الأخبار

عماد جاد يكتب: الحرب الأهلية

14

يتحدث الإخوان عن الحرب الأهلية ببساطة شديدة، يتحدثون عنها وكأنما يتحدثون عن أمر عادى أو معتاد، تحدثوا كثيرا عن أن مصر يمكن أن تشهد حربا أهلية، قالوا ذلك بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير ٢٠١١ عندما بدؤوا فى وضع أساس الدولة الدينية، وقالوا إن كل من يعمل على مواجهة مشروعهم سوف يتسبب فى حرب أهلية فى البلاد، وكرروا ذلك قبيل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية التى جرت بين مرشحهم محمد مرسى والفريق أحمد شفيق. الجديد هنا هو حديث الجماعة عن أن عدم إعلان فوز مرسى بالمنصب سوف يؤدى إلى حرب أهلية يبادرون هم بإشعالها، هددوا المجلس العسكرى بقيادة المشير طنطاوى بذلك، فرضخ لتهديداتهم وسلم السلطة لمرشحهم محمد مرسى. وعندما اصطدمت الجماعة بكل فئات المجتمع المصرى وبدأ الجيش يضغط على محمد مرسى كى يتجاوب مع بعض مطالب المعارضة، عادت الجماعة إلى ممارسة نفس اللعبة مع القوات المسلحة المصرية، فقد هدد خيرت الشاطر، نائب المرشد ورجل الجماعة القوى، هدد وزير الدفاع باندلاع حرب أهلية فى البلاد، مؤكدا له أن هناك عشرات الجماعات المسلحة التى سوف تشن اعتداءات على المجتمع وسلسلة تفجيرات تدفع البلاد دفعا نحو حرب أهلية، وهو ما لم يقبله وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسى الذى شدد على أنه لن يسمح بترويع المصريين، كما أن الرجل يعلم تماما أن مصر محصنة إلى حد بعيد عن الحرب الأهلية لاعتبارات عديدة منها توافق غالبية المصريين على طبيعة الدولة المصرية التى يريدونها مدنية حديثة قائمة على المواطنة وحكم القانون، أيضا يدرك الرجل كعسكرى مصرى أن الجيش يمثل الضمانة الرئيسية فى مواجهة كل محاولات التمزيق والتقسيم، وأيضا مشروعات الجماعة الأممية وأخيرا الحرب الأهلية التى يلوح بها الإخوان طوال الوقت، فالجيش المصرى هو جيش وطنى يستند إلى مبدأ وأساس المواطنة، وغير قائم على أساس من دين، طائفة أو عرق، هو جيش كل المصريين، كما أن الجيش هو عماد الدولة المركزية فى مصر، ومن ثم يعلم قدر البلاد تماما وينطلق من الإيمان المطلق بالوطن.

لوحت الجماعة بالحرب الأهلية عندما بدا فى الأفق ما يوحى بأن الجيش سيحمى الشعب ويلبى إرادته فى إزاحة الجماعة من السلطة، تحدث قادة الجماعة عن الحرب الأهلية فقالوا إن إقالة مرسى سوف تؤدى إلى حرب أهلية فى مصر، رددوا هذه المقولة، شنوا الغارات على الجيش فى شمال سيناء، استغلوا تسلل مئات المقاتلين التابعين لتنظيم القاعدة وتهريب السلاح من ليبيا لشن سلسلة اعتداءات على الجيش المصرى، وخرج علينا البلتاجى ليقول أعيدوا مرسى إلى السلطة وفى نفس «الثانية» تتوقف العمليات العسكرية فى سيناء. فى نفس الوقت حركوا أعدادا كبيرة من المواطنين فى عدد من المحافظات وفى عدة ميادين فى القاهرة، منهم من يتبع الجماعة ومنهم قواعد لأحزاب سلفية، ومنهم من تم حشده بمقابل، تجمعوا واعتصموا فى محاولة لشل قدرات البلاد وتقطيع شرايينها، حاولوا التحرش بالمؤسسة العسكرية وفسلوا فشلا ذريعا، تحدثوا كثيرا عن الحرب الأهلية فتحول المزاج العام للمصريين إلى تأييد فض الاعتصامات وسحق رؤوس الجماعة.

سعت الجماعة لمخاطبة الخارج، الغرب تحديدا، فردد وراءها الحديث عن حرب أهلية فى مصر، ردد الأقوال دون وعى مستحضرا النموذج السورى قافزا فوق حقائق مصرية تقول بأن مصر دولة مركزية قديمة، وأن الجيش المصرى لا يستند إلى أسس عرقية، لغوية، جهادية أو دينية، بل هو جيش يعكس السبيكة الوطنية المصرية، وأن الجماعة تظل فصيلا مصريا محدود العدد، يمكن أن تشن من خلال فصائل جهادية، هجمات على الجيش فى سيناء، يمكن أن تقوم بعمليات تفجيرية واغتيالات، لكنها أبدا لا يمكن أن تدخل مصر فى حرب أهلية، وما حديث الجماعة المتكرر عن الحرب الأهلية فى مصر إلا حديث مبرمج وموظف هدفه فرض ما تريد الجماعة على المجتمع والدولة عبر التهديد بالدم والنار، وهو حديث يفقد أى محتوى حقيقى، فمصر بعيدة كل البعد عن الحرب الأهلية بالمفهوم اللبنانى، اليوغوسلافى، العراقى، أو السورى، وكل ما يمكن أن يحدث فى مصر هو ظهور جماعات إرهابية مسلحة تشن عمليات إرهابية ضد المصريين، سرعان ما يتم توقيف أعضائها والقبض على خلاياها على غرار ما حدث فى نهاية السبعينيات وأواخر التسعينيات من القرن الماضى..

 

التحرير

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى