرئيس الجمهورية، والعديد العديد من المساوئ التى لا يتسع الحديث لسردها وتحتاج لحوار منفصل، باختصار الدستور الجديد لن يأتي بجديد.
– ما رأيك في ترشيح الفريق أول عبد الفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية؟
من حق أي مواطن مصري أن يترشح لرئاسة الجمهورية، ولا يجوز معاقبة أفراد القوات المسلحة بحرمانهم من الترشح، ولكن الفريق أول عبد الفتاح السيسي مثله مثل القاضي الذي كان حكمًا في قضية لصالح أحد الطرفين، فلا يجوز أن يتدخل بعد إصدار الحكم؛ حتى لا يتم بالتشكيك فيه وفى القوات المسلحة؛ لأنها المؤسسة الوحيدة الباقية للشعب، ونحن لسنا في المدينة الفاضلة التي قال عنها أفلاطون، فترشيحة يعمق لترويجات جماعة الإخوان المسلمين بأن الفريق السيسي يريد الاستخواذ على السلطة من البداية، ولكن من حق أي مواطن سواء كان عسكريًّا أو غيره الترشح، أما الفريق السيسي فعليه التحفظ، وهذا التحفظ لصالح القوات المسلحة؛ لأن 30 يونيو موجة من موجات ثورة 25 يناير، ولكل ثورة مراحل وليس لكل مرحلة ثورة.
اخبار مصر