الأخبار

درية وإيناس وأخواتهما!!

 

30

 

 

قالها صلاح جاهين «البنت زى الولد»، وطبّقها حازم الببلاوى، فصار لدينا خمس نساء لأول مرة فى مجلس الوزراء المصرى.. مها الرباط «الصحة»، وليلى راشد «البيئة»، وداليا السعدنى «البحث العلمى»، ودرية شرف الدين «الإعلام»، وإيناس عبد الدايم «الثقافة»، سوف أكتفى بحكم التخصص بوزيرتى الثقافة والإعلام، لا أتصورها مجرد صدفة أن تسند حقيبة الإعلام إلى درية، وأن تمسك إيناس بحقيبة الثقافة، من الواضح أن الدولة بعد عامين ونصف العام تنقّلت خلالها من سطوة العسكريين إلى تمكين الإخوان، تتنفس الآن عبير الدولة المدنية.

اعتلاء إيناس الكرسى أشبه فى دنيا المسرح بالانقلاب الدرامى، كان علاء عبد العزيز الوزير الإخوانى قد قرر فى لحظة تجلّى أن ينهى انتدابها كرئيسة لقطاع الأوبرا دون ذكر أسباب، ربما لأن النظام الإخوانى بطبعه يحرّم الفن ولا يرى فى الباليه سوى عرى فى عرى، بل إن أحدهم كان يطالب بباليه شرعى، إيناس لم تكن مجرد رئيسة للبيت جاءت بعد الراحل راقص الباليه العالمى عبد المنعم كامل، بل هى واحدة من أهم العازفات على آلة الفلوت فى أوركسترا العالم.. الأوبرا والباليه والموسيقى حياة كاملة تعيشها، مَن يتذكر ما فعله وزير الثقافة السابق سيكتشف أنه قبل أن ينهى انتداب إيناس أطاح بأكثر من مسؤول كبير فى الوزارة، ولم يحدث اعتراض إلا أنه بمجرد اقترابه من إيناس انقلبت الدنيا ولم تقعد واعتصم العاملون بالدار أمام مكتبها، وانفرط العقد واحتل المثقفون الوزارة، بالطبع لا يكفى أن تكون فنانًا متميزًا لكى تصبح وزيرًا ناجحًا، آمال عديدة يعقدها الجميع على إيناس، فالثقافة هى الطريق الوحيد لمصر لكى تعبر للغد، مصابيح الفن والفكر كان المطلوب إطفاؤها أو تحجيمها وتحجيبها لو أمكن، لتقدم إبداعًا وفق شروط إخوانية وسلفية.

ملفات الثقافة الجماهيرية والكتاب والمسرح والمهرجانات السينمائية التى تبدّلت بين أكثر من وزير كلها بحاجة إلى نظرة شاملة ومتعمقة، يطل علينا مهرجان القاهرة السينمائى الدولى ولم يعد أمامنا الكثير من الوقت، لأن موعده فى نهاية نوفمبر، من المؤكد أن المدة المتبقية لا تسمح بإعادة هيكلة المهرجان ووضع قواعد محددة لكل المهرجانات الأخرى التى تتلقى دعمًا من وزارة الثقافة، مثل «الإسكندرية»، إلا أن الحد الأدنى هو أن يتم الاتفاق على تيسير هذه الدورة وبعدها تحتاج كل المهرجانات إلى ضبط وربط.. الثقافة درعنا الواقية عانت فى زمن مبارك على يد فاروق حسنى من تدجين المثقفين بدفعهم إلى الحظيرة، ثم أرادوا الإجهاز عليها تمامًا فى زمن الإخوان.

أمسكت بحقيبة الإعلام درية، فهى واحدة من نجماته، الوزارة ليست مجرد المبنى الضخم المطل على النيل ويضم أكثر من 40 ألف موظف، ولكنه أحد أسلحة أمننا القومى، عانى الإعلاميون الكثير منذ أن قامت ثورة 25 يناير، فهو المتهم الأول بالتضليل وحتى الآن لم يبرأ العاملون من هذا الاتهام، تتابع على رئاسة الاتحاد فى ظل الحكم العسكرى اللواء طارق المهدى ثم د.سامى الشريف أستاذ الإعلام، الذى كان قريبًا بتكوينه الشخصى والفكرى إلى العسكريين، وبعد ذلك تولى أسامة هيكل المسؤولية كوزير، وكان صوتًا للمجلس العسكرى، ثم جاء الإخوان برجلهم صلاح عبد المقصود الشهير بـ«تعالى وأنا أقولّك فين»، تتولى الإعلام لأول مرة واحدة من أبنائه، درية بدأت مشوارها فى إذاعة «الشرق الأوسط» وانتقلت إلى التليفزيون قارئة للنشرة ثم قدمت أهم برنامج ثقافى «نادى السينما» الذى كان يعرض مساء السبت، ليصبح نافذة حقيقة لجيل تفتح وعيه فى الثمانينيات قبل اختراع «الفيديو» على هذا البرنامج التنويرى، أتذكر أن الفنان الكبير محمود مرسى أستاذ مادة «التكوين الدرامى»، كان يحرص على أن يصبح موعد محاضرته صباح الأحد، ليناقش معنا فى معهد السينما الفيلم الذى شاهدناه بالأمس.

الشاشة المصرية بلا مصداقية ولا جاذبية، الميزانيات تلتهمها أجور العاملين ولا يتبقى شىء للإبداع، وعلى جانب آخر توحّش الفساد فى جنبات المبنى دراميًّا وبرامجيًّا.

دخل التليفزيون رمضان وهو مهزوم، لا برنامج مميز ولا مسلسل كبير، وأتصور أن شركات الإنتاج الخاصة لن تبخل لو طلبت منهم درية دعم الشاشة فى الأسابيع الثلاثة المتبقية من رمضان، ويبقى الأهم وهو خطة محددة الزمن لعودة الروح إلى ماسبيرو، فهو لا يزال يتنفس تحت الماء!!

 

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى