الأخبار

ماكين وجراهام .. تناقض مستمر

34

 

المكان: لقاء تليفزيونى داخل مقر «الكونجرس الأمريكى».. الزمان: 2 فبراير 2011، بعد ساعات من لقائه الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى البيت الأبيض.

الحدث: ملايين المصريين يعتصمون فى الشوارع للمطالبة بتنحى الرئيس الأسبق حسنى مبارك، والسيناتور الأمريكى جون ماكين يؤكد أن الفترة التى تمر بها مصر هى الأخطر فى تاريخها الحديث، ويشدد على ضرورة تنحى «مبارك» وتنازله عن الحكم، رغم أن الموقف الرسمى المعلن من الولايات المتحدة هو التأكيد على مطالب الشعب وضرورة تحقيق الديمقراطية.

فى تلك المقابلة، أكد «ماكين» أن المؤسسة العسكرية فى مصر هى القوة الوحيدة المستقرة حالياً، مشيراً إلى ضرورة أن تضمن الولايات المتحدة حفاظ الجيش على موقعه هذا، والاحترام الذى يحظى به من قِبل جميع المواطنين.

ويشدد على أن عدم تنحى «مبارك» قد يوجه الشعب ضد الجيش: «أنا أحترم مبارك، كان له دور كبير بعد اغتيال السادات، كان صديقاً عظيماً للولايات المتحدة، كان صديقاً شجاعاً لإسرائيل وعامل حفظ السلام فى الشرق الأوسط، ولكن للأسف، مكث فى الحكم طويلاً ولم يخطُ خطوة واحدة نحو الديمقراطية»، وهكذا رأى السيناتور الأمريكى الوضع فى مصر وقتها.

تمر الأيام وتظل مواقف «ماكين» تناقض نفسها، وربما يكون الأمر مجرد إصرار على سلوك كل الطرق المعاكسة للطرق، التى يسلكها الرئيس الأمريكى أوباما. مرت الأيام، وأصبحت المؤسسة العسكرية التى سبق وأكد أنها عامل الاستقرار والسلام، هى المؤسسة التى قامت بما سماه «الانقلاب على الشرعية»، يطالب بوقف المعونة الأمريكية معللاً ذلك بأنه لا بد من احترام القوانين الأمريكية فيما يتعلق بالانقلابات العسكرية، ولكن القانون نفسه لا ينص على ضرورة تسمية ما حدث، وهو المخرج الذى فضل الرئيس الأمريكى اتخاذه للحفاظ على العلاقات مع مصر وضمان بقاء أكبر حليف له فى الشرق الأوسط إلى جانبه.

تهديدات «ماكين» بقطع المعونة ربما لم تجد صدى أو اهتماماً فى مصر، ولكنها أيضاً لم تجد صدى واسعاً فى واشنطن نفسها، فصحيفة «دايلى بيست» الأمريكية، تؤكد أن الولايات المتحدة هى من تحتاج لاستمرار المعونة إلى مصر، فالمعونة بمثابة الثمن الذى تدفعه واشنطن للحصول على امتيازات فى العبور من قناة السويس، وضمان أمن إسرائيل من خلال الحفاظ على اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل.

ما بين موقفى السيناتور الأمريكى المتناقضين، مرت واقعة كادت تكون سبباً فى أزمة دبلوماسية بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة، انتشر فيديو الرئيس المعزول محمد مرسى الذى دعا فيه على اليهود وشبههم بالقردة والخنازير، فنقلته الصحف الأمريكية وعلى رأسها «نيويورك تايمز»، ما جعل الإدارة الأمريكية تدين بشدة تلك التصريحات وتطالب باعتذار الرئيس المعزول، ثار العالم كله ضد تلك التصريحات، واصفاً «مرسى» بأنه «معادٍ للسامية»، وخرج من بين هؤلاء من يدين «نوعاً ما» تلك التصريحات، ويعرب عن «تحفظه» عليها، فيما يؤيد تقديم معونة جديدة بقيمة 480 مليون دولار، لإنقاذ الاقتصاد المصرى المنهار. وكان هذا رد فعل السيناتور الأمريكى، الذى خرج يؤكد أنه أدان تصريحات «مرسى» بشدة وانتقدها، ولكن ترك له الأمر فيما يراه جيداً، من حيث الاعتذار من عدمه، وفى الوقت نفسه أكد أنه يدعم اقتصاد مصر وسيدعم اقتراح تقديم المساعدات الأمريكية الجديدة. رد فعل «ماكين» أثار ضده عاصفة من الانتقادات فى الوسط الأمريكى، وكأن الانتقادات الموجهة إليه بالفعل ليست كافية بسبب توجهاته ومشاريع قوانينه التى يتقدم بها إلى الكونجرس الأمريكى، فخرجت المدونات الأمريكية تؤكد أن «ماكين» أعطى «رخصة» لتصريحات «مرسى» المعادية للسامية، ولكن فى المقابل، احتفى نظام الإخوان بتلك التصريحات، وأكد أنها «الأكثر اعتدالاً» من بين تصريحات المسئولين الأمريكان.

لم تكن الانتقادات الحادة من نصيب «ماكين» وحده، فالسيناتور الجمهورى ليندسى جراهام، نال نصيبه هو الآخر من تلك الانتقادات، إذ وصفه الأمريكيون على مواقع التواصل الاجتماعى بأنه «شيطان» يسعى لدمار الحزب الجمهورى من خلال تصريحاته الغريبة والشاذة، وهو نفسه الذى أكد مراراً أن تعامل الإدارة الأمريكية مع الثورة المصرية فى 2011 كان «فاتراً»، ويؤكد الأمريكيون أنه و«ماكين» يدعمان فصيلاً معادياً للأقباط و«يجتز» رءوسهم.

تعقيباً على دعوة النائبين الجمهوريين بقطع المساعدات الأمريكية إلى مصر، قالت مجلة «ذى جويش ويك» الأمريكية، المعنية بأخبار اليهود، إنه على «ماكين» و«جراهام» أن يدركا أن سياسة معارضة قرارات الرئيس الأمريكى باراك أوباما بغض النظر عن صحتها أو خطئها تضر إسرائيل، مؤكدة أنه باعتبارهما صديقين قديمين لإسرائيل، فإن عليهما أن يدركا هذا الأمر جيداً.

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى