الأخبار

بعد أزمة شهادات «تغيير الملة».. أين الأحوال الشخصية؟

في كل فترة يحدث ما يستدعي الحاجة لإصدار قانون الأحوال الشخصية للمواطنين المصريين المسيحيين، فأول أمس أصدرت رئاسة الكنيسة الإنجيلية بيانا بشأن شهادات تغيير الملة تؤكد فيه عدم الاعتراف بتلك الشهادات ما دامت لم تختم من رئاسة الطائفة بسبب التلاعب على خلفية إصدارها. وتغيير الملة أحد أسباب الطلاق في الوضع الحالي للمواطنين المسيحيين أمام محاكم الأسرة، بعدما أجرى البابا الراحل شنودة الثالث تعديلا على لائحة 1938م الخاصة بالأحوال الشخصية، وبعدما كان هناك 9 أسباب للطلاق اختزلت في «علة الزنى»؛ ما جعل الحل للراغبين في الطلاق اللجوء لتغيير طائفتهم المسيحية.

ورغم أن رؤساء الكنائس قرروا منذ عدة أشهر عقد اجتماعات لوضع اللمسات الأخيرة على قانون الأحوال الشخصية، والاتفاق على كل المواد الخلافية بين الكنائس المصرية الثلاث (الأرثوذكسية، الكاثوليكية، الإنجيلية)، فإن هذا الاجتماع لم يُعقد حتى الآن.

رحلة الأحوال الشخصية

في نهاية نوفمبر 2014، أرسلت الحكومة إلى الكنائس المصرية الرئيسية مشروع قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين، لدراسته وإبداء الملاحظات عليه، إلا أنه بعد عدة اجتماعات بين ممثلي الكنائس وممثلي الحكومة (وزارة العدالة الانتقالية سابقا) لمناقشة مشروع القانون، عاد مرة أخرى إلى الأدراج، ومع مناقشة تعديلات قانون الأحوال الشخصية (العام) الذي يطبق على المواطنين المسلمين وعلى المواطنين غير المسلمين في حالة تحويل أحد الأطراف من طائفة إلى أخرى، بدأ الحديث عن عودة اجتماعات ممثلي الكنائس لإنهاء مشروع القانون. (اقرأ أيضا.. في يد الكنائس.. هل يصدر «الأحوال الشخصية» للمسيحيين؟)

مشكلات بسبب غياب القانون

الأحوال الشخصية للمواطنين المسيحيين من الملفات الشائكة في مصر، والتي بسببها وقعت مشكلات كثيرة على مدار السنوات العشرين الأخيرة، خصوصا عندما ضيقت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الخناق على أتباعها في نظر مشكلات الذين يريدون الانفصال، أو انفصلوا ويريدون الزواج مرة أخرى.

في عام 1938، صدرت لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس، والتي عُرفت بسنة صدورها، وحددت فيها 9 أسباب للطلاق؛ مثل سجن أحد الأطراف أو سفر الزوج وانقطاع أخباره لفترة معينة، إضافة إلى الخيانة وتغيير الطائفة، إلا أنه في 2008، قرر البابا الراحل شنودة الثالث إجراء تعديل على اللائحة بحصر سبب الطلاق في الخيانة (الزنى)، ونتجت عن هذا التعديل مشكلات كثيرة، إضافة للترهل الذي عانى منه المجلس الإكلريكي المسؤول عن حل هذه القضايا داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فقد كان هناك مجلس واحد مسؤول عنه الأنبا بولا، مطران طنطا، لنظر قضايا أتباع الكنيسة داخل وخارج مصر.

ومن هذه المشكلات واقعة عرفت باسم «موقعة الكلب» عام 2011، بعد 25 يناير، عندما تظاهر أصحاب المشكلات أمام مقر المجلس بالكاتدرائية، ثم في 2015 احتج بعض من أصحاب هذه المشكلات في أثناء عظة للبابا تواضروس.

المشكلة الأخيرة وبيان الإنجيلية

رغم محاولات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية حل مشكلة الأحوال الشخصية قبل صدور القانون داخليا بتقسيم عمل المجلس الإكلريكي على عدة مجالس إقليمية تتبعها مجالس فرعية؛ للتسهيل على الناس، فيبقى حل تغيير الملة طريقا يلجأ إليه مَن يريد الحصول على الطلاق من المحكمة، ويتم اللجوء للكنيسة الإنجيلية، التي غيرت من إجراءاتها في هذا الأمر منذ عدة سنوات، إلا أن البعض يتعامل مع الأمر على أنه «بيزنس»، بإعلان أنه كنيسة فرعية ويمكن أن يصدر تلك الشهادات مقابل مبالغ مالية. (اقرأ أيضا.. الإصلاح الإداري في الكنيسة.. من إدارة الفرد للمؤسسة)

عندما اكتشفت الكنيسة الإنجيلية تداول شهادات منسوبة لبعض كنائسها، أصدرت بيانا، تؤكد فيه أن شهادات تغيير الملة المتداولة حاليا تصدر من كيانات وهمية، وأن من يحملها يعرض نفسه للمساءلة القانونية، لأن شهادة الانتماء للكنيسة الإنجيلية تصدر مختومة من المجلس الإنجيلي العام. (لتفاصيل أكثر: الكنيسة الإنجيلية توضح حقيقة إصدار شهادات تغيير الملة)

قال المستشار القانوني لرئاسة الطائفة الإنجيلية، يوسف طلعت، لـ«التحرير»، إن اجتماع ممثلي الكنائس لمناقشة مشروع قانون الأحوال الشخصية لم يُحدد بعد، موضحا أن الكنيسة الإنجيلية أصدرت بيانَ أمس، لأن «شهادات تغيير الملة المضروبة أمر سيئ».

وتابع: «الطائفة الإنجيلية اتخذت قرارا بعدم إصدار مثل هذه الشهادات منذ فترة»، لافتا إلى أن من يلجؤون إليها يتحايلون على القانون بإنشاء كيانات وهمية بأسماء كنائس إنجيلية، وأختام ليست للكنيسة، لإصدار هذه الشهادات مقابل مبالغ مالية كبيرة.

وأوضح طلعت أن أغلب المحاكم ودوائر الأسرة لا يعرفون الفروق داخل الكنيسة والمذاهب والمجامع المختلفة، ومن ثم يتم استخدام هذه الشهادت، لافتا إلى أن الكنيسة الأرثوذكسية عملت بعض الحلول، وأن قانون الأحوال الشخصية الجديد لن يكون به بند تغيير الملة، فالزواج والطلاق سيتمان من خلال نفس الطائفة.

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى