الأخبار

استنفار في رابعة وطائرات الجيش تحلّق

14

 

بعد انتهاء المهلة التى حددتها الحكومة لفض اعتصام رابعة العدوية بعد أن أعلن الرئيس المؤقت عدلى منصور عن فشل المفاوضات الدبلوماسية، كثف المعتصمون فى ميدانى رابعة العدوية والنهضة من تواجد اللجان الشعبية حول الاعتصام وقاموا بجلب سيارات تحمل الرمال والزلط إلى محيط الاعتصام ووضعها عند مداخل الاعتصام، كما وضعوا العديد من السواتر الحديدية عند المداخل، فيما تحلق عدد من المروحيات فوق سماء ميدان النهضة.

فى المقابل واصلت قوات الجيش والشرطة إغلاق شارع الدقى بالأسلاك الشائكة والحواجز، بعد أن ترددت أنباء عن تنظيم أنصار الرئيس المعزول المعتصمون بميدان النهضة مسيرة بحى الدقى، الذى يضم عددا من السفارات، فيما حلقت طائرات عسكرية أعلى سماء اعتصام ميدان النهضة، والمعتصمون يرددون هتافات مناهضة للقوات المسلحة.

ووصل ظهر اليوم إلى محيط الاعتصام مسيرة لـ”ألتراس نهضاوى” المنتمية لجماعة الإخوان المسلمين، قادمة من العمرانية ورفعت أعلاما مرسوما عليها ضحايا الإخوان، مرددين هتافات عدائية ضد القوات المسلحة.

ولجأ معتصمو الإخوان المسلمين بميدان رابعة العدوية لإنشاء جدار خرسانى يتعدى مترا، وذلك بعرض مدخل شارع النصر المؤدى للميدان بالقرب من المنصة التى يقيمونها، واستعان المعتصمون بالعديد من المعدات الثقيلة وجرافة لنقل مواد البناء من رمال وأسمنت وزلط وأخشاب وطوب وبراميل المياه، وهذا هو الحاجز الخرسانى الأول فى تاريخ مصر الذى يتم بناؤه بعرض طريق عام، ومع وجود العديد من المنشآت العسكرية القريبة من اعتصامهم. الحاجز الخرسانى ليس القاطع الأول للطرق المؤدية لميدان رابعة العدوية، فهناك حاجز آخر بعرض امتداد شارع النصر وتحديدا أمام النصب التذكارى، مصنوع من أرصفة الطريق وخلفه سواتر رملية ترتفع أمتارا عن الأرض.

وعلى جانب آخر، احتل المعتصمون بميدان رابعة العدوية مركز “طيبة” التجارى، الكائن بين ميدانى رابعة والساعة، كما قاموا بافتراشه من الداخل وتحويله لغرف للمبيت وحمامات، أما عن الحديقة الدولية، فقد قاموا باقتحام أبوابها، وتدمير بعض الزروعات بها، إلى جانب كميات كبيرة من القمامة، وإنشاء خيمة للاستراحة فى مواجهة باب الحديقة.

ووفرت المنصة الرئيسية باعتصام ميدان النهضة بعض الألعاب مثل البلياردو والبينج بونج، ووزعت المشروبات المثلجة على المعتصمين، والهدايا على الأطفال، وذلك لمقاومة رغبة المعتصمين فى الرحيل مع اقتراب انتهاء المهلة التى حددها مجلس الوزراء لفض الاعتصام بعد عيد الفطر مباشرة.

كما وفرت “التكاتك” داخل الاعتصام بالمجان كتب عليها “تكاتك النهضة مجانا”، لخدمة المعتصمين لقضاء احتياجاتهم.

كما وصلت سيارتان محملتان بالألواح الخشبية، فى محيط اعتصام جماعة الإخوان المسلمين بميدان النهضة، وذلك لتدشين خيمة جديدة للتأكيد على مطالبهم بعودة مرسى للسلطة مرة أخرى، فيما طافت مسيرة نسائية منذ قليل محيط اعتصام ميدان النهضة وحملت المشاركات فيها أعلام مصر.

ويأتى الاعتصام فى الوقت الذى أكدت فيه حكومة الدكتور حازم الببلاوى على فض اعتصامى النهضة ورابعة العدوية وعدم التهاون فى هذا الأمر.

ياتي ذلك في وقت عقدت وزارة الداخلية اجتماعاً لبدء تنفيذ خطة فض اعتصامى رابعة والنهضة، صدرت تعليمات إلى قطعات الأمن المختلفة ببدء العمليات المسبقة لفض الإعتصامات.

تتضمن الخطة مشاركة عناصر من الجيش فى عملية الإقتحام، وبدء بالفعل منذ أمس إغلاق بعض الشوارع المؤدية إلى إعتصامى رابعة والنهضة وتحويل المسارات إلى شوارع فرعية أخرى بعيداً عن أرض العمليات.

قالت مصادر أمنية لـ”الوفد” أن خطة فض الإعتصام بدأت بالفعل بإتخاذ الإجراءات التى تسبق عملية الاقتحام.

وكانت قد كشفت صحيفة الشرق الاوسط السعودية عن تفاصيل الخطة المصرية لفض اعتصام جماعة الإخوان المسلمين في ساحة رابعة العدوية، والتي تتضمن «فضا متدرجا»، بدلا من «الفض الحاسم»، للاعتصام الذي يشارك فيه عشرات الآلاف المطالبين بعودة الرئيس السابق محمد مرسي للحكم، بعد أن أطاح به الجيش تحت ضغوط شعبية ضخمة مطلع الشهر الماضي.

ويأتي ذلك بعد يومين من إعلان السلطات المصرية فشل المساعي الدولية لحل الأزمة التي تنذر بدخول البلاد في دوامة من العنف، خاصة بعد أن لوح الإسلاميون بتصعيد عمليات العنف ضد الدولة في حال فض اعتصام رابعة العدوية الذي تتحصن فيه قيادات من الجماعة مطلوبة للعدالة.

وقالت المصادر إن عدة اجتماعات عقدت على مستوى عال بين كبار القادة المصريين خلال الأسبوعين الماضيين «للتعامل مع مشكلة الإخوان»، بالتزامن مع محاولات أجرتها أطراف دولية من الولايات المتحدة وأوروبا انتهت بإصرار الإخوان على رفض الواقع الجديد ورفض فض الاعتصام، مشيرة إلى أن خطة القادة المصريين التي سيجري تنفيذها خلال الـ48 ساعة المقبلة تركز على فض الاعتصام بـ«شكل تدريجي» وليس كما كان يتوقع البعض بـ«الهجوم المباغت أو الضربة الواحدة تجنبا لوقوع عدد كبير من الضحايا». وأضاف أن الاجتماعات، التي شارك فيها قادة من الجيش والأجهزة الأمنية، عقدت بناء على «التفويض الشعبي» الذي حصلت عليه السلطات الجديدة يوم 26 يوليو (تموز) الماضي.

ويعتصم نحو عشرة آلاف من الإخوان أيضا في منطقة ميدان «نهضة مصر» في محافظة الجيزة المجاورة للقاهرة، لكن المصادر قالت إن عملية فض اعتصام النهضة «أيسر بكثير، وأقل كلفة» من فض اعتصام رابعة العدوية الموجود في وسط منطقة سكنية في شرق القاهرة. وأوضح أحد هذه المصادر، وهو مسؤول على صلة بمفاوضات القادة المصريين التي انتهت أمس باعتماد الخطة الجديدة لفض اعتصام الإخوان في رابعة العدوية، أن وزارة الداخلية قدمت تقارير بعد أن كلفها مجلس الوزراء بفض اعتصام رابعة تبين فيها أن عملية الفض ستؤدي لخسائر كبيرة في الأرواح يمكن أن تؤثر على سمعة البلاد.

وراجت في الأوساط العامة المصرية بشكل كبير أنباء عن وجود خلافات بين الحكام الجدد تدور حول الطريقة المثلى للتخلص من «بؤر الإخوان» التي قام أنصار الرئيس السباق بتحصينها بأكياس الرمل والمتاريس في القاهرة والجيزة والتي يشتبه في أنها تحتوي على أسلحة أيضا.

وخرجت تسريبات عن أن الخلافات تتركز بين «الصقور والحمائم»، مشيرة إلى أن فريق الصقور يضم رئيس الحكومة الدكتور حازم الببلاوي وعددا من نوابه ووزرائه، على رأسهم وزيرا الدفاع والداخلية، في مقابل فريق الحمائم الذي يضم الرئيس المؤقت عدلي منصور ونائبه الدكتور محمد البرادعي، لكن المصدر الذي تحدث شريطة عدم تعريفه شدد على أنه لا توجد خلافات بين البرادعي والجيش والرئاسة والحكومة، مشيرا إلى أن الأيام الماضية شهدت اجتماعات مكثفة شاركت فيها كل هذه القيادات جرى خلالها دراسة قضية رابعة العدوية بشفافية ومسؤولية.

وأضاف أن تقارير وزارة الداخلية التي جرى تقديمها ودراستها من جانب كبار المسؤولين قدرت أن «فض الاعتصام بالقوة وبشكل سريع سيسفر عن قتلى يتراوح عددهم بين 3 آلاف و5 آلاف شخص»، مشيرا إلى أن جانبا مما دار في هذه الاجتماعات انتهى إلى الآتي: «إذا سقط عدد كبير من الضحايا سنكون في وضع حرج، ولا نريد أن يكون لدينا مشكلة اقتصادية مع العالم». وتابع المصدر قائلا: «أصبح يوجد في مصر ما يمكن أن تسميه شعرة معاوية، نريد أن نحافظ عليها، ليس من أجل الإخوان، ولكن من أجل مصلحة الدولة».

وتابع قائلا إنه بعد دراسة تقديرات وزارة الداخلية للفض السريع لاعتصام رابعة العدوية «والذي سيسقط فيه عدد كبير من الضحايا»، انتهى الرأي إلى أن هذا الخيار «ربما سيمثل وصمة عار في جبين مصر، وستستغله قوى خارجية ضد الدولة، بينما نريد أن نظهر بصورة حضارية أمام العالم».

وأضاف المصدر أنه، ولهذه الأسباب: «جرى اعتماد الخطة البديلة لفض الاعتصام»، ومن بين عناصر هذه الخطة أن «الذي يخرج من اعتصام رابعة العدوية لن يسمح له بالدخول إليه مرة أخرى، مع منع دخول الطعام للمعتصمين، وكذا اللجوء لقطع المياه والكهرباء عن الساحة التي يوجد فيها المعتصمون»، وتتضمن الخطة أيضا ضرب المعتصمين بمدافع المياه وقنابل الغاز المسيل للدموع، ووسائل أخرى مما يستخدم في فض الاعتصامات والمظاهرات التي تعطل الطرق كما يحدث في كل بلدان العالم»، مشيرا إلى أن «هذه العملية ستستمر على فترات وربما تستغرق عدة أسابيع أو شهرا، لكن الخطة الموضوعة لها سقف زمني يصل مداه إلى ثلاثة أشهر».

وقال المصدر إن اللجوء لهذا الخيار عززته أيضا التقارير الأمنية التي رصدت هشاشة الوضع في رابعة العدوية في الأسبوع الأخير مقارنة بما كان عليه في بداية الإطاحة بمرسي، مشيرا إلى أن «خطاب قيادات الإخوان من على منصة رابعة العدوية أصبح يصيب أنصار الجماعة بالملل، خاصة بعد أن وعدت تلك القيادات أنصار الإخوان أكثر من مرة بقرب عودة مرسي، بداية من يوم 17 رمضان وعيد الفطر مرورا بليلة القدرة، دون أن يحدث أي شيء».

وتابع المصدر موضحا أن التقارير الأمنية رصدت كذلك «زهق معتصمي رابعة وانخفاض أعدادهم بسبب النوم في الخيام وفي العراء. ولذلك ستبدأ إجراءات شاملة من التضييق على الإخوان لإجبارهم على العودة إلى بيوتهم والقبض على المطلوبين من القيادات التي تحرض على العنف. وتبدأ الخطة خلال 48 ساعة، ولن يكون هناك طعام يسمح بدخوله لمقر الاعتصام وستقطع عنهم المياه والكهرباء».

وتقع ساحة رابعة العدوية على تقاطع شارعي «الطيران» و«طريق النصر» ويحيط بها أربع مربعات سكنية تضم أكثر من 15 عمارة ويقدر عدد الشقق فيها بنحو 300 شقة يستأجر الإخوان عددا منها لإقامة القيادات، ويعتقد أنها تحولت بمرور الوقت لمقار للإمداد والتموين وتخزين الأسلحة للدفاع عن المعتصمين في حال هجوم قوات الأمن لفض الاعتصام بالقوة.

وفيما يتعلق بمصير عدة آلاف من سكان منطقة رابعة العدوية ممن يمكن أن يتضرروا من حصار المعتصمين، خاصة في حال قطع الخدمات أو منع الدخول للمنطقة، قال المصدر إنه «خلال تنفيذ خطة فض الاعتصام ستكون هناك ممرات آمنة بالتعاون مع منظمات حقوق الإنسان، لدخول السكان وخروجهم». وأضاف بالنسبة لقطع المياه والكهرباء أنه سيجري تنفيذه بطريقة احترافية بحيث تصل إلى الشقق السكنية فقط دون الساحة التي يوجد فيها المعتصمون.

ومع ذلك أعرب رئيس الوزراء، الببلاوي، عن أمله في أن يتدخل صوت العقل من أجل إنقاذ الموقف وفض الاعتصام بشكل سلمي، قائلا في تصريحات تلفزيونية الليلة قبل الماضية عن قضية اعتصام رابعة العدوية إن «اللحظة التي تجنبتها الحكومة كثيرا قد اقتربت، وسيتم اتخاذ إجراءات تجاه اعتصامات مؤيدي الرئيس السابق»، مشيرا إلى أن «الشعب المصري فوض الجيش والشرطة لمواجهة الإرهاب وأعمال العنف، ومن ثم فوض مجلس الوزراء وزير الداخلية في فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة».

وتقول جماعة الإخوان والتيارات الإسلامية التي تناصرها إن مظاهراتها واعتصاماتها سلمية، وإنها لا تنتهج العنف. لكن خطابات قادة من الجماعة يحذرون من «توريط البلاد في حرب أهلية» ويهددون بالمواجهة و«الاستشهاد» والتصعيد ضد الشرطة والمسيحيين المصريين خاصة في محافظات الصعيد (جنوبا)، وفي سيناء التي تشهد مطاردات بين قوات الأمن والمتشددين الإسلاميين منذ الإطاحة بمرسي.

الواقع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى