الأخبار

الاحتواء أم الإقصاء؟

 

117

 

هناك تقديرات بوجود وجهتى نظر داخل أهل الحكم فى مصر بشأن كيفية التعامل فى الأيام المقبلة مع التيار الإسلامى عموما وجماعة الإخوان خصوصا.

وجهة النظر الأولى يقودها الجناح المتشدد وفى القلب منه غالبية وزارة الداخلية وهؤلاء يرون أن الحل الوحيد الذى يفهمه الإخوان هو القوة ولا شىء غيرها، أحد هؤلاء قابلته قبل ايام وحاول إقناعى لوقت طويل بأن تجربة الثمانين عاما لم تغير من أداء عمل الإخوان، وأن كل ما يحكم عملهم وتحركهم هو «التمكين» وبناء دولتهم ليس فقط فى مصر بل فى المنطقة بأسرها.

قلت لهذا الشخص ربما كانت الدوافع الانتقامية من الشرطة للإخوان تقف خلف هذا التحليل، باعتبار أن وزارة الداخلية تعتقد أن الإخوان هم الذين كسروها فى 28 يناير 2011 وأنهم هم الذين هاجموا واقتحموا وحرقوا أقسام الشرطة.

يتبنى هذه النظرة الإقصائية أيضا بجانب المؤسسة الأمنية كل ما يمكن تسميته ببقايا دولة مبارك وتحديدا بعض رجال الأعمال المتنفذين وبعض رجال الإعلام أيضا.

لكن الأهم أن هناك بين هذه الفئة شريحة لا بأس بها مع الشعب صدموا تماما فى أداء الإخوان، ويعتقدون أن ما حدث لدولة مبارك بعد ثورة 25 يناير ينبغى أن يحدث لدولة الإخوان بعد 30 يونيو.

فى المقابل هناك وجهة نظر سياسية معتدلة يقودها الدكتور محمد البرادعى وجزء كبير من حكومة الدكتور حازم الببلاوى، خلاصتها أن الحل الأمنى مهما كان مطلوبا فى بعض الأوقات فإنه ليس مثاليا ولن يقضى على جذور المشكلة.

يعتقد هؤلاء أن الإخوان وبغض النظر عن أدائهم قبل وبعد 30 يونيو جزء من الشعب لا يمكن محوهم من الوجود لمجرد أن بعضنا يريد ذلك. يضيف هؤلاء أيضا أن هتلر ـ على سبيل المثال ومع فارق القياس ـ فعل كل ما لا يمكن تخيله، لكنه لم يقض على اليهود، بل خرجوا من المحرقة ليحكموا العالم بأسره للأسف.

وبجانب هذا التيار الليبرالى داخل الحكومة، فإن كل الفئات الشعبية التى خرجت فى 25 يناير طلبا للحرية، ومعظمها صوت لمحمد مرسى فى مواجهة أحمد شفيق، ثم رأوا أن سياسات الإخوان كارثية، هؤلاء يساندون التعامل الموضوعى مع الأزمة، ويرفضون النظرة الاستقصائية ضد الاخوان.

الاستقطاب على أشده ليس فقط بين الإخوان والتيار الليبرالى، لكنه بدأ يضرب بشدة بين قطاعات من الشعب.

وليس خافيا على أحد أن الأطراف المصرية هى التى استدعت المبعوثة الأوروبية كاثرين آشتون بحثا عن حل، بعد أن عجزت الوساطات المحلية عن التوصل إلى حلول وسط.

لكن وحتى هذه اللحظة يبدو موقف القوات المسلحة من المبادرات المطروحة غامضا، خصوصا أن موقفها قد يكون مرجحا لوجهتى النظر المتعارضتين داخل جهاز الحكم الجديد.

من مصلحة كل المصريين أن نتوصل إلى حل سياسى حقيقى يضمن أن يشعر الجميع أنهم أبناء لهذا الوطن.

نعم لمحاكمة أى إخوانى أو غير إخوانى خرج على القانون، ونعم لإشراك كل إخوانى وغيره فى العملية السياسية باعتباره مواطنا مصريا له كل الحقوق وعليه كل الواجبات.

 

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى