دولة للإخوان فقط

 

22

 

منذ سقوط دولة الإخوان فى 30 يونيو الماضى، والدولة الجديدة -وهنا أقصد مؤسساتها تحديدا- تسخر كل طاقتها لمحاربة وهم كبير اسمه «الإخوان»، تفعل كل شىء لكى يتوارى «الإخوان» عن الصورة تماما، وتنسى أن هناك شعبا ينتظر هو الآخر أن توليه الحكومة والدولة ولو نصف الاهتمام الذى توجهه ناحية التخلص من فرد إخوانى يعمل فى هيئة النظافة بالجيزة.

لكنها وللغرابة تحاربهم بنفس الطريقة التى حاول بها الإخوان «تنظيف» مؤسسات الدولة بها.. أعرف أن الجماعة «أَخونت» حتى رؤساء مجالس القرى، وجعلت من المدرسين -اللى المفروض بيفهموا فى التعليم- رؤساء مجالس مدن ورؤساء مجالس إدارات، وجعلت من رجال الجماعات الإسلامية الخارجين من السجون مسؤولون عن مهمات إدارية هامة فى الدولة.. هذه حقيقة لا تحتاج إلى توضيح.. ما يحتاج إلى تأكيد هو أن تسخير الدولة طاقاتها لمعاداة الإخوان -وإن كانوا يستحقون- يمثل استنزاف غير عادى لطاقتها -إن كان يتبقى لها طاقة- فى أمر سينتظم حتما بالطريقة الجديدة، مع التعود والتأكيد الدائم من الرجال الجدد فى كل مؤسسة بأن ما يحكم الجميع هى لوائح وقوانين، وهى وإن كانت بها نقائص كثيرة تحتاج إلى تعديل فتطبيقها على كل الأفراد يجعل منها علاجا لهذه المشكلة تحديدا، ووقتها لن يهم كثيرا كونك إخوانيا من عدمه ما دام ما يحكمنا قرار واحد.

لدى مثال واضح على هذه الفكرة..

منذ أن جاء وزير التعليم أبو النصر إلى منصبه وهو يفعل شيئا واحدا فقط.. محاربة الإرهاب فى الوزارة! يقوم الرجل القادم إلى سدة التعليم فى مصر ينفى كل شخص كانت له علاقة من بعيد أو قريب بالإخوان وهكذا فى عملية يطلق عليها التطهير، وهى عملية تتم بطريقة الإخوان أنفسهم.. يأتى الرجل بأصدقائه ومعارفه إلى المناصب التى كان يتقلدها رجال الإخوان، ويعتقد أبو النصر أن الناس والمتابعين سيغضون الطرف عما يفعل لأنه يقوم به تحت شعار التطهير من الإخوان، لكن هل حقق وزير التعليم مع مسؤول إخوانى وبناء عليه اتخذ قرارا بعزله من وظيفته أو نقله إلى مكان آخر؟.. طيب.. هل أوكل لهؤلاء المبعدين عمل جديد يؤدونه مقابل ما يتقاضون من مرتبات أم «ركنهم؟ ويعتقد أننا سنكون فى أشد حالاتنا فرحا لأنهم مابيشتغلوش وبياخدوا فلوس»، وهو ما يؤكد أن ما يتم فى وزارة التعليم مثالا، وغيرها من المؤسسات يتم لأغراض فى نفوس أبناء يعقوب، ويكفى أن وزير التعليم أعاد «أحمد زكى بدر» إلى واجهة الوزارة مرة أخرى، بعد أن اختفى تماما، ونسى أبو النصر ما فعله بالتعليم والعاملين فيه خلال الفترة التى قضاها وزيرا قبل 25 يناير.

إذ تهدر الدولة ممثلة فى الحكومة الآن، أموالا ووقتا فى محاربة الإخوان، دون الوعى إلى أن هذا الوقت والمال أنا وأنت فى حاجة إليه، واستخدامه فى ما يفيد الجميع المواطنين، خصوصا بعيدا عن الملفات الأمنية، فيمكن بالفعل صرف أموال على محاربة الإرهاب فى سيناء وتأمين المنشآت فى كل مكان من الأعمال الإرهابية التى طالت أماكن كثيرة فى الفترة الأخيرة سواء كانت عسكرية أو غيرها، لكن هل ستكون هذه تصرف فى موضعها الصحيح فى إبعاد الإخوان العاملين فى وزارة التعليم أو التخطيط أو الصحة، فى رأيى لن تكون هكذا، وبناء عليه، على المسؤولين أن يكون هدفهم العمل من أجل تحقيق غايات أولاها خدمة الناس لا الأشخاص والتوجهات، لأن ما يحدث الآن هو «أخونة» لكن بنوع جديد من الناس قد يكون ليس له علاقة بـ«الحرية والعدالة» لكن له علاقة بجهة ما أخرى ويؤيدها فى ما تقول أو تفعل، فى الوقت الذى يختلف صميم عمله عن كل هذه التوجهات تماما ولا يحتاج إليها أصلا للتقدم.

 

التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى