سيناريو «ساعة الصفر» الذى يرعب به الإخوان المصريين!

 

أتصور أن الشعور «بالاندهاش» تعطل لدى المصريين بكل فئاتهم من شدة استثنائية الأحداث التى نعيشها خلال الأيام الأخيرة، لكن لم يكن أكثر عجباً مما تردد على أسماعنا من أفواه إخوانية إسلامية عديدة وسط تكبير الأنصار حول سيناريو «ساعة الصفر»، الذى هدد به الإخوان وحلفاؤهم مع شعورهم بأن شرعية حكمهم أصبحت فى أنفاسها الأخيرة، ويكون خاطئا من يتصور أن هذا السيناريو الأسود من الممكن إلغاؤه لو تم تمرير «دستور السمن والطاعة» بكل أساليبهم المتوقعة، بل إن الفكرة وما فيها أنه سيتم تأجيله كما حدث أيام ضغطهم لاستلام حكم مصر فى أعقاب الانتخابات الرئاسية مهما كانت النتيجة!

بالطبع كانت التصورات والتأويلات كثيرة ومتنوعة، ومنها ماهو سينمائى اقتنص من أفلام رعب مقاولات أو أفلام أكشن مضروبة، خاصة أن اللغة التى كان يتحدث بها أصحاب هذه التهديدات تساعد على إخفاء هذه الأجواء على الحدث، وبالذات أن المبالغات وصلت بالحديث إلى الإطار المليونى، وكأن مصر ستقوم على مصر من أجل مصر أيضاً، إلا أن التكبيرات التى تتلو هذه التهديدات، وكأن مصر حررت من جديد أو دخلها الإسلام مرة أخرى بعد كفر، تعيدنا لأجواء الأفلام التاريخية.

وبعيداً عن انشغال فئة كبيرة من المصريين بالاندهاش من وصولنا لهذه المرحلة الدموية والاستبدادية والعصابية بسرعة جداً، كان من الضرورى أن نرسم صورة هذا السيناريو، وهل لا تخرج عن كونها مجرد تهديدات أو حتى تخطيط لأعمال انتقامية، أم أنها تجعل عملية متكاملة لإحباط أى محاولة تسيطر على الهاجس الإخوانى لإسقاط حكمهم خاصة بعدما وصل المتظاهرون لما يقارب المليون لأبواب «قصر الاتحادية» الرئاسى فى مليونية الإنذار الأخير، والتى خرج فيها «مرسى» مسرعاً من الأبواب الخلفية؟!

 ولمن لا يعرف، فإن الوصول إلى هذا السيناريو الدموى الأسود وضعه الإخوان فى مخيلتهم منذ شعورهم  بالتمكن من السلطة فى مصر فى أعقاب اتضاح ملامح الصورة بعد ثورة يناير التى اختطفوها، لكن لم يخرج هذا السيناريو الذى يدور الحديث عنه عن إطار الشائعات ومبالغات المصريين فى أعقاب القيل والقال الذى دار فى أجواء ترقب إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، حتى أوصلها البعض إلى تحركات إخوانية وإسلامية لحرق مصر بشكل مؤثر  ونشر الفوضى  فى حال إذا لم تكن النتيجة لصالحهم، وإلى  الآن لا تزال تتكشف تفاصيل حول هذه التهديدات، والتجمعات المسلحة فى أماكن عدة،  وسلسلة التفجرات التى كانت فى الانتظار، وكلمة  السر للتحرك هى إعلان فوز أحمد شفيق بالرئاسة، وكان الجيش منتشرا بشكل استثنائى جدا لمواجهة  كل الظروف، والناس مختبئة فى بيوتها انتظارا لما ستنتهى إليه الأمور !

 لكن الحمد لله.. مرت الأمور دون تنفيذ هذا السيناريو، لأنهم لم يحتاجوا له لوصولهم للحكم دون الدخول فى تفاصيل هذا الوصول خاصة أن هناك تحقيقات كانت قد بدأت فى هذا  السياق لولا الانقلاب غير الدستورى الذى تم على النائب العام المعزول المستشار «عبدالمجيد محمود» رغم اختلافنا معه بالطبع !.. ويخطئ من يتصور أن مثل هذه السيناريوهات تلغى أو تعطل، بل إنها تؤجل فقط لحين الاحتياج إليها كما دار الحديث فيها من جديد فى الفترة الأخيرة، وبالتأكيد سيتم إرجاؤها أيضا لو تم تمرير «دستور السمع والطاعة»، لكن لن يتم إلغاؤها أبدا، وكأنه سوط أو كارت أخير موجه للمصريين وللأسف البعض لا يزال مرعوبا منه !

 ومعلوماتيا..  تردد «سيناريو كلمة السر» على ألسنة مرشد الجماعة د. «محمد بديع» ونائبه «خيرت الشاطر» ورجله د. «محمد البلتاجى» وبوقهم «صفوت حجازى»، ومنهم إلى حلفائهم الإسلاميين ومرؤوسيهم وسط تكبيرات أنصارهم، حتى دون أن يعرفوا التفاصيل الكاملة عنه !.. وكان المحرك الأساسى هو ترديد شائعات عن انتهاء حصار المتظاهرين المعارضين لمرسى والإخوان للاتحادية باقتحامه، مع الاختلاف حول تفاصيل ما يحدث فى القصر بعد الاقتحام، ووصلوا به إلى «النموذج الفنزويلى» الذى قام فيه معارضون  باقتحام قصر الرئيس الفنزويلى «تشافير»  وطردوه من القصر بمساعدة  عناصر من المخابرات الأمريكية، لكنهم كانوا حريصين على استخدام السيناريو الفنزويلى لأنه ينتهى بإعادة «تشافيز» عن طريق أنصاره إلى الحكم مرة أخرى، وأبعدوا عن المشهد بعض الترديدات  التى أوصلتنا إلى سيناريو نهاية القذافى، والتى وقفوا ضد ترديدها كثيرا رغم أنها كانت تؤثر فى أنصارهم وتزيد غضبهم فى المعارضين كما يريدون، إلا أنهم كانوا يرون فيها إسقاطا ديكتاتوريا وإسقاطا عن قرب انهيار حكمهم وتحول دولتهم إلى فوضى وحرب أهلية، وهو ما يردده المعارضون، فلا يمكن أن يرددوه هم  أيضا!

 وبالطبع أول نقطة فى سيناريو «ساعة الصفر» هو إخلاء لمرسى من قصر الاتحادية وإيداعه مكانا سريا، وهذا بالفعل ما حدث فى مليونية الإنذار الأخير الذى قال مرسى إنه أصيب فيها سائق من موكبه متناسيا الدماء التى سالت من المعارضين على يد ميليشيات، وكبرت كرة النار بسرعة حتى تكاد تعصف بالنائب العام المكلف بشكل غير دستورى ولا قانونى بتوريطه فى التدخل فى التحقيقات بموقعة الاتحادية، ولن تهدأ غضبة أعضاء النيابة العامة منه بالتراجع عن نقل رئيس فريق التحقيق الذى رفض الانصياع لأوامره باعتقال عدد من المتظاهرين لحفظ ماء وجه الرئيس الذى وصفهم بالبلطجية وعدّد اعترافات قبل أن تحدث اعتمادا على تحقيقات ميليشيات الإخوان معهم على أبواب الاتحادية!

وعودة لتفاصيل «سيناريو ساعة الصفر» التى تختلف التأويلات فيها إلا أنها لا تخرج إجمالا عن كونها عملية حشدية ينفذها «التنظيم الخاص» مهما كان الاسم المستخدم له الآن فى التنظيم الإخوانى لغسيل يده من ماضيه الدموى، تعتمد على ما أسموه «بالمرابطين» تنوعة التصورات حول أعدادهم من مئات الآلاف إلى الملايين، والموجودين فى أماكن مختلفة من القاهرة فقط أو القاهرة والمحافظات وفق قوة الحدث الذى يواجهونه، خاصة أنه من الضرورى ألا ننسى أن هذه العملية الضخمة،  ما هى إلا سيناريو مضاد لسيناريو يرعبهم ينتهى بإسقاط حكمهم!

وبالتالى إن كان يدور الحديث حول أن السيناريو المهدد للإخوان وحلفائهم هو اقتحام «الاتحادية» فالسيناريو المضاد لذلك يعين وفق قوة الحدث فلو كان اقتحام الاتحادية انتهى بالقبض على «مرسى» والتعامل معه، فلم يكن للسيناريو المضاد الإخوانى فى هذه الحالة سقف معين، حتى لو انتهت الأمور إلى حرب أهلية أو مواجهات دموية بين الطرفين، وهو متوقع بالطبع!

ولن ننساق إلى المبالغات فى تحليل «سيناريو» ساعة الصفر والتى ترددت على لسان «البلتاجى» أكثر من مرة فى جنازة من أسموهم بشهدائهم فى «منطقة الحسين» وفى مظاهرات «رابعة العدوية»، حيث ادعى أن هناك ملايين فى الاستعداد للشهادة فى «ساعة الصفر»، وقال أيضا إن هناك ملايين من المرابطين فى أماكن كثيرة بالقاهرة والمحافظات من السلوم إلى أسوان مستعدون للتحرك فى ساعة الصفر، ولاتخرج تهديدات الإسلاميين من حلفائهم عن هذا الإطار الدموى المبالغ فيه، والذى يهدف إلى الإرهاب، وإدخال الرعب فى قلوب المعارضين أكثر من أى شىء آخر، خاصة أنه جاء فى أعقاب التعاملات الدموية والتعذيب الوحشى الذى كان متعمدا من ميليشيات الإخوان إلى المعارضين فى موقعة الاتحادية كإنذار قوى لهم قبل التصعيد أكثر وأكثر!

ويبدو أن الجماعة فى حالة استنفار، ويظهر هذا بقوة فى كلمات الشاطر والمرشد، وأيضا فى الحراسات الخاصة التى تحاصرهم فى كل مكان خاصة مع انتشار ظاهرة اقتحام وحرق المقرات الإخوانية وأهمها إسقاط الرمز فى المركز الرئيسى بالمقطم، والذى يشبهه البعض بقصر اتحادية المرشد!

ووفق فقه الخديعة والتلون فإن الكذب مباح للإخوان على المعارضين لهم بأى طريقة وبالتالى فإن مجال المبالغات مفتوح خاصة أن الخيال المصرى عالٍ جدا ويفتح آفاقاً لهذه الأكاذيب، لكن فى المقابل أحداث «ساعة الصفر» خطر حقيقى لايمكن إغفاله وستستخدم فيه الجماعة كل قوتها وقوة حلفائها فى الداخل والخارج حتى لايسقط حكمهم، فلا يجب أن نتصور أنه مجرد «فزاعة» حتى نكون واقعيين فى مواجهة أية ظروف! ∎

روز اليوسف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى